وسّع التحالف الغربي المناوئ للحرب الروسية على أوكرانيا من دائرة العقوبات الاقتصادية المفروضة على القطاع المالي الروسي، فقد أعلنت المفوضية الأوروبية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة، في بيان مشترك، الأحد، التزامها بضمان إزالة بنوك روسية منتقاة من نظام سويفت (SWIFT) المالي الذي يربط آلاف المؤسسات المصرفية حول العالم.
وجاء في البيان أن هذه الخطوة ستضمن فصل البنوك الروسية عن النظام المالي الدولي، وستضر بقدرات عملياتها المالية عالمياً.
ووفق "رويترز"، وصف خبراء في مجال العقوبات الاقتصادية، قرار الحلفاء الغربيين فصل مجموعة "مختارة" من المصارف الروسية عن شبكة سويفت للمدفوعات الدولية، بأنه "خنجر في قلب البنوك الروسية".
وأشار الخبراء إلى أن من شأن هذه الخطوة أن توجه ضربة اقتصادية معوقة لروسيا، وإلحاق أذى كبير في الوقت نفسه بشركاتها ومؤسساتها المالية.
ويرى محللون أن طرد روسيا من كامل نظام "سويفت" ليس بالقرار السهل الذي يمكن اتخاذه من قبل التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة وأوروبا ضد روسيا، في أعقاب غزوها أوكرانيا، لأنه يعني عزل روسيا تماماً من النظام المالي العالمي، بما في ذلك مؤسساتها المالية وشركات التصدير والوارد في البلاد، وبالتالي سيكون تأثيره كبيراً وخطراً على نمو الاقتصاد الغربي وعلى الأسواق العالمية.
ومعروف أن روسيا دولة مهمة من حيث صادرات النفط والغاز والقمح والمعادن والسلع الرئيسية التي لا يستغني عنها العالم، خاصة صادرات الطاقة لأوروبا في فترة الشتاء.
ومن هذا المنطلق، لجأت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي إلى "حظر انتقائي" للمؤسسات المالية الروسية من نظام سويفت بدلاً من الحظر الكامل لروسيا.
وترى الخبيرة المالية أليشيا غارسيا، من شركة ناتسس الأميركية للاستشارات المالية في هونغ كونغ، أن حظر روسيا من نظام سويفت سيعني حرمان جميع مؤسساتها المالية ومصارفها من التعامل مع النظام المالي العالمي.
وتقول "إنه سيكون ضربة قاصمة لروسيا، إذ إنه سيحرمها من الاقتراض وتمويل التجارة واستلام دفعيات النفط والغاز والمعادن والسلع الرئيسية من الدول والشركات المستوردة".
وتشير غارسيا إلى أن حظر روسيا من نظام "سويفت" أخطر من حظر صادرات الغاز والنفط الروسي وتداعياتها على أوروبا والأسواق المالية، لأنه يشمل جميع السلع المستوردة من روسيا وليس فقط الطاقة.
وفي ذات الشأن، يقول خبراء، إن حرمان روسيا من نظام سويفت سيعني عملياً أن روسيا لن تتمكن من الحصول على عملات أجنبية، كما أن الدول الأوروبية لن تتمكن من الحصول على السلع الروسية.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الروسي نيكولاي زورفليف، في تعليقات نقلتها وكالة تاس الروسية، إن حظر روسيا من نظام سويفت ليس سهلاً، لأن ذلك يحتاج إلى موافقة كل الدول الأعضاء في سويفت، ومثل هذا الإجماع ليس بالسهل، لأن بعض الدول لديها مصالح تجارية كبرى مع روسيا، وبالتالي لن توافق على حظر يهدد مصالحها التجارية واقتصادياتها. وكانت ألمانيا قد أبدت، في وقت سابق، تحفّظها على استخدام سلاح سويفت ضد روسيا.
من جانبه، يرى مدير معهد بروغيل للدراسات الاستراتيجية في بروكسل، غرانترام وولف، أن حظر روسيا من نظام سويفت "يعد صداعاً لأوروبا، كما لروسيا".
ويلاحظ أن روسيا لديها تحالف قوي مع الصين، وهذا سيمنحها هدنة للتعامل مع الحظر والحصول على تمويلات من البنك المركزي الصيني الذي لديه احتياطات دولارية تفوق 3 تريليونات دولار، كما أن الشركات الروسية لديها اتفاقات تفوق 500 مليار دولار مع نظيراتها الصينية في تجارة النفط والغاز الطبيعي.
ويلاحظ أن الحظر الانتقائي يستثني العديد من المصارف الروسية، كما يستثني كذلك نحو 65 مصرفاً أجنبياً عاملاً في روسيا، من بين 400 مصرف تجاري موجود في روسيا، معظمها أعضاء في نظام سويفت. ويمكن لهذه المصارف الأجنبية أن تتعامل كوسيط في تسوية الصفقات المالية والتجارية مع الشركات الروسية ما دامت غير مشمولة بالحظر.
وبسبب هذه العقبات التجارية كانت هناك خلافات بشأن حظر سويفت بين الحلفاء الغربيين. وبالتالي، لجأت الدول الغربية إلى فرض حظر جزئي للمصارف التجارية الروسية والبنك المركزي.
وترك التحالف الغربي ثغرات مفتوحة من خلال فروع المصارف الغربية في روسيا وبعض المصارف الروسية، حتى تتمكن شركة غاز بروم من الحصول على أثمان مبيعات الغاز الطبيعي المصدرة إلى دول الاتحاد الأوروبي.
واسم "سويفت" هو اختصار للأحرف الأولى بالإنكليزية لجمعية الاتصالات المالية العالمية، أي نظام الحوالات المالية العالمية بين البنوك التي يوجد مقرها في بلجيكا، ويبلغ عدد أعضائها نحو 11 ألف بنك في أنحاء العالم. وحسب بيانات سويفت، تمر عبر النظام نحو 5 آلاف رسالة مصرفية سنوياً بين البنوك والمؤسسات المالية الأعضاء في أنحاء العالم.
وتجري "سويفت" اتصالاً لحظياً وآمناً بين المصارف والمؤسسات المالية الأعضاء في حال إرسال حوالة مالية، وهذا ما يجعلها محل ثقة بين المؤسسات المالية العالمية.
وفي حال أن المصرف غير العضو في سويفت يرغب في تنفيذ حوالة مالية، فإنه يحتاج إلى طرف ثالث عضو في سويفت كوسيط.
ولكن في حال الحظر، فإن هذا الطرف الثالث سيتعرض لعقوبات تحت بند العقوبات الثانوية التي تنفذها الولايات المتحدة، بحرمان هذا الطرف الوسيط من التعاملات المالية في السوق الأميركي، وبالتالي ستتعرض البنوك التي تتعامل كوسيط للمؤسسات المالية للحظر في أعقاب تطبيق الحظر.
وفي حال عزل روسيا عن نظام سويفت، فإنها لن تستطيع تنفيذ الصفقات التجارية الخاصة ببيع النفط والغاز والسلع الضرورية، مثل القمح والشعير والمعادن الرئيسية التي تحتاجها الصناعات العالمية، مثلما حدث لدول من قبل، من بينها إيران والسودان وكوريا الشمالية وفنزويلا.
وتشرف على نظام سويفت الدول الاقتصادية العشر الكبرى التي يطلق عليها "جي 10"، ومن بينها روسيا، إلى جانب البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي البلجيكي، حيث يوجد مقر منظمة الحوالات المالية.