الجزائر: كورونا ينقذ ميزانية الصحة من كماشة التقشف

29 يناير 2021
شكلت ميزانية الصحة الاستثناء كما كان منتظراً في ميزانية 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

دفعت الأزمة المالية التي تعيشها الجزائر الحكومة إلى انتهاج سياسة "شد الحزام" والتوجه نحو "كماشة التقشف" في وضع المخصصات الموجهة للوزارات للسنة المالية 2021، في ظل تهاوي إيرادات البلاد من بيع النفط، باستثناء بعض القطاعات التي حافظت على ميزانيتها مرتفعة، رغم الضائقة المالية التي قلصت ميزانية أكثر من 20 قطاعاً.

وشكلت ميزانية الصحة الاستثناء كما كان منتظراً في ميزانية 2021، بعدما ارتفع الاقتطاع السنوي المخصص لها بـ5% إلى 410 مليارات دينار، وذلك بالنظر إلى التحديات التي تنتظر هذا القطاع، خاصة في ظل تواصل تفشي وباء كوفيد 19، وذلك لتغطية ارتفاع الإنفاق الحكومي على الأدوية والعتاد الصيدلاني.

هذا إضافة إلى ارتفاع كتلة أجور العمال بعد إقرار الحكومة تحفيزات ومنحاً مالية للأطباء وشبه الطبيين والصيادلة العاملين في المستشفيات الحكومية، ما جعل ميزانية الصحة ثالث أكبر ميزانية في الجزائر سنة 2021، بعد الدفاع والداخلية، إذا ما تم احتساب ميزانية دعم خدمات الصحة والاقتطاعات الاستثنائية لشراء اللقاحات والمواد الصيدلانية وشبه الصيدلانية لمواجهة وباء كورونا.

وحسب الدكتور جمال فورار، مدير الوقاية في وزارة الصحة الجزائرية والناطق الرسمي للجنة رصد ومتابعة فيروس كورونا، فإن "الحكومة الجزائرية أخرجت ميزانية وزارة الصحة من أي حسابات مالية أو سياسية، بل تعاملت معها بموضوعية ومسؤولية، الجزائر على غرار باقي دول العالم تعيش وضعا صحيا استثنائيا، ومن الطبيعي أن تفلت ميزانية الصحة من (التقشف)، فصحة الجزائريين أولى".

وبلغة الأرقام، يقول فورار  إن "قطاع الصحة خصصت له أكثر من 3 مليارات دولار كميزانية دعم للخدمات الصحية تطبيقا لمبدأ الصحة المجانية المنصوص عليها في الدستور، وهي ميزانية خارج ميزانية وزارة الصحة التي تنقسم إلى 330 مليار دينار كرواتب لعمال القطاع بأكملهم، و53 مليار دينار لصيدلية المستشفيات المركزية التي تمون مستشفيات الجزائر بكل الأدوية والمواد شبه صيدلانية من ألبسة وصولا إلى الضمادات".

وتضاف إلى ذلك 5 مليارات دينار موجهة لمعهد "باستور" للأبحاث في الأوبئة، المكلف متابعة تطور تفشي وباء كورونا وغيرها من الأمراض والأوبئة، وأخيرا تم تخصيص ميزانية مفتوحة قد تصل إلى 20 مليار دينار (1.5 مليار دولار) لشراء لقاحات فيروس كورونا المنتظر أن تصل أولى دفعاتها في الأيام القادمة من روسيا، وهو "سبوتنيك v"، والصين ثانياً.  إذاً نحن نتكلم عن ميزانية قطاعية ارتفعت بـ5% عن السنة الماضية، بالإضافة لميزانيات خارجية تقتطعها الحكومة مباشرة من ميزانية الدعم العام للخدمات والمواد واسعة الاستهلاك".

وكانت الجزائر قد أعلنت، مطلع يناير/كانون الثاني الحالي، أنها قررت اقتناء اللقاحين الروسي والصيني، تمهيدا لإطلاق عملية لقاح شاملة ضد فيروس كرورنا بدءا من الفاتح من فبراير/شباط 2021، ومن المنتظر أن تصل أول شحنة من اللقاح الروسي في الأيام القليلة القادمة، وستكون موجهة لعمال قطاع الصحة، على أن تمس الدفعة الثانية كبار السن وذوي الأمراض المزمنة.

ومنذ بداية تفشي وباء كورونا نهاية فبراير/ شباط 2020 في الجزائر، ضغطت نقابات الصحة الجزائرية من أجل توفير الإمكانيات المالية اللازمة لعمال القطاع، خاصة في ما يتعلق بتوفير العتاد ومواد الوقاية، إضافة إلى مراجعة منحة العدوى مع إقرار منح خاصة، وهي المطالب التي سارعت الحكومة إلى تلبية جزء منها تحت ضغط من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الذي تدخل في آب/ أغسطس 2020 من أجل رفع التجميد عن صب منح "عدوى كورونا" التي ظلت محل تقاذف بين وزارتي الصحة والمالية.

وفي السياق، يرى إلياس مرابط، رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، أن "الحكومة لم تكن مخيرة في قرار رفع ميزانية الصحة، ولا يجب أن نراه إنجازا كبيرا، إذا أردنا أن نواجه الوباء بكل قوة فعلينا توفير الأموال، هناك أطباء وممرضون لم يذهبوا إلى منازلهم عدة أشهرٍ تفاديا لنقل العدوى لأهلهم، وفي المقابل يأتي إداري لا يخرج من مكتبه في الوزارة يقرر هل تُصب منحة كورونا أو لا، هل ترفع ميزانية القطاع أو لا، هذا غير مقبول".

وأضاف مرابط لـ"العربي الجديد" أن "نقابات الصحة لسنوات وهي تنادي بضرورة مراجعة سلم أجور قطاع الصحة، بما فيه المنح، واليوم تحت تأثير كورونا نرى الحكومة تنفق بسخاء على القطاع، نأمل أن تتراجع الحكومة عن هذا الخيار فور ذهاب كورونا إن شاء الله، لأن الحفاظ على صحة المواطن ليست مناسباتية ولا آنية".

المساهمون