ينتظر أن ينظر مجلس الحكومة المغربية الأسبوعي الذي سيعقد اليوم الخميس في مشروع قانون يتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية. ويواجه المغرب صعوبات في توفير الأطباء الذين يمكنهم الاستجابة لارتفاع الحاجيات، في ظل السعي لتعميم التغطية الصحية ومعالجة الفوارق في الولوج إلى العلاجات التي كشفتها جائحة كورونا.
وشرعت وزارة الصحة منذ عامين بالحديث عن وظيفة صحية عمومية، من مقوماتها تقديم تحفيزات للموظفين، وتبني معايير موحدة لتدبير الموارد البشرية وخلق نوع من التكامل بين الممارسة في القطاع العام والقطاع الخاص.
ويسعى المغرب عبر قانون للوظيفة الصحية لتقليص النقص على مستوى الموارد البشرية وإصلاح نظام التكوين، والانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية وحثّ الأطر الطبية العاملة في الخارج على العودة إلى المغرب.
وتراهن الحكومة على بلوغ 23 موظفاً لكل عشرة آلاف مواطن في أفق 2025 و45 طبياً لكل عشرة آلاف مواطن في أفق 2030، كما يوصي بذلك تقرير النموذج التنموي الجديد.
وعمدت في مشروع الموازنة الذي يناقشه البرلمان في الفترة الحالية إلى زيادة مخصصات قطاع الصحة إلى 2.81 مليار دولار في العام المقبل، مقابل 2.35 مليار دولار في العام الحالي، بزيادة بنسبة 19.5 في المائة.
وتشير التقديرات إلى أنه في الوقت الذي تتوافر المملكة على حوالى 28 ألف طبيب وطبيبة، هناك حوالى 14 ألف طبيب مغربي يعملون في الخارج، بل من بين 2200 خريج، هناك 600 يبحثون عن فرص عمل في الخارج.
وقررت الحكومة تخصيص 5500 وظيفة للقطاع الصحي في العام المقبل، وهو ما بررته بالرغبة في الاستجابة للحاجات على مستوى الموارد البشرية، وخاصة في ظل الرغبة في سد النقص على مستوى الأطر الطبية وشبه الطبية.
وكان وزير الصحة خالد أيت الطالب، قد ذهب إلى أن حاجات المملكة من المهنيين تصل إلى 97,566 مهنياً في قطاع الصحة، حيث يتوزع ذلك بين 32,522 طبيباً وطبيبة و65,044 ممرضاً وممرضة، علماً أنّ المغرب يخصص 1.7 طبيب لكل 1000 من الساكنة، بينما يحتاج إلى 2.75 طبيب لكل 1000 من الساكنة.
ويجب، حسب مهنيين، تعزيز التدريب في المجال الصحي، حيث ما زال المغرب بعيداً عن بلوغ هدف تدريب 3300 طبيب في العام، حيث يمكن في حال تعزيز التدريب وتوفير تحفيزات مالية إغراء الأطباء بالبقاء في المملكة، ما يجعل الحاجة للأطباء الأجانب ضئيلة.
ولم يخف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أول من أمس، في الجلسة الشهرية بالغرفة الثانية للبرلمان، التي خصصت للحوار الاجتماعي، نوعاً من القلق في ما يتصل بجذب الأطباء الذين يمكنهم مواكبة السياسة الصحية التي يطبقها المغرب.
وتحدث عن التعقيد الذي يميز القطاع الصحي، قياساً بالقطاعات ذات الطبيعة الاجتماعية الأخرى، مؤكداً أن الحكومة تواجه تحدي إقناع الأطباء بعدم الالتفات للاغراءات المالية التي تأتيهم من الخارج.
وذكّر بالتدابير التي انخرطت فيها الحكومة بهدف تحسين وضعية العاملين في القطاع الصحي، حيث تحدث عن زيادة راتب الطبيب بحوالى 380 دولاراً في الشهر، اعتباراً من العام المقبل، ورفع تعويضات الأخطار المهنية التي تستفيد منها الأطر الصحية، والعمل على ترقية الممرضين.
كان وزير الصحة خالد أيت الطالب، قد ذهب إلى أن حاجات المملكة من المهنيين تصل إلى 97,566 مهنياً في قطاع الصحة
ويعتبر الخبير الاقتصادي مصطفى ملغو، أن الجائحة كشفت عن نقص كبير على مستوى الأطباء والممرضين في المغرب، ما يستدعى توفير ظروف عمل ملائمة لضمان بقاء المتوافرين حالياً وجذب موظفين جدد.
وتضع منظمة الصحة العالمية المملكة ضمن البلدان السبعة والخمسين عبر العالم، الذين يقدمون خدمة صحية غير كافية، علماً أن السعي لتعميم التغطية الصحية سيرفع الضغط على النظام الصحي في المملكة في الأعوام المقبلة.
ويرى ملغو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الصعوبات التي يمكن أن يواجهها المغرب في الاحتفاظ بموارده البشرية الوطنية وجذب أطباء مغاربة عاملين في الخارج، تأتي من أنّ العديد من البلدان، وخاصة في أوروبا، أضحت تقدّم إغراءات مهمة إلى تلك الكفاءات بعدما تجلى لها حجم النقص الذي تعاني منه.
ويتجه المغرب نحو تدارك النقص على مستوى الموارد البشرية، بالاستعانة بأطباء أجانب، الذي سيتأتى لهم ممارسة المهنة بالشروط نفسها التي تسري على زملائهم المغاربة، غير أن ذلك يستدعي تعديل القوانين المنظمة للمهنة.
غير أنه إذا كانت الكفاءات الأجنبية ستُسهم في سد جزء من النقص، إلا أن المهنيين يتصورون أنه يجب قبل ذلك إيلاء العناية بالأطباء والممرضين المحليين الذين كان لهم دور كبير في مواجهة الجائحة الصحية على مدى أكثر من عام.