لم يتخلص المغرب من تدخل الوسطاء غير المعتمدين في سوق الخضروات والفواكه، ما يؤجج القلق من ارتفاع الأسعار، في ظل تأخر سقوط الأمطار، الأمر الذي قد يفضي إلى انخفاض عرض بعض السلع.
ويأتي التخوف من إمعان الوسطاء في التدخل برفع الأسعار في سياق متسم بمستوى التضخم الذي يساهم فيه الغذاء بشكل حاسم منذ العام الماضي.
ويسجل مراقبون أن انخفاض معدل التضخم إلى 4,3 في المائة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من 10 في المائة في فبراير/ شباط، لا يعني انخفاضاً في أسعار المنتجات، خاصة الغذائية منها، وهو ما يعزى إلى اختلالات قنوات التوزيع.
وكانت موجة غلاء قد مست الخضر واللحوم منذ بداية العام الحالي، والتي يتضرر منها المنتجون الصغار والمستهلكون، بسبب عدم تنظيم السوق، ما يحرم المزارعين من إيرادات مهمة، ويثقل على القدرة الشرائية للأسر.
وعمدت الحكومة بعد الارتفاع الكبير لأسعار الخضر والفواكه واللحوم منذ بداية العام الجاري، إلى تحميل المسؤولية للوسطاء والمضاربين، حيث لوحت بملاحقتهم.
دفع ذلك وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، في بداية العام إلى الدعوة إلى تبني قانون يحول المضاربين إلى تجار، علماً أن الوزير كان قد أكد أن الوسطاء والمضاربين يساهمون في زيادة أسعار الخضر في السوق بنسبة 35 في المائة.
وينتظر أن يواصل تدخل الوسطاء في السوق، المساهمة في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، خاصة في ظل تأثر الإنتاج بقلة سقوط الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، ومستوى أسعار المدخلات المرتفع.
ويحمّل التجار في سوق الجملة بالدار البيضاء، التي تعتبر أكبر سوق في المغرب، مسؤولية ارتفاع الأسعار إلى ضعف تنظيم عملية التسويق الذي يتيح للوسطاء التدخل، بهدف زيادة الأسعار التي تثقل على الأسر.
ويعتبر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أن الوسطاء غير طارئين في السوق المغربي، فقد كانوا حاضرين في العديد من القطاعات بتكليف من الدولة، بهدف تجميع بعض السلع مثل الحبوب.
ويرى في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه بعد تحرير أسواق العديد من السلع بقي الوسطاء يمارسون عملية التدخل في السوق، خاصة في ظل عدم نجاح السياسة الفلاحية في الوفاء بالتزاماتها على مستوى التجميع، أي تنظيم العلاقة بين المنتجين والذين يتولون التحويل والمستهلكين.
وكانت مهمة استطلاعية برلمانية قد خلصت إلى أن العديد من المنتجين يبيعون سلعهم خارج أسواق الجملة، بهدف تفادي أداء رسوم بنسبة 7 في المائة، وتوسيع هوامش أرباحهم، حيث توصلت إلى أن 70 في المائة من السلع الفلاحية تباع خارج الأسواق.