المحاصيل المستوردة تغزو العراق رغم منع الاستيراد

01 أكتوبر 2020
تحقيق الاكتفاء الذاتي في 21 منتج زراعي (عصام السوداني/فرانس برس)
+ الخط -

شجعت الوفرة الأخيرة في عدد من المحاصيل وزارة الزراعة العراقية على الإعلان عن منع استيرادها من الخارج، في مسعى جديد منها لمساعدة الفلاحيين على تسويق منتجاتهم ودعمها محليا.
الارتفاع المتحقق في الإنتاج الزراعي العراقي يعزوه مراقبون إلى جملة من الأسباب أبرزها جائحة كورونا، وإغلاق العراق حدوده مع دول الجوار، والاضطرار إلى الاعتماد على الإنتاج المحلي الزراعي، فضلا عن تسهيلات حكومية من بينها منح قروض للفلاحيين وشراء فائض إنتاجهم، وعودة العمل بعدد غير قليل من مصانع التعليب والتسويق المحلية.
كما نظم ناشطون حملات روج لها المتظاهرون العراقيون لمقاطعة البضائع الإيرانية في الأشهر العشر الأخيرة بهدف تشجيع المنتج المحلي.
والخميس الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، في بيان، إنه "استناداً للصلاحيات المخولة للوزارة فقد تقرر منع استيراد 21 منتجاً لوفرته محليا"، مضيفا أن المنع شمل محاصيل (الخيار، والبطاطا، والباذنجان، والقرنبيط، والطماطم، والجزر، والنبق، والخس، وسلع أخرى) ومن جميع المنافذ الحدودية.
ووفق النايف، فإن سياسة الوزارة هي حماية المنتج المحلي والمستهلك من خلال تطبيق الروزنامة الزراعية، فضلاً عن البيانات الواردة من مديريات الزراعة، والتي تبين مدى وفرة أو شح المنتج الزراعي المحلي، فيما بيّن أن الوزارة طلبت من المنافذ الحدودية، الالتزام بتنفيذ هذا القرار لحماية المنتج المحلي.

من جهته، قال مصدر في هيئة المنافذ الحدودية، فضل عدم الإفصاح عن هويته، لـ "العربي الجديد"، إنه بالرغم من منع استيراد 21 محصولا زراعيا لوفرته المحلية، إلا أن المحاصيل المستوردة لا تزال تدخل إلى العراق عبر بعض المنافذ الحدودية مع إيران، منوها إلى أن عشرات الشاحنات تدخل يومياً إلى البلاد عبر منافذ رسمية وأخرى غير رسميه.
وأضاف أن شاحنات المحاصيل الزراعية المستوردة من إيران لم تتوقف خلال الأيام الماضية بعد صدور قرار المنع، وعزا سبب ذلك إلى عدم سيطرة الحكومة العراقية على بعض المنافذ، بالإضافة إلى وجود أكثر من منفذ غير رسمي خارج سيطرة الدولة.
وكان وزير الزراعة العراقي، محمد كريم الخفاجي، قد أعلن في وقت سابق تحقيق العراق اكتفاءً ذاتياً لأول مرة في تاريخه بعدد كبير من المنتجات الزراعية، ووجود طلبات دولية لشراء المحاصيل الزراعية المحلية.
ومن جانبه، قال النائب في البرلمان العراقي، كامل الغريري، لـ"العربي الجديد" إن "القطاع الزراعي واحد من القطاعات المهمة في العراق، حيث يسهم في القضاء على البطالة التي تجاوزت 30%، كما يساهم في رفد ميزانية الدولة بما لا يقل عن 10-15% من إجمالي الموازنة".
وحسب الغريري، فإن "القطاع الزراعي كان يشكّل نسبة تتجاوز الـ50% من إجمالي موازنات البلاد خلال أيام الحصار الأميركي المفروض على العراق في التسعينيات"، منوهاً إلى أن الحكومة يجب عليها الالتفات إلى هذا القطاع الحيوي ودعمه بكل الوسائل، باعتباره رافدا اقتصاديا مهما لا يقل عن النفط والقطاعات الأخرى.
ووصف النائب قرار منع استيراد المحاصيل الزراعية "بالناجح، كونه سيحد من حجم الفساد المستشري داخل المنافذ الحدودية، كما سيقلّص من عمليات تحويل العملة الصعبة إلى خارج العراق".

عضو الجمعية الفلاحية في محافظة صلاح الدين شمالي العراق، محمد الزيدي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، قال إن البضائع الزراعية الإيرانية ما زالت تنافس المحلية وتدخل بصورة غير معروفة رغم الحظر الأخير.
وأضاف أن الزراعة في العراق تعرضت خلال السنوات الماضية إلى هجمة شرسة أدت إلى احتضارها لعشرات السنين نتيجة لغياب الدعم الحكومي للفلاح، وإغراق السوق بالمنتجات المستوردة، وعدم توفير الحماية للمنتج المحلي من قبل الجهات المعنية".
وأشار الزيدي إلى أن المنافذ الحدودية، خصوصاً المحاذية لإيران جنوب وشرق العراق وصولا إلى إقليم كردستان، غير مسيطر عليها تماماً، الأمر الذي تسبب في تدمير القطاع الزراعي، مبينا أن التنافس بين المنتج المحلي ونظيره المستورد غير عادل، لذلك على حكومة بغداد التحرك فعلياً لمنع إلحاق أي ضرر بالزراعة العراقية وإغلاق الحدود بشكل تام".
وفي المقابل، انتقد الخبير الاقتصادي، عادل المختار، إعلان وزارة الزراعة الاكتفاء الذاتي لأكثر من 21 محصولا زراعيا قائلاً إن "المحاصيل التي أعلنت عنها وزارة الزراعة العراقية، بعضها لا يتوفر في الأسواق العراقية لأكثر من شهرين، أما المحاصيل الأخرى ربما تستمر وفرتها نحو 7-8 أشهر من العام مثل الطماطم".
وفيما يخص محصولي الحنطة (القمح) والشعير لفت المختار، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن زراعتهما تعتبر خاسرة في العراق لضعف إنتاجية الأرض، حيث من المفترض أن يكون معدل الإنتاج طنا لكل دونم، مبيناً أن العراق زرع في العام الماضي 16 مليون دونم من الحنطة والشعير، في حين لم يتجاوز إنتاجه أكثر من 6 ملايين طن، وهو ما يعتبر خسارة في المقاييس الزراعية والاقتصادية.
وأضاف أن الزراعة شهدت تحسناً ملحوظا في العامين الماضيين لكنها لم تصل إلى المستوى المطلوب، لعدم اعتماد تقنيات الري الحديثة بشكل واسع، وإهمال العناية بالتربة التي تفقد خصوبتها بتوالي زراعتها من دون استصلاح، لذلك على الحكومة إعادة النظر في البرامج والخطط الزراعية للنهوض بالقطاع.

المساهمون