المغرب: بدائل لطي صفحة الغاز الجزائري

17 نوفمبر 2021
محطة كهرباء في الدار البيضاء (Getty)
+ الخط -

لم يكشف المغرب بعد عن الدول التي ستزوده بالغاز من أجل توفير جزء من كهربائه، بعد توقف تدفق الغاز الجزائري بفعل نهاية العمل بالأنبوب المار بالأراضي المغربية ويصل إلى إسبانيا، إلا أن الحكومة بدأت في اتخاذ تدابير لطي صفحة الغاز القادم من الجارة الشرقية، التي توترت العلاقات معها في الأشهر الأخيرة.

يساهم الغاز الجزائري بنسبة 10% في إنتاج الكهرباء بالمغرب، غير أن وزيرة الطاقة ليلى بنعلي قالت، خلال جسلة لمجلس النواب أخيراً، إنه تم الاعتماد على القدرة الوطنية، من دون تفاصيل، لافتة كذلك إلى تراجع الطلب على الكهرباء بسبب جائحة كورونا.

ويبدو أن المغرب قد تحسب لوقف إمدادات الغاز الجزائري، وفق مصادر مطلعة، فيما اعتبر مكتب الماء والكهرباء ومكتب الهيدروكاربورات والمعادن أن هناك تأثيراً ضعيفاً لتوقف هذه الإمدادات، التي كانت محطتان للكهرباء شرقي المملكة تعتمد عليها.

وقال مصدر فضل عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المكتب الوطني للكهرباء ووزارة الطاقة عمدا في الفترة السابقة إلى تكوين مخزون من الغاز من أجل تزويد المحطتين الواقعتين شرقي المملكة مدة أشهر، وذلك تمهيدا للبحث عن مصادر جديدة للتزود.

وكشفت وزيرة الطاقة أن مشاورات مع فاعلين جهوريين (محليين) وإقليميين ودوليين تجرى بهدف وضع نظام دائم وناجع لتدبير الإمدادات الوطنية من الغاز الطبيعي في المستقبل.

ووفق تصريحات أدلى بها فرنسيس بران، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، لراديو فرنسا الدولية، قبل أيام، فإن المغرب سيفقد الكميات من الغاز التي يشتريها من الجزائر وتلك التي كانت تعود له بفعل حقوق عبور الأنبوب، حيث يصل مجمل ما كان يحصل عليه إلى مليار متر مكعب.

لكن الحسين اليماني، رئيس الاتحاد العمالي للبترول والغاز، قال إنه حتى في حال عدم توفر الغاز الذي يوجه لإنتاج الكهرباء، فإن ثمة بدائل يمكن اللجوء إليها، حيث سيعمد إلى زيادة إنتاج الكهرباء عبر المحطات التي تستعمل الفحم والفيول والطاقات المتجددة.

وبالفعل، عمد المكتب الوطني للكهرباء في الأيام الأخيرة إلى إعادة التشغيل السريع لمحطتين تعملان بالفيول في مدينتي المحمدية والقنيطرة، ويمكن أن تساعدا على توفير الطاقة في فترات الذروة.

غير أن اليماني يرى أن كلفة الكهرباء عبر هاتين المحطتين سترتفع بالنظر لسعر الفيول الذي يوفره المستوردون المحليون، علما أن الحكومة قد تتجه في الفترة القادمة إلى بحث مسألة إبرام تأمينات للتحوط من ارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولية.

وفي ظل التكاليف المتوقع ارتفاعها، يشير المهدي الداودي، الخبير في قطاع الطاقة والتنمية المستدامة، إلى تعزيز مشروع الربط الكهربائي بين إسبانيا والمغرب، حيث يزود المغرب البلد الأوروبي بالفوائض التي تتوفر لديه من الكهرباء، وكذلك تفعل إسبانيا، وفق الاتفاق بينهما.

كما تدفع المستجدات الأخيرة المغرب نحو زيادة إنتاج الكهرباء بالاعتماد على الطاقات المتجددة، وكذلك استيراد الغاز الطبيعي المسال على متن بواخر من بلدان عربية ونيجيريا والولايات المتحدة الأميركية، وفق مصادر، لافتة إلى أن هناك توجها نحو تدشين مشروع وحدة عائمة لتخزين وإعادة تسييل الغاز على السواحل المغربية.

ويشير فرنسيس بران، في ورقة بحثية لفائدة مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إلى أن المغرب يخطط منذ سنوات لاستيراد الغاز المسال، لافتا إلى أن ذلك المشروع كان يفترض أن ينجز قبل العام الحالي، إلا أن وزارة الطاقة تحدثت عن أفق 2028. واعتبر أن ذلك التأخر يرجع إلى تقدم مشاريع تطوير الطاقات المتجددة في المملكة.

وكشفت وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، في أغسطس/ آب الماضي، عن وضع خريطة طريق وطنية بهدف تطوير الغاز الطبيعي في الفترة الممتدة بين 2021 و2030، وذلك ضمن الاستراتيجية الوطنية للطاقة.

وأكدت التوجه نحو "انتقاء المستثمرين المحليين والدوليين، ثم التفاوض وإبرام العقود مع الشركات، وإنجاز البنيات التحتية للغاز في غضون 48 شهراً ابتداء من تاريخ إبرام العقود، قبل إنجاز المحطات الكهربائية الأولى (36 شهرا)، ما أشاع لدى المراقبين نوعا من اليقين بأن المشروع في طريقه إلى الإنجاز في ظرف خمسة أعوام.

ويعتبر رئيس الاتحاد العمالي للبترول والغاز أن المشروع المطروح طموح، لافتا إلى أنه سيلبي احتياجات الصناعات الثقيلة والتحويلية، خاصة الفوسفات والتكرير، ويزود محطات إنتاج الكهرباء، كما أنه بإمكان المغرب الاعتماد على طاقة غير ملوثة، مقارنة بالفحم والفيول، وهي طاقة أرخص قياسا بأنواع الطاقات الأخرى.

المساهمون