استمع إلى الملخص
- **تباين آراء المحللين حول رفع الفائدة**: المحللون الماليون تباينت آراؤهم حول رفع الفائدة، حيث توقع البعض الإبقاء عليها عند 18% بينما لم يستبعد آخرون رفعها إلى 19% أو 20%.
- **تأثير السياسات النقدية على الاقتصاد**: رفع الفائدة قد لا يدعم سعر صرف الروبل بشكل كبير، لكن السياسات النقدية المتشددة بدأت تؤثر على تباطؤ الطلب وتراجع القروض. توقعات التضخم لا تزال مرتفعة.
قرر مجلس إدارة المصرف المركزي الروسي في اجتماع عقده اليوم الجمعة، رفع سعر الفائدة الأساسية من 18% إلى 19%، في ثاني إجراء من نوعه في أقل من شهرين، بعد رفعها من 16% إلى 18% في يوليو/تموز الماضي.
وقال المصرف المركزي في بيان: "تبقى ضغوط التضخم الحالية مرتفعة. على الأرجح، سيتجاوز التضخم توقعات يوليو بأن يبلغ ما بين 6.5% و7%. لا يزال نمو الطلب الداخلي يفوق كثيرا إمكانيات زيادة عرض السلع والخدمات. نحتاج إلى المزيد من تشديد السياسات النقدية - الائتمانية لخفض التوقعات بالتضخم وضمان عودته إلى المستوى المستهدف في عام 2025". وأضاف البيان أن "مصرف روسيا لا يستبعد احتمال رفع الفائدة الأساسية في الاجتماع المقبل"، مشيرا إلى أن "ميزان المخاطر يميل إلى تلك المساهمة في التضخم بشكل هام" على المدى المتوسط.
وقبل اجتماع اليوم، تباينت تقديرات المحللين الماليين حول ما إذا كان سيتم الإبقاء على الفائدة من دون تغيير أو رفعها مرة أخرى لكبح جماح التضخم، عبر تقليص الإقراض وسحب أموال المواطنين من السوق وتحفيزهم على استثمارها في حسابات وودائع مصرفية ذات عوائد تنافسية. وتوقع أغلب المحللين بمصارف وشركات استثمار روسية كبرى استطلعت صحيفة إر بي كا الروسية آراءهم أن مجلس إدارة المصرف المركزي الروسي سيبقي على سعر الفائدة عند مستوى 18%. ومع ذلك، لم يستبعد أكثر من ثلث المستطلعة آراؤهم احتمال رفع الفائدة إلى 19% أو حتى 20%.
ورجح 17 من أصل 30 خبيرا الإبقاء على سعر الفائدة من دون تغيير، بينما توقع سبعة رفعها إلى 19% وأربعة فقط إلى 20%، فيما تحدث اثنان عن الاحتمالات المتساوية للإبقاء على الفائدة أو رفعها. بدوره، توقع المحلل بالأكاديمية المالية "كابيتال سكيلز"، مارك غويخمان، أن يقدم المصرف المركزي على رفع سعر الفائدة إلى 19% على سبيل الحل الوسط، مشككا في الوقت نفسه في أن يشكل مثل هذا الرفع دعما هاما لسعر صرف العملة الوطنية البالغ حاليا نحو 91 روبلا للدولار.
وقال غويخمان، في حديث لـ"العربي الجديد" قبل الإعلان عن قرار المركزي الروسي: "يمكن الجزم بأنه لن يتم خفض الفائدة في ظل بقاء التضخم عند مستويات مرتفعة، لكن رفعها ليس أمرا حتميا أيضا نظرا لتبلور مؤشرات لتباطؤ نمو الطلب الاستهلاكي وكبح ارتفاع الأسعار، ما يعني أن السياسات النقدية الائتمانية المتشددة بدأت تؤتي أكلها على نحو تدريجي".
ومع ذلك، أقرّ باستمرار مفعول العوامل المساهمة في التضخم مثل تراجع الاستيراد والصعوبات في إجراء التحويلات الخارجية بسبب العقوبات الغربية وارتفاع النفقات الحكومية، متوقعا رفعا محدودا للفائدة إلى 19% على سبيل الحل الوسط بين "فزاعة" الـ20% والإبقاء عليها عند مستوى 18%، وهو ما تحقق على أرض الواقع. وقلل غويخمان من أهمية التوقعات بأن يشكل رفع الفائدة دعما ملحوظا للروبل، مضيفا: "يشمل سعر الصرف الحالي التوقعات برفع سعر الفائدة مسبقا، ولذلك لن يؤثر الرفع عليه تأثيرا كبيرا".
وعلى الجانب الآخر، لم يستبعد أكبر مصرف حكومي روسي "سبيربنك" احتمال رفع سعر الفائدة الأساسية إلى 20%، وفق توقعات كبير نواب رئيس المصرف تاراس سكفورتسوف. وقال سكفورتسوف لصحيفة إر بي كا على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك الروسية الأسبوع الماضي: "قد يتم رفع الفائدة. نجزم بعدم خفضها، وأعتقد أن هناك احتمالات متساوية للإبقاء عليها أو رفعها. هناك مؤشرات تؤكد أن سياسات المصرف المركزي والحكومة بدأت تساهم في تباطؤ الطلب. نشعر بتراجع قروض الرهن العقاري والإقراض الاستهلاكي، ولو بوتيرة أقل، ولكنه مستمر في التباطؤ. يتم تشديد برامج الدولة، حيث أوشكت مخصصات بعضها على الانتهاء، وتراجع هامش الربح للبعض الآخر بعد إعادة تقييم سوق المال، ويتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي هو الآخر".
وأضاف: "بشكل عام، ثمة مؤشرات تؤكد أن السياسات تؤتي ثمارها. من جهة أخرى، توقعاتنا لمعدل التضخم أعلى من تلك لدى المصرف المركزي. هذا عامل هام أيضا، وقد يرفعون الفائدة بناء عليه (...) في حال رفع الفائدة، قد تبلغ مستوى 19% أو 20%، ليس أكثر على الأرجح". وأوضح أن اللاعبين في السوق قد وضعوا احتمال تشديد السياسات النقدية - الائتمانية في الحسبان، قائلا: "لا أستطيع القول إن ذلك سيشكل نوعا من الصدمة. هناك توقعات بأنه في حال رفعت الفائدة الآن، فسيبدأ خفضها في العام المقبل في موعد أبكر، والعكس صحيح".
وكان نائب رئيسة المصرف المركزي الروسي، أليكسي زابوتكين، قد أعلن في مؤتمر صحافي في نهاية أغسطس/آب الماضي، أن رفع الفائدة في اجتماع سبتمبر ليس مسألة محسومة. وقال زابوتكين: "التوازن العام للبراهين لمصلحة رفع الفائدة أو الإبقاء عليها لم يتغير بشكل هام منذ 26 يوليو/تموز، حين عقد الاجتماع الأخير حول الفائدة، وحتى الآن. ومن جانب آخر، نرصد نفس الديناميكية تقريبا لارتفاع الأسعار وبعض الزيادة للتوقعات بالتضخم. وتدل البيانات على بعض التباطؤ لنمو الطلب والإقراض". ومع ذلك، شدد على أن المصرف المركزي لا يعتمد "سقفا" لتشديد السياسات النقدية الائتمانية بهدف تحقيق المعدل المستهدف للتضخم.
يُذكر أن المصرف المركزي الروسي قرر في اجتماع مجلس إدارته في نهاية يوليو الماضي، رفع سعر الفائدة الأساسية من 16 إلى 18% دفعة واحدة، في إجراء هو الأول من نوعه منذ بداية العام، كما أنه لم يكن الأخير.