السعودية تستهدف نصف مليون من السيارات الكهربائية بحلول 2030... فهل تنجح؟

05 أكتوبر 2024
يتفقد سيارة كهربائية في صالة عرض بالرياض، 8 يونيو 2024 (فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد السعودية تحولاً نوعياً في صناعة السيارات الكهربائية، مع ارتفاع تسجيلها بنسبة 150% في 2023، وتوقعات بأن تشكل 30% من إجمالي السيارات بحلول 2030. أطلقت السعودية علامة "سير" وتخطط لإنتاج 500 ألف سيارة سنوياً بحلول 2030.

- تعمل السعودية على تطوير البنية التحتية بإنشاء شبكة شحن واسعة، مع خطط لتوفير 5000 شاحن سريع بحلول 2030، وتوليد 50% من الطاقة من مصادر متجددة. يعتزم صندوق الاستثمارات العامة استثمار 35 مليار دولار في الصناعة حتى 2030.

- يواجه التحول تحديات في البنية التحتية وسلاسل الإمداد، مع اقتراح حوافز حكومية لتشجيع المستهلكين. الاستثمار في الشحن يساهم في تحقيق رؤية 2030، ويعزز مكانة السعودية في سوق الطاقة المستقبلية.

مع تنامي المساعي السعودية إلى توطين العديد من الصناعات، أصبح مشهد السيارات الكهربائية مألوفا بين المواطنين، خاصة من فئة الشباب، ما عكس تحولاً نوعياً تشهده المملكة في مجال صناعتها. ووفقاً لإحصاءات وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، فقد ارتفع عدد السيارات الكهربائية المسجلة في المملكة بنسبة 150% خلال العام الماضي (2023)، مع توقعات بأن تشكل هذه المركبات 30% من إجمالي السيارات في المملكة بحلول عام 2030.

وفي إطار جهودها لتعزيز صناعة السيارات الكهربائية، يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أن السعودية أطلقت علامة تجارية خاصة لصناعة هذه السيارات باسم "سير"، كما أنشأت مصنعًا لإنتاج معادن بطاريات السيارات الكهربائية، مشيرا إلى أن الصندوق السيادي السعودي يطمح، من خلال استثماراته، إلى إنتاج 150 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول عام 2026، ثم الوصول إلى 500 ألف مركبة كهربائية بحلول عام 2030. فهل تنجح؟

في السياق، يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن السعودية تسعى إلى تحقيق هدف طموح في مجال السيارات الكهربائية، حيث تخطط لأن ترتفع نسبة المركبات الكهربائية لديها إلى 60% بحلول عام 2035، وذلك من خلال شراكات مع شركات عالمية كبرى، أبرزها "لوسيد"، بقيمة عشرة مليارات دولار، حيث تستحوذ السعودية على أكثر من 70% من أسهم الشركة.

ويوضح عايش أن السعودية تعمل على تطوير البنية التحتية اللازمة للسيارات الكهربائية، خاصة في ما يتعلق بمحطات الشحن، إذ لا يتجاوز عدد محطات الشحن في المملكة 30 محطة، لكن الخطط تشير إلى إنشاء شبكة واسعة لشحن السيارات الكهربائية. وفي هذا الإطار، جرى تأسيس شركة البنية التحتية للسيارات الكهربائية السعودية لتقديم خدمات الشحن في أكثر من ألف موقع، وتوفير خمسةآلاف شاحن سريع بحلول عام 2030، بحسب عايش، مشيرا إلى أن هذه الخطط الطموحة تأتي في إطار سعي المملكة للتركيز على اقتصاد الاستدامة والتنمية الاقتصادية، وخفض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.

كما تهدف السعودية إلى توليد 50% من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة، ما يجعل التحول نحو السيارات الكهربائية مساعداً على زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة بدلاً من الوقود الأحفوري، بحسب عايش.

وفي هذا الإطار، يعتزم صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تتجاوز قيمة أصوله 700 مليار دولار، استثمار ما لا يقل عن 35 مليار دولار لتطوير صناعة السيارات الكهربائية حتى عام 2030، موزعة بنسبة 50% للتصنيع، و25% للبطاريات، و25% للرقائق وقطع الغيار، بحسب بيانات رسمية. ويأتي هذا التوجه الطموح في إطار رؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، إذ تسعى السعودية لتحقيق وفورات تصل إلى 20 مليار دولار سنويًا من خلال تقليل استهلاك الوقود المحلي وزيادة صادرات النفط، حسبما أورد تقرير نشرته وكالة بلومبرغ في سبتمبر/أيلول الماضي.

ومع ذلك، يشير خبراء الصناعة إلى تحديات عدة تواجه هذا التحول، منها تطوير البنية التحتية اللازمة من خلال زيادة الاستثمارات في البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، بحسب الوكالة الأميركية. 

تحوّل صعب إلى السيارات الكهربائية

ومع ذلك، يشير عايش إلى أن هذا التحول ليس بالأمر السهل، خاصة أن دولًا متقدمة مثل اليابان والولايات المتحدة لم تنخرط في إنتاج السيارات الكهربائية بالشكل الذي يسمح لها بأن تكون المنتج الأول عالمياً.

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى التحديات التي تواجه هذا التحول، ومنها تصنيع سيارة كهربائية من الألف إلى الياء، والذي يتطلب الكثير من سلاسل الإمداد والصناعات الإضافية المرافقة، بالإضافة إلى الاحتياجات التقنية والفنية، منوها إلى أن شركة لوسيد، خسرت أكثر من 30% من قيمتها السوقية خلال الأشهر الماضية. ويرى عايش أن التحول نحو السيارات الكهربائية في السعودية يواجه تحدياً آخر يتمثل في انخفاض أسعار المشتقات النفطية في المملكة، مما قد لا يشجع المستهلكين على التحول نحو السيارات الكهربائية، ولذا يقترح أن تقدم الحكومة حوافز إضافية، على غرار ما تقدمه الولايات المتحدة من دعم يصل إلى 7500 دولار لكل عائلة تشتري سيارة كهربائية.

وهنا يشير عايش إلى أن صناعة السيارات الكهربائية لا تزال في مرحلة تطور مستمر، خاصة فيما يتعلق بتكنولوجيا البطاريات وعدد الكيلومترات التي يمكن قطعها بشحنة واحدة، وينوه إلى المخاوف المتعلقة بسلامة بطاريات الليثيوم المستخدمة في هذه السيارات ومع ذلك تخطط السعودية لضخ 35 مليار دولار لتطوير صناعة السيارات الكهربائية حتى عام 2030، موزعة بنسبة 50% للتصنيع، و25% للبطاريات، و25% للرقائق وقطع الغيار.

ومن شأن ذلك، حال نجاحه، أن يكون رافدًا لعملية التحول والتنويع الاقتصادي في السعودية، وأن يضعها على الخارطة العالمية الاقتصادية والتقنية والتكنولوجية، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لتصدير جزء أكبر من المشتقات النفطية التي كانت تستهلك محليًا، بحسب عايش.

بيئة مناسبة لترويج السيارات الكهربائية

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، مصطفى يوسف، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الاستثمار السعودي في البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية يحمل فوائد اقتصادية كبيرة لاقتصاد المملكة، خاصة أن العالم يتجه بشكل عام نحو اعتماد السيارات الكهربائية، والمنطقة العربية تُعد من البيئات الأنسب لهذا التوجه.

ويؤكد يوسف أن الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية والهيدروجينية، هو السبيل المستقبلي لتأمين احتياجات الطاقة، مشيرا إلى أن التوجه نحو السيارات الكهربائية يساهم في الحفاظ على بيئة نظيفة ويوفر عشرات المليارات من النفقات المرتبطة بمكافحة التلوث والآثار الصحية الضارة، كما يتيح للسعودية، بصفتها أكبر منتج للبترول، فرصة لتصدير كميات أكبر من النفط بدلاً من استهلاكه محلياً.

ويضيف الخبير الاقتصادي أن الاستثمار في البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية يساهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال تنويع مصادر الدخل، إذ أن هكذا استثمار يستتبعه إنشاء مصانع للسيارات الكهربائية وزيادة استخدامها، مما ينعكس إيجاباً على تعظيم الدخل من موارد أخرى غير البترول.

ويلفت يوسف إلى التجربة الصينية في هذا المجال، حيث يتزايد عدد شركات السيارات الكهربائية بشكل مطرد، متفوقة حتى على شركات عالمية مثل تسلا، مشيرا إلى أن الدول الساعية لتنويع اقتصادها، وعلى رأسها السعودية، عليها أن تحذو حذو الصين والبرازيل والاقتصادات التي تسعى للاستقلال عن هيمنة التقنية الغربية.

ويخلص يوسف إلى أن توجه السعودية نحو سوق السيارات الكهربائية الواعد من شأنه الانعكاس إيجاباً على البيئة وخفض التكاليف وجذب استثمارات جديدة، كما أن تحول الدول النفطية إلى استخدام الطاقة النظيفة والبديلة والسيارات الكهربائية سيزيد من العوائد وينوع مصادر الدخل الاقتصادي، مما يعزز مكانة السعودية في سوق الطاقة المستقبلية.

المساهمون