حذّر الرئيس العراقي، برهم صالح، اليوم الأحد، من خطورة الفساد المستشري في العراق، مؤكدا أنه لا يقل خطرا عن الإرهاب، داعيا إلى تشكيل تحالف دولي لمحاربته.
وتعد آفة الفساد من أبرز المشاكل التي يعاني منها العراق، والذي دفع البلاد نحو أزمة مالية غير مسبوقة، في ظل لجوء الحكومة إلى الاقتراض الخارجي لتوفير الرواتب الحكومية، وخفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار، في خطوة للتوفير تسببت في ارتفاع كبير في أسعار السوق المحلية.
وقال صالح، في كلمة خاصة بملفات الفساد الإداري والمالي في العراق، إنَّ "الفساد عطّل إرادة الشعب في التقدم والبناء، وتسبب في خروج الشباب المتظاهرين للمطالبة بوطن يخلو من الفساد"، مشيرا إلى أنَّ "العراق خسر ألف مليار دولار منذ 2003 بسبب الفساد، فضلا عن 150 مليار دولار هُرِّبت من صفقات الفساد إلى الخارج منذ 2003".
وأكد "عدم إمكانية التعامل مع الفساد محلياً"، مبينا أنَّ "مشروع قانون استرداد عائدات الفساد، يسعى إلى استرداد أموال الفساد عبر اتفاقات مع الدول والتعاون مع الجهات الدولية".
وأضاف أن "مشروع قانون استرداد عائدات الفساد يتضمن إجراءات عملية استباقية رادعة، وخطوات لاحقة لاستعادة أموال الفساد"، مبينا أن "القانون يتضمن أيضا دعم المؤسسات المالية والرقابية وتفعيل أدواتها".
ودعا رئيس الجمهورية إلى "تشكيل تحالف دولي لمكافحة الفساد"، مبيّناً أنَّ "الفساد هو الاقتصاد السياسي للعنف، ولا يقل خطورة عن الإرهاب، وكلاهما يدعم الآخر، ويسعى إلى إدامة وضعه وتغذية العنف والانقسامات وتهديد السلم المجتمعي، والتأثير على الإرادة الحرة للعراقيين".
وشدد "على جميع المؤسسات الرسمية والفعاليات الاجتماعية والمدنية، اتخاذ وقفة جادة وحاسمة وحازمة لمواجهة آفة الفساد، وعدم التهاون في مواصلة طريق الإصلاح، من أجل دولة قادرة ومقتدرة ذات سيادة، خادمة لمواطنيها".
مسؤولون عراقيون أكدوا أن مشكلة الفساد لا يمكن للعراق التخلص منها في ظل معالجات تجري من قبل نفس الأحزاب المتورطة في الفساد طوال السنوات الماضية، وقال مسؤول في هيئة النزاهة العراقية، إن "ملفات الفساد لا يمكن لأي جهة متابعتها بشكل مستقل وكشفها، بسبب النفوذ الخطير للأحزاب التي سيطرت على البلاد بعد عام 2003 وشكلت مافيات تغلغلت في كافة مفاصل الدولة".
وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أن "هيئة النزاهة لديها مئات الملفات، التي تدين مسؤولين كبارا وقيادات حزبية كبيرة، وقد أحيلت تلك الملفات إلى القضاء، لكن بتأثير من تلك الجهات تم وقف التحقيق فيها"، مشيرا إلى أن "محاربة الفساد غير ممكنة في ظل النفوذ الذي تتمتع به الأحزاب التي حكمت البلاد بعد عام 2003، وما زالت تهيمن على مؤسساته".
ونهاية أغسطس/آب الماضي، شكّل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لجنة لـ"التحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة"، منحت صلاحيات واسعة، وكُلِّف جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق أو المحاكم المختصة بالمسائل التي تخص لجنة التحقيق في قضايا الفساد، وفقاً للقانون، واعتقلت عددا من المسؤولين، إلا أن اللجنة تواجه باتهامات بعدم الحيادية، والتعامل "غير النزيه" بملفات الفساد، ما تسبب في تقييد عمل اللجنة.
ومن المرتقب أن يعقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، غدا الاثنين، مؤتمراً دولياً في بغداد، لدعم جهود السلطات العراقية في ملاحقة المتهمين بجرائم الفساد، وسيتضمن إطلاق مشروع جديد بقيمة 15 مليون يورو بهدف الحد من الفساد في العراق.