هوت العملة التركية نحو قاع جديد في بداية تعاملات، اليوم الأربعاء، لتصل إلى أدنى مستوى في تاريخها، مسجلة 10.45 ليرات مقابل الدولار الواحد، لتتصاعد خسائرها منذ بداية العام الجاري، على الرغم من المؤشرات الإيجابية القوية للاقتصاد التركي، ما يثير علامات استفهام واسعة حول أسباب الانزلاق السريع لسعر العملة الوطنية.
وفقدت الليرة، منذ بداية العام الجاري، نحو 41.5% من قيمتها، وفق حسابات "العربي الجديد"، إذ استهلت تعاملات بداية 2021 عند مستوى 7.37 ليرات للدولار، قبل أن تهبط تدريجاً، إلا أنّ وتيرة التراجع تزايدت حدتها في الأسابيع الأخيرة، في ضوء مخاوف متزايدة لدى المتعاملين بشأن التدخل السياسي في السياسة النقدية، في ظل دعوات الرئيس رجب طيب أردوغان المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة والتغييرات السريعة في قيادة البنك المركزي.
واستهلت العملة التركية تعاملات، أمس الثلاثاء، عند مستوى 10.08 ليرات للدولار، إلا أنها تراجعت بوتيرة سريعة لتصل في مساء ذات اليوم إلى 10.36 ليرات للدولار، وتواصل الهبوط في التعاملات المبكرة، اليوم الأربعاء، وسط توقعات بكسر حاجز الـ 11 ليرات للدولار في غضون أيام.
الليرة خسرت نحو 41.5% من قيمتها منذ بداية العام الجاري، وفق حسابات "العربي الجديد" إذ استهلت تعاملات 2021 عند مستوى 7.37 ليرات للدولار
ويعتبر محللون ماليون أن التراجع الأخير في سعر الليرة يأتي في ظل توقعات بخفض آخر لسعر الفائدة من قبل البنك المركزي التركي هذا الأسبوع، للشهر الثالث على التوالي. وكان البنك المركزي التركي قد خفض سعر الفائدة بواقع 2% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتصل إلى 16%.
وقال الخبير الاقتصادي التركي مسلم أويصال، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك توقعات بأن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة مجدداً، بعد خفضها الشهر الماضي، فضلاً عمّا يشاع عن احتمال فرض تغييرات بالمصرف المركزي ولجنة السياسات، قد تطاول محافظ المصرف المركزي شهاب قاوجي أوغلو.
وعلى الرغم من تمتّعه نظرياً بالاستقلالية، يرضخ البنك المركزي التركي لضغوط متواصلة من جانب الرئيس أردوغان لخفض تكاليف الأعمال التجارية بهدف تحفيز النمو. ووضعت هذه السياسات الاقتصاد التركي على مسار تحقيق توسع اقتصادي بنسبة 10% هذا العام. لكنّها في المقابل رفعت معدّل التضخم السنوي إلى نحو 20%، فيما خسرت الليرة أكثر من ثلث قيمتها مقابل الدولار هذا العام.
وترزح الليرة تحت وطأة ضغوط إضافية من جراء مخاوف من رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) معدلات الفائدة بأسرع من المتوقع للتصدي لارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ويجعل هذا الأمر حيازة الدولار أكثر جاذبية، ويدفع الاستثمارات إلى الهرب من الأسواق الناشئة، ومنها تركيا.
لكن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كان قد أكد أنّ بلاده ستحقق نمواً اقتصادياً يصل إلى 10% في عام 2021. ولفت، في حديث تلفزيوني أخيراً، إلى أنّ المؤشرات الرائدة في الاقتصاد تدل على استمرار منحى النمو، مشيراً إلى أنّ الاقتصاد التركي نما بنسبة 1.8%، بفضل الإجراءات الحكومية، لتكون تركيا ثاني أكبر دولة، بعد الصين، حققت نمواً إيجابياً خلال عام كورونا.
وتظهر البيانات الرسمية تراجع نسبة البطالة في تركيا لتصل إلى 11.7% في الربع الثالث من العام الجاري في مؤشر على الانتعاش الاقتصادي، فضلاً عن تحقيق الصادرات قفزات كبيرة وتحسن السياحة بشكل لافت.