النفط يوقظ العالم: أوروبا مُربَكة وسط خطط استخراج بريطانية وأميركية

10 مارس 2022
محطة محروقات في بلجيكا (Getty)
+ الخط -

يتلقى العالم الصدمة النفطية بطرق مختلفة فيما تتزايد التصريحات والتحركات في محاولة لسد الفجوة التي تحدثها العقوبات الأميركية والبريطانية على النفط الروسي، وسط ارتفاع سعر النفط إلى ما فوق 125 دولاراً وتوقعات شح المعروض.

وفيما لا تزال أوروبا مربكة في تحديد خطواتها المقبلة، أكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، اليوم الخميس، التزام الإمارات بحصص إنتاج تحالف "أوبك+" بقيادة السعودية وروسيا، بعد ساعات من قول سفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة في بيان مفاجئ: "نحن نفضّل زيادة الإنتاج وسنشجع أوبك على النظر في مستويات إنتاج أعلى". 

وقال مصدر إماراتي مطلع لـ"رويترز"، اليوم الخميس، إنّ الإمارات لن تتصرف بشكل منفرد وترفع إنتاج النفط. وأضاف المصدر، الذي اشترط عدم كشف هويته، أنّ الإمارات لا تزال ملتزمة بتحالف "أوبك+"، وأنّ وزارة الطاقة وحدها المسؤولة عن سياسات البلاد النفطية. 

وأعلنت وزيرة التحول البيئي الفرنسية باربرا بومبيلي، التي تتولى بلادها حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أنّ دول التكتل الـ27 لا يمكنها أن تفرض حظراً تاماً على وارداتها من النفط والغاز الروسيين على غرار ما فعلت الولايات المتحدة.

وذكرت، في مؤتمر صحافي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أنه رغم قرار واشنطن ولندن وقف وارداتهما من الغاز والنفط الروسيين، الأولى فوراً والثانية بحلول نهاية العام، فإنّ الاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد أكثر بكثير منهما على مصادر الطاقة الروسية ليس جاهزاً لأن يحذو حذوهما، لكنه مع ذلك قرر التصرف بطريقة يخفض فيها مشترياته من الغاز الروسي بمقدار الثلثين اعتباراً من هذا العام.

وشددت على أنّ "الاتحاد الأوروبي سيتخذ إجراءات شديدة للغاية"، موضحة أنه "من الآن وحتى نهاية العام ينبغي أن ننجح في الاستغناء عن ثلثي وارداتنا من الغاز الروسي".

وقالت الوزيرة الفرنسية إنّ "الرئيس الأميركي جو بايدن قال في وقت سابق إنّ الوضع في الولايات المتحدة لا تمكن مقارنته بالوضع في أوروبا، وإنه لم يكن ينوي أن يطلب منا أن نتخذ قراراً من نفس النوع".

تجدر الإشارة إلى أنّ الرئيس الأميركي أعلن الثلاثاء الماضي فرض حظر على واردات الولايات المتحدة من المحروقات الروسية، بينما تعهدت بريطانيا أن تفعل ذلك بحلول نهاية العام.

ويمثل النفط الروسي 8% فقط من واردات الولايات المتحدة من الذهب الأسود، أما الغاز الروسي فلا تستورده الولايات المتحدة بتاتاً. في المقابل، يستورد الاتحاد الأوروبي من روسيا 45% من مشترياته من الغاز والفحم و25% من مشترياته من النفط.

وفي إطار سعيها لتخفيف هذه التبعية الأوروبية لروسيا في مجال الطاقة من دون أن تعرض في الوقت نفسه اقتصادات دولها للخطر، اقترحت بروكسل على الدول الـ27 تنويع إمداداتها وزيادة احتياطياتها وترشيد استهلاكها الطاقة.

ومن المقرر أن تلتقي بومبيلي في واشنطن اليوم الخميس وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم.

بدورها، تعد الحكومة البريطانية استراتيجية جديدة للطاقة تهدف إلى استعادة زخم عمليات استخراج النفط في بحر الشمال عقب إعلان وقف استيراد الخام والمنتجات النفطية الروسية الثلاثاء.

وتناول وزير الصناعة والطاقة كواسي كوارتنغ اتجاهات الاستراتيجية الجديدة الأربعاء خلال جلسة أسئلة وأجوبة في البرلمان، قائلاً إنّ تفاصيلها ستعلن "في الأيام المقبلة".

ولم يستبعد كوارتنغ ولا رئيس الوزراء بوريس جونسون رفع حظر على التكسير الهيدروليكي في بريطانيا، مع تأكيد الوزير البريطاني أن موقف الحكومة هو دائما أن استخراج النفط الصخري والغاز ممكن في البلاد إذا كان يمكن القيام به "بطريقة آمنة".

ويقول المدافعون عن البيئة إنّ التكسير الهيدروليكي يسبب هزات أرضية وزلازل بالإضافة إلى خطر التلوث الذي يشكّله، كما أنه لا يساهم في زيادة إمدادات الطاقة بشكل كبير.

كذلك، شدد الوزير على نقطتين أخريين في الاستراتيجية النووية: تسريع الاستثمار في الطاقات المتجددة والقدرة النووية.

وتعمل بريطانيا على تطوير قدرتها النووية، وهي تسعى إلى بناء مفاعلات صغيرة بدلا من محطات الطاقة التقليدية من حيث الحجم.

وأكد ناطق باسم رئيس الوزراء أنه مع الغزو الروسي لأوكرانيا وما تلاه من ارتفاع أسعار النفط والغاز "نحتاج إلى التخلص من اعتمادنا على الهيدروكربونات الروسية، وأعتقد أن رئيس الوزراء يبحث في كل الخيارات".

وأكد كوارتنغ خلال الجلسة الأربعاء أنه "يمكن تلبية الطلب (البريطاني) ببدائل" للمحروقات الروسية. ويلبي النفط الروسي 8 في المئة من إجمالي الطلب البريطاني والغاز 4 في المئة منه.

وقال وزير الصناعة والطاقة "نحتاج إلى مزيد من النفط والغاز المنتجين في بحر الشمال في الوقت الذي ننتقل إلى طاقة نظيفة".

وبما أن البلاد تعهدت أن تكون محايدة للكربون بحلول العام 2050 وخبراء البيئة يدعون إلى وقف التنقيب في بحر الشمال، قال كوارتنغ إنّ "وقف الإنتاج المحلي كما يطلب البعض سيكون خطأ".

كذا، طلبت وزيرة الطاقة الأميركية من شركات النفط في الولايات المتحدة إنتاج المزيد من النفط بهدف تخفيف الاضطرابات في السوق، الناجمة عن الحرب في أوكرانيا والحظر الأميركي على الصادرات الروسية.

وقالت جنيفر غرانهولم، خلال كلمة في مؤتمر في هيوستن بولاية تكساس: "نحتاج إلى المزيد من الإمدادات".

وأضافت أمام مسؤولين في هذه الصناعة "نحن في حالة حرب. علينا زيادة العرض قصير الأجل بشكل مسؤول، حيث نستطيع، من أجل تحقيق الاستقرار في السوق وتقليل الضرر الذي يلحق بالعائلات الأميركية".

ورغم ارتفاع الأسعار، رفضت مجموعات النفط حتى الآن تسريع وتيرة إنتاجها قائلة إنها تخشى تحولاً محتملاً في مسار السوق إذا أصبح العرض وفيراً جداً.

وأكدت غرانهولم أن الحاجة إلى إمدادات الوقود الأحفوري على المدى القصير لن تؤثر على التزام حكومة بايدن بالتحول في قطاع الطاقة.

وأضافت "نحن جادون بشأن خفض انبعاثات الكربون (...) يمكننا القيام بالأمرين في الوقت نفسه. اليوم نحتاج إلى زيادة إنتاج الغاز والنفط لتلبية الطلب".

وارتفع استهلاك الوقود الأسبوع الماضي في الولايات المتحدة مقارنة بالأسبوع السابق، ولا يبدو حتى الآن أنه يتأثر بارتفاع الأسعار في محطات الوقود.

وسجّلت أسعار الوقود الأربعاء رقماً قياسياً جديداً في الولايات المتحدة مع وصول الغالون (3,78 ليترات) إلى 4,25 دولارات، وهو ارتفاع بنسبة 22% عن الشهر السابق.

المساهمون