المليارديرات في خطر... 1.4 تريليون دولار خسائر وأصحاب الثروات عاشوا الأسوأ منذ 100 عام
واجه مديرو الثروات وأصحابها في عواصم المال العالمية أسوأ فترة استثمارية منذ مئة عام خلال العام الماضي 2022 بسبب الخسائر الضخمة التي تكبدتها أسواق الأسهم والسندات جراء ارتفاع معدلات التضخم وعمليات البيع المكثفة التي شهدتها الأصول وأضرّت كثيراً بعائدات البنوك الخاصة وشركات إدارة الثروات.
ورغم بعض التوقعات المتفائلة في 2023 لا يتوقع خبراء المال ومديرو الأموال أن يكون العام الجاري أفضل حالاً من العام الماضي ما لم توقف الحكومات زيادات أسعار الفائدة على عملاتها ويتراجع الدولار وتهدأ الأسواق الناشئة وتعود الصين إلى النشاط الطبيعي بعد السيطرة على جائحة كورونا.
وحسب نشرة "ماركت ووتش" الأميركية خسرت العائلات الأميركية نحو 13.5 تريليون دولار من القيمة الحقيقية لثرواتها بين يناير/ كانون الثاني وسبتمبر/أيلول من العام الماضي، كما خسر كبار الأثرياء نحو 1.4 تريليون دولار. ويعد هذا التراجع الأكبر في حجم الثروة الأميركية منذ العام 1959.
ووفق بيانات " وول ستريت"، تراجعت قيمة الأصول في سوق المال الأميركي "وول ستريت" بنحو 6 تريليونات دولار، بينما ارتفعت المطلوبات إلى نحو 900 مليار دولار.
وفي أوروبا التي عانت من اضطراب الحرب الروسية في أوكرانيا وأزمة الطاقة وهروب المستثمرين من أسواقها وتراجع سعر صرف اليورو، عاشت الأسهم الأوروبية أسوأ عام لها منذ العام 2018، حيث تراجع مؤشر "ستوكس 600 "، المؤشر الرئيسي لأسواق المال في أوروبا بنسبة 12.76%. مع هروب كبار المستثمرين من الأسواق الأوروبية إلى السوق الأميركي على أمل تحقيق عوائد بالدولار.
ويرى خبراء المال وإدارة الثروات أن التضخم تحديداً الذي بلغ 10% في أوروبا و9% في أميركا، كان أكبر التحديات التي واجهت مديري الثروات في العام الماضي ومثل معضلة حقيقية أمام الحفاظ على القيمة الحقيقية للثروات من التآكل.
وعادة ما يقود التضخم المرتفع إلى تناقص القيمة الحقيقية للثروة، خاصة عندما تفوق نسبته كثيراً العائد الاستثماري، كما كان الحال في العام الماضي.
يضاف إلى ذلك أن مديري الثروات خسروا كذلك من قيمة استثماراتهم في الأسواق الناشئة بسبب التدهور الكبير في العملات وسياسة الاحتياط الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية التي دفعت لانهيار العديد من العملات.
وبينما واجه مديرو الثروات قلة الأدوات الاستثمارية المتاحة، أو " الملاذات الآمنة" التي يمكن الاختباء فيها من التضخم، عانوا كذلك من فقدان التوازن بتنويع الاستثمارات بين الأسهم والسندات، حيث إن كلتا الأدوات الثابتة والأسهم كانت مضطربة بدرجات كبيرة وتحقق خسائر.
في هذا الشأن قال رئيس مصرف بيكتيه الاستثماري السويسري المتخصص في إدارة الثروات الخاصة ويشرف على 635 نحو مليار دولار، رينو دي بلانتا، "لقد كان العام 2022 أخطر الأعوام على الثروات منذ ما يقرب من 100 عام".
وأضاف دي بلانتا، مستشهداً بمثال تقسيم المحفظة بالتساوي بين السندات والأسهم: "بالنظر إلى الأمر ببساطة، كان من الممكن أن يخسر العديد من المستثمرين من القطاع الخاص أكثر من ربع ثرواتهم الحقيقية المعدلة حسب التضخم".
وعادة ما يتحرك المديرون في إدارة الأصول في اتجاهين، هما السندات والأسهم. وفي العام الماضي كانت الخسائر كبيرة في كل من أسواق الأسهم الرئيسية والسندات في أوروبا وأميركا، مما حرم مديري الاستثمار التوازن في تنويع الاستثمار والتنقل بين السندات والأسهم.
من جانبه قال كبير مسؤولي الاستثمار في البنك السويسري الخاص لومبارد أودييه الذي يدير نحو 300 مليار دولار، ستيفان مونييه، إن عام 2022 كان واحداً من أسوأ ثلاث سنوات منذ العام 1926 التي حققت فيها كل من الأسهم والسندات "عوائد سلبية كبيرة ".
وحسب بيانات "فاينانشيال تايمز" البريطانية انخفض مؤشر " أم أس سي أي" العالمي الذي يتتبع أسواق الأسهم العالمية بنسبة 14 في المئة، في حين تراجع مؤشر الدخل الثابت العالمي، أي السندات بنسبة مماثلة.
من جانبها، تقول شركة حساب المخاطر المالية اللندنية، "آست ريسك كونسلتنت"، إن أصحاب الثروات خسروا نحو 20% من ثرواتهم الحقيقية في العام الماضي 2022. وقالت إن العام الماضي شهد تراجعاً في جميع أنواع الأدوات الاستثمارية.
لكن شركة المخاطر البريطانية تشير إلى أن بعض مديري الاستثمار فطنوا إلى المخاطر المحدقة بالأسواق وأخفوا ثرواتهم في الذهب وأسهم الطاقة.
كما يرى خبير مصرف لومبارد أودييه، ستيفان مونييه أن العام الماضي كان من الأعوام المربحة لصناديق التحوط التي استفادت من الاضطراب في أسواق المال وحققت أرباحاً من ذلك.
وفيما يتعلق بتحديات العام 2023 فحتى الآن لا توجد مؤشرات إيجابية بالنسبة للمستثمرين في العام الجاري الذي من المتوقع ان يواجه فيه المستثمرون ومديرو المحافظ المالية البيئة الاستثمارية المضطربة، وربما تجد شركات إدارة الثروات الخاصة صعوبة في جذب مستثمرين جدد بعد الخسائر التي تعرض لها اصحاب الأموال في العام الماضي.
ويتوقع تحليل " فوربس" أن تتمكن شركات إدارة الثروات التي لديها مستشارون ماليون بارعون وخبرات ودربة من جذب العديد من المستثمرين الشباب الذين تعرضوا لخسائر فادحة في العام الماضي.