الغلاء يضرب عيد الأضحى في مصر: مواطنون يتخلون عن شراء اللحوم

14 يونيو 2024
 سوق الأضاحي في الجيزة، 6 يونيو 2024 (أحمد حسب الله/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر أدت إلى ركود في موسم عيد الأضحى، مع انخفاض قياسي في إقبال المواطنين على شراء الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار الماشية.
- تجار الأضاحي والمربون يواجهون خسائر مالية تتراوح بين 30 إلى 40%، وسط تراجع عدد شوادر الأغنام والماشية وضعف المبيعات نتيجة الإقبال الضعيف من المواطنين.
- ارتفاع أسعار اللحوم بنحو 35% عن العام الماضي بسبب زيادة تكاليف الأعلاف وتربية المواشي، مما يطالب الخبراء والمواطنون الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لدعم القطاع وتخفيف الأعباء المالية.

غيّرت الأوضاع الاقتصادية الصعبة، مشهد موسم عيد الأضحى في مصر. الركود والتباطؤ يهيمنان على الأسواق. أسعار الماشية في ارتفاع هبط بإقبال المواطنين إلى مستويات قياسية. شوارع مصر التي عادة ما تكون نابضة قبيل العيد، أصبحت اليوم مثقلة بأزمات الناس وشكاويهم. إذ يشتكي تجار الأضاحي والمربون هذا العام من بطء الحركة التجارية وضعف المبيعات، فيما قدر البعض خسائرهم المالية بنحو 30 إلى 40% إذا استمرت معدلات البيع على أوضاعها الحالية حتى انتهاء الموسم.

وعلى غير العادة، تراجع عدد شوادر الأغنام والماشية التي كان ينصبها الجزارون في الشوارع، واكتفى العديد من المهنيين بحجز أماكن محدودة، تتضمن أعدادا قليلة من الخراف والعجول، فيما تشهد محلات الجزارة إقبالاً ضعيفاً على شراء الأضاحي بمختلف المناطق بسبب الارتفاعات المستمرة والعشوائية للأسعار، مقارنة بالعام الماضي.

ومن داخل سوق الأضاحي، في منطقة العامرية بغرب الإسكندرية، يتجول المواطنون بين الخراف والماشية، يسألون عن الأسعار، ثم ينصرفون بهدوء من دون شراء. محمد عبد النبي (45 عامًا)، كان واحداً من هؤلاء، وقال لـ "العربي الجديد"، إن أسعار الأضاحي هذا العام مرتفعة للغاية، وبالتالي لن يكون قادراً على الشراء. وأضاف أن "الكباش التي كانت بسعر 10 آلاف جنيه في العام الماضي أصبحت الآن بـ 14 أو 15 ألفًا، بينما تقلصت قدراتنا على الادخار خلال العام؛ بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وهذا غير معقول، كيف سيستطيع المواطن العادي تحمل هذه التكاليف؟".

ويوضح رئيس لجنة الجزارين في الغرفة التجارية بالإسكندرية أن هناك زيادة في أسعار اللحوم هذا العام تقدر بنحو 35% عن العام الماضي نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف وتكلفة تربية المواشي بعد تحرير سعر الصرف، مما انعكس على أسعار اللحوم والأضاحي.

ويتابع أنه رغم ارتفاع أسعار الأضاحي التي تختلف من منطقة لأخرى يحرص الكثير من المصريين على الالتزام بأداء الشعيرة الدينية، مشيراً إلى أن الإقبال الأكبر هذا العام على شراء الضأن، بسبب قلة وزنه وبالتالي أسعاره أقل مقارنة بالعجول.

عيد الأضحى في مصر وسط الغلاء

ومن جانبه يقول الدكتور أحمد حشمت، الخبير الاقتصادي، لـ "العربي الجديد"، إن ارتفاع أسعار الأضاحي بشكل كبير، أثر بوضوح على إقبال المواطنين على الشراء هذا العام، مما خلق تحديًا كبيرًا للتجار في السوق، موضحًا أن ذلك الارتفاع يعود إلى سببين رئيسيين.

ويضيف أن أول السببين هو ارتفاع أسعار الأعلاف وتكاليف التربية والرعاية للماشية بشكل كبير نتيجة التضخم الاقتصادي والأزمات المتلاحقة، والثاني هو انخفاض أعداد المعروض من الأضاحي هذا العام؛ بسبب اضطرار أعداد كبيرة من المربين خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة إلى التخلص من ثرواتهم الحيوانية حيث تشكل عبئًا ماديًا كبيرًا عليهم.

ويشير حشمت، إلى أن هذا الارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي ينعكس بشكل سلبي على التجار، الذين يشكون من انخفاض المبيعات وصعوبة التخلص من المخزون، كما يؤثر على المواطنين عموماً، حيث يضطرون إما لشراء أضاح أصغر حجماً أو التنازل عن شراء الأضحية نهائياً.

ويتابع: "الأكثر تضرراً هم الفقراء ومحدودو الدخل الذين ينتظرون هذه المناسبة من العام إلى العام للحصول على اللحوم، فارتفاع الأسعار يجعل منها حلماً بعيد المنال بالنسبة لهم، وهذا ما يفاقم معاناتهم الاجتماعية والغذائية"، مطالبًا الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لدعم هذا القطاع الحيوي وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل المواطنين، حتى لا يخسر الجميع، بحسب تعبيره.

ويقول المواطن إياد جمعة (52 عامًا): "أتيت إلى السوق اليوم لشراء أضحية لعائلتي، ولكن فوجئت بارتفاع الأسعار بشكل لا يُصدق. لم أتوقع أن يصل سعر الكبش إلى 17 ألف جنيه، هذا مبالغ فيه تمامًا، لا أعرف كيف سأشتري الأضحية هذا العام وأنا بهذه الحالة المعيشية الصعبة".

اما محمد علي (موظف) فيقول "بعدما كنت حريصاً كل عام على المشاركة مع أصدقاء وأقارب في شراء "أضحية" إلا أن هذا العام وبدون تنسيق لم نستطع جميعا المشاركة بسبب الأسعار واكتفينا بشراء كميات من اللحوم من الجزار تكفي احتياجات الأسرة والأبناء بدلا من شراء الأضحية التي قفزت أسعارها بصورة مبالغ فيها". ويشرح حكيم راضي، أحد تجار الماشية في سوق شارع الرحمة أحد أكبر أسواق الأضاحي بالإسكندرية شمالي مصر، أن "الناس لا تستطيع تحمل تكاليف شراء الأضاحي هذا العام؛ بسبب ارتفاع الأسعار، وتردي أوضاعهم المعيشية".

ويضيف راضي: "نخشى أن يؤدي هذا الوضع إلى خسائر كبيرة في موسم البيع الرئيسي وهو عيد الأضحى، وينعكس هذا الانخفاض في الطلب على الأضاحي سلبًا على مختلف القطاعات المرتبطة بهذا الموسم، بما في ذلك بائعي اللحوم والجزارين والنقّالين والمصانع المنتجة للمواد ذات الصلة". أبو علي الأسيوطي، وهو تاجر أضاح يقول: "نلاحظ أن الإقبال هذا العام على الشراء أقل من الأعوام الماضية، وكثير من الزبائن يتجنبون شراء الكباش الكبيرة خوفًا من عدم قدرتهم على تحمل تكاليفها، لقد وصل سعر الكبش الكبير إلى 20 ألف جنيه أو أكثر، وهذا رقم شبه مستحيل توفيره بالنسبة للمواطن العادي".

ويتابع: "التجار أنفسهم يتردّدون في شراء الكباش الكبيرة بسبب ارتفاع أسعار اللحوم، والأعلاف، وحتى الأغنياء يفضلون الآن شراء الأضاحي الصغيرة أو متوسطة الحجم التي تتراوح أسعارها بين 14 و16 ألف جنيه، وهذا ينعكس بالطبع على مبيعاتنا وأرباحنا كتجار". وتقول أم محمد، تاجرة أضاح في سوق العامرية غرب الإسكندرية: "يتراوح سعر الضأن بين 250 و280 جنيهًا للكيلو؛ بينما يتراوح سعر الماشية بين 180 و210 جنيهات، بحسب مستوى المنطقة ونوع التربية، ما تسبب في عزوف الناس عن الإقبال على الأضاحي الذي كنا نراه في السنوات الماضية".

المساهمون