قفز تداول الكاش إلى مستوى قياسي في المغرب ، رغم المساعي التي تبذل بهدف محاصرته، في ظل ارتفاع احتياج المصارف للسيولة وبطء نمو الودائع لديها.
وتفيد بيانات البنك المركزي المغربي، أن الكاش المتداول وصل في العام الماضي إلى 39.3 مليار دولار، مسجلاً زيادة بنسبة 11 في المائة.
وارتفعت الودائع بالكاد بنسبة 4 في المائة العام الماضي، لتصل إلى حوالي 115 مليار دولار، من بينها 85 مليار دولار تعود للأسر و20 مليار دولار للمغتربين.
يأتي ارتفاع الكاش المتداول في ظل توسع عجز السيولة لدى المصارف في المغرب، حيث كان البنك المركزي توقع أن تصل إلى 9.26 مليارات دولار في العام الماضي، قبل أن ترتفع إلى 12.13 مليار دولار في العام الحالي.
وأفاد بنك المغرب في نهاية الأسبوع المنصرم، أن احتياجات المصارف من السيولة، وصلت إلى حوالي 10.98 مليارات دولار في المتوسط الأسبوعي في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، من 10.7 مليارات دولار في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويعزى هذا العجز إلى توسع تداول الكاش في المغرب، حيث يفضي ذلك إلى زيادة حاجة البنوك للسيولة، على اعتبار أن الكاش يحرم المصارف من ودائع مهمة.
ويؤدي ذلك الوضع إلى تدخل البنك المركزي بهدف توفير السيولة للمصارف. فقد ضخ البنك المركزي في الفترة الممتدة بين 25 و31 يناير، مبلغ 5.19 مليارات دولار على شكل تسبيقات لمدة سبعة أيام.
وكان محافظ البنك المركزي قد اعتبر أن القطاع غير الرسمي الذي يمثل 30 في المائة من النشاط الاقتصادي، يساهم في توسع انتشار الكاش، الذي ارتفع منذ الأزمة الصحية، حيث زاد بـ20 في المائة في 2020، بينما الاتجاه على المدى الطويل تراوح بين 6 أو 7 في المائة في 2020.
ويتصور أن توسع تداول الكاش مرده إلى السياحة وتحويلات المغتربين، وهما عاملان إيجابيان، غير أنه يؤكد أنه في إطار تطور وسائل الأداء الحديثة يفترض أن يتراجع التعامل بالكاش. وهي وسائل يراهن على أن تساهم في خفض الكاش إلى مستويات مقبولة.
ويلاحظ أن تطور الكاش في المغرب يجري بسرعة تتجاوز الودائع لأجل لدى المصارف في الأعوام الأخيرة، علما أن الأزمة الصحية ساهمت في ارتفاع الكاش، حيث جاء ذلك آنذاك في سياق المخاوف التي أثارها الفيروس ما دفع بعض الأسر إلى سحب جزء من ودائعها من المصارف.
كان محافظ البنك المركزي قد اعتبر أن القطاع غير الرسمي الذي يمثل 30 في المائة من النشاط الاقتصادي، يساهم في توسع انتشار الكاش
ويعتبر نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، محمد العربي، أن التعامل بالكاش ليست له علاقة بالعوامل الظرفية، بل له علاقة أكثر بالثقة في المعاملات المالية، حيث يحرص البعض على التعامل بالكاش أكثر من وسائل الأداء الأخرى مثل الشيكات أو الأداء الرقمي.
ويرى العربي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن وسائل الأداء الرقمية حاليا تنتشر أكثر بين الشباب الذي يتعامل بمبالغ صغيرة، غير أن تلك الوسائل ما زالت غير مألوفة لدى بعض المتعاملين في السوق، مثل الذين اعتادوا التعامل بالكاش مع الموردين والعملاء.
ويتوسّع الكاش في وقت ذهبت 56.1 في المائة من الأسر في بحث المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) حول الظرفية لدى الأسر في العام الماضي إلى أن إيراداتها تغطي مصاريفها، بينما استنزفت 42.1 في المائة مدخراتها أو اقترضت.