الحوافز الأميركية للطاقة النظيفة تقلق الأوروبيين

17 اغسطس 2023
التوجه نحو الطاقة النظيفة يتنامى في الولايات المتحدة (Getty)
+ الخط -

أظهرت بيانات صناعية أن الشركات الأوروبية الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة جذبت أقل من نصف استثمارات نظرائها في الولايات المتحدة الأميركية، ما يزيد من قلق الأوروبيين إزاء الإجراءات الأميركية لجذب الشركات عبر تسهيلات واسعة، بينما ليس بمقدور الكثير من بلدان الاتحاد الأوروبي مواكبة هذه التسهيلات، ما يجعل الفجوة بين الجانبين في تحقيق أهداف تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات كبيرة.

وجذبت شركات التكنولوجيا النظيفة الناشئة في الاتحاد الأوروبي أقل من نصف التمويل مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة منذ أن أقر الكونغرس الأميركي قانون خفض التضخم في أغسطس/ آب من العام الماضي، والذي تضمن تسهيلات ضريبية وحوافز واسعة لتشجيع الشركات على إنتاج واستهلاك الطاقة النظيفة من خلال مكونات أميركية.

ووفق الأرقام الصادرة عن مؤسسة Cleantech for Europe، فإنّ الاتحاد الأوروبي تأخر في تمويل التقنيات النظيفة في المراحل المبكرة، مشيرة إلى أن إجمالي الاستثمارات في هذا المجال بلغت نحو 8.7 مليارات دولار منذ نحو عام. على النقيض من ذلك، تم تخصيص أكثر من 21.7 مليار دولار لمشاريع مماثلة في الولايات المتحدة.

وبعد إقرار الولايات المتحدة قانون خفض التضخم، أطلق الاتحاد الأوروبي وأستراليا واليابان تشريعات مماثلة. فقد أعلنت المفوضية الأوروبية في مارس/ آذار الماضي عن قانون Net Zero Industry (NZIA)، والذي يحدد أهدافاً للتقنيات الخضراء مثل الطاقة الشمسية. كما وعدت بروكسل بصندوق لتعزيز الاستثمار في الصناعات الحاسمة في التحول الأخضر.

لكن سوزانا كارب، كبيرة المتخصصين الأوروبيين في سياسة المناخ والطاقة في Cleantech for Europe، قالت لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن برنامج تمويل الاتحاد الأوروبي للتقنيات النظيفة يفتقر إلى بساطة نظام التمويل والتسهيلات الضريبية الأميركية.

وأضافت كارب: "يجب أن نكون على يقين من أن شركات التكنولوجيا النظيفة يجب أن تحصل على نوع دعم مماثل للذي تحصل عليه نظيراتها في الولايات المتحدة".

وتأسست Cleantech for Europe في عام 2021، وتمثل رواد الأعمال في تطوير ونشر واستثمار التقنيات النظيفة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وفق الموقع الإلكتروني للمؤسسة. ومن ضمن مهامها تزويد صانعي السياسات برؤى حول التكنولوجيا النظيفة، وبناء تحالفات في الطاقة النظيفة لرسم مسار جديد للقارة.

وأقر الكونغرس الأميركي قانون خفض التضخم قبل عام، بقيمة إجمالية تتجاوز 430 مليار دولار. ويهدف القانون إلى الاستثمار في إنتاج الطاقة المحلية ودعم التصنيع، والحد من الانبعاثات الكربونية بنسبة 40% تقريبا بحلول عام 2030.

ووفقاً للقانون، سيجري ضخ 390 مليار دولار في برامج أمن الطاقة وتغير المناخ، عبر تقديم إعفاءات ضريبية للشركات التي تستثمر في الطاقة النظيفة، ودعم كبير للسيارات الكهربائية والبطاريات ومشاريع الطاقة المتجددة طالما كانت المكونات المستخدمة في هذه المشروعات مصنوعة داخل الولايات المتحدة.

لكن الاتحاد الأوروبي أبدى قلقاً متزايداً على مدار الأشهر الماضية حيال الأضرار التي قد تنتج عن انتقال الشركات من دوله إلى الولايات المتحدة طمعاً في الدعم الأميركي، ما يبطئ كثيراً محاولاته للتحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي ظهرت تداعياته بشكل جلي خلال الأشهر الأولى من اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، وأيضاً مواجهة ميزانياته ضغوطاً كبيرة بفعل الإنفاق المتزايد على الطاقة ودعم الأسر. لذا تضغط بروكسل على الولايات المتحدة لمنح استثناءات للشركات الأوروبية.

ووفق مؤسسة بروجيل للأبحاث في بروكسل، فإن المبلغ الإجمالي المخصص من قبل الاتحاد الأوروبي للتحول الأخضر كان مماثلاً للولايات المتحدة، لكن في أميركا كان "أبسط" ويركز على "النشر الشامل للتقنيات الخضراء بدلاً من الابتكار".

وتتنامى التحركات الدولية نحو الطاقة النظيفة، على أمل تقليل جزء كبير من الاحتباس الحراري الذي يحيط بالأرض جراء حرق الوقود الأحفوري الذي يتسبب بأكثر من 75% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وحوالي 90% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وللمرة الأولى يتجاوز الاستثمار في الطاقة النظيفة الاستثمار في استخراج الوقود الأحفوري. وقالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي المخصص للاستثمارات في مجال الطاقة الصادر في مايو/ أيار الماضي إن نحو 380 مليار دولار، أي أكثر من مليار دولار يوميا، ستذهب هذا العام إلى الطاقة الشمسية وخصوصا الخلايا الكهروضوئية، وستتجاوز للمرة الأولى المبالغ المستثمرة في استخراج الوقود الأحفوري.

وتوقعت الوكالة أن تتجاوز قيمة السوق العالمي لتكنولوجيا الطاقة النظيفة الرئيسية والمصنعة 650 مليار دولار سنوياً بحلول 2030.

 

المساهمون