بدأ الديوان الملكي الأردني يقود بنفسه عجلة "الإصلاحات" في البلاد، خاصة الاقتصادية منها، بعدما أخفقت الحكومات المتعاقبة في معالجة المشكلات الأساسية التي تعاني منها البلاد، من تباطؤ النمو وارتفاع الفقر والبطالة والمديونية العامة وضعف القدرة على جذب الاستثمارات.
وبعد أن أنهى ديوان الملك عبدالله الثاني المرحلة الأولى من ورشة "الانتقال نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد"، باشر السبت بالمرحلة الثانية، وذلك بهدف "رسم خارطة طريق استراتيجية للقطاعات الاقتصادية الحيوية، محددة زمنياً ومتكاملة وقابلة للتنفيذ، تشمل قطاعات لم يسبق أن تناولتها استراتيجيات أو خطط حكومية من قبل، وتنعكس نتائجها إيجابياً على مستوى معيشة المواطنين"، وفق بيان نشرته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية.
وتراجعت في السنوات الثلاث الأخيرة نسبة النمو الى أدنى مستوى ولم تتجاوز في بعض السنوات 1.7 في المائة، بعدما كان النمو يسجل ما بين 5 و6 في المائة. كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 25 في المائة والفقر الى أكثر من 27 في المائة وتقدره مؤسسات دولية بحوالي 40 في المائة، فيما شهدت المديونية مستويات غير مسبوقة وبلغت حوالي 50 مليار دولار ورافقها ارتفاع في أعباء الدين الداخلي والخارجي وكلف تمويل الأقساط والفوائد السنوية.
ويقول الخبير الاقتصادي مازن مرجي لـ"العربي الجديد "إن الحكومات المتعاقبة لم تنجح في إدارة الملف الاقتصادي رغم التحديات التي تواجه الأردن، وبالتالي زادات أعباء الدين العام وتراجعت معدلات النمو واليوم تواجه البلاد معضلة ارتفاع الفقر والبطالة".
ويضيف أن قصر عمر الحكومات في الأردن، وهو سمة غالبة في الوضع السياسي، يؤدي الى كثرة الخطط غير المنفذة، إذ إن كل حكومة تستنفد بذلك وقتاً وجهداً لإعداد برنامج خاص بها، ولكن سرعان ما تتغير وتبدأ من تأتي بعدها من الصفر.
ويقول إنه "من المهم أن تنتهي الورشة بمخرجات واقعية قابلة للتطبيق وتكون ملزمة للحكومات وفق محددات واضحة ومؤشرات لقياس النتائج والابتعاد عن المبالغة عند وضع التوصيات".
وتركز الورشة بحسب إعلان رسمي على "أهمية اتخاذ القرار الجريء للمرحلة المقبلة واعتماد هذه النقاشات كأجندة وطنية واضحة تحدد ملامح خارطة الطريق لمستقبل الأردن الاقتصادي، وإنعاش القطاعات وتحفيز البيئة الاستثمارية لتوفير فرص العمل وتحسين ظروف الدخل للمواطنين الأردنيين".
ويلفت المحلل الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" إلى أن الوضع الاقتصادي في الأردن لا يحتمل إضاعة المزيد من الوقت فيما تتعاظم التحديات الناتجة عن قلة الموارد والإمكانات والاضطرابات الإقليمية والدولية.
ويشرح أن الأردن يتأثر مباشرة وربما أكثر من غيره بما يحدث عالمياً كونه يستورد ما نسبته 80 إلى 90 في المائة من احتياجاته الغذائية من الخارج وكذلك النفط والغاز والسلع الأخرى والمواد الأولية. ويضيف أن الحد من الفقر والبطالة وتحسين مستويات المعيشة وبيئة الاستثمار إجراءات تتطلب خطوات جريئة وضمن برامج عمل مستمرة وواضحة لا ترتبط بالحكومات، مشيراً إلى أن الأهم من وضع الخطط هو التنفيذ والمتابعة.
بدوره، يعتبر المختص في شؤون العمل والعمال أحمد عوض في حديث مع "العربي الجديد" أن وضع خطة اقتصادية عابرة للحكومات ضرورة "في ظل عدم وجود حتى الآن حكومات تضمن برامج ورؤية واضحة".
ويلفت إلى أن خطة الاصلاح السياسي تستهدف الوصول إلى تشكيل حكومات حزبية خلال السنوات القليلة المقبلة وهذا قد يعالج جانباً من مشكلة التخبط في إدارة المشهد الاقتصادي. ويضيف أن الإشراف المباشر على وضع الخطة ومتابعة تنفيذها يشكل عاملاً محفزاً للعمل وتحقيق نتائج أفضل من السابق.