تتصاعد أسعار العديد من السلع الغذائية بشكل حاد في الجزائر، خاصة التي تشهد ارتفاعا في الطلب خلال موجات الصقيع التي تعصف بالبلاد، فيما يتبادل تجار الجملة والتجزئة الاتهامات حول رفع الأسعار، وسط سخط المواطنين من الغلاء.
وتتفاوت زيادات الأسعار من منطقة إلى أخرى، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد من الحمص إلى ما بين 410 دنانير و450 دينارا (بين 2.9 دولار و3.2 دولارات)، بينما كان في الأيام القليلة الماضية لا يتعدى 300 دينار، بزيادت تصل نسبتها إلى 50%، وقفز سعر العدس إلى 300 دينار مقابل نحو 180 دينارا بارتفاع نسبته 67%، وزاد سعر الفاصوليا البيضاء من 250 دينارا إلى 370 دينارا، بصعود نسبته 48%.
هذه القفزات التي سجلتها أسعار البقوليات في ظرف زمني قصير، استقبلتها العائلات الجزائرية التي تغير نمط غذائها في فصل الشتاء، بكثير من السخط والتذمر، إذ تتحول الفاصوليا والعدس والحمص إلى أكثر الأطباق حضوراً فوق الموائد.
طعام الأغنياء
يقول خالد بوعناني، وهو موظف في إدارة عمومية إن "الفاصوليا تحولت من أكلة الزوالية (الفقراء) إلى أكلة الأغنياء على ما يبدو".
كما قالت لامية ربة منزل من العاصمة الجزائر إنها فوجئت بزيادة أسعار العديد من الأصناف التي يزيد استهلاكها خلال فصل الشتاء، مشيرة في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن راتب الموظف البسيط لن يكفيه لإكمال الشهر في ظل هذه الزيادات.
في المقابل، تعدت الروايات حول أسباب ارتفاع أسعار هذه الحبوب الجافة حسب التجار، فالكل يسعون جاهدين لتبرئة ذمتهم، فانقسمت الأسباب بين المضاربة لدى البعض وبين تضييق استيراد البقوليات من طرف الحكومة.
ويقول التاجر الذي عرف نفسه باسم عبد الوهاب، وهو صاحب متجر لبيع المواد الغذائية وسط العاصمة الجزائرية: "المواطنون يتهموننا بالمضاربة والجشع، ونحن بدورنا نتهم تجار الجملة أو من يقف وراءهم من مستوردين بذلك أيضا".
وفي بلدية "السمار" بالضاحية الجنوبية للعاصمة، المشهورة بنشاط تجار الجملة للمواد الغذائية، يقول مسعود قصرادي، تاجر جملة لـ"العربي الجديد" إن "الأسعار فعلا قفزت مؤخراً، لكن هذه الزيادات فرضها منطق السوق أي العرض والطلب".
ويضيف أن "المستورد رفع الأسعار لأن المورد رفع السعر يضاف إلى ذلك ارتفاع سعر الشحن والنقل، والمنتج المحلي رفع الأسعار كذلك تماشياً مع ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، وتراجع الدينار إلى مستويات كبيرة"، معتبرا أنه ليس هناك أي مضاربات.
16 محتكر
لكن الحاج الطاهر بلنوار، رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، يقول لـ"العربي الجديد" إن "استيراد البقوليات يحتكره 16 مستوردا منذ سنوات، وهم من يتحكمون في الأسعار والكميات المطروحة للتسويق".
ولكبح زيادات الأسعار قررت وزارة الزراعة فتح "تعاونية لبيع البقوليات" لتضع سقفاً لهامش الربح بـ 15% فقط.
ويشير عبد الرحمان كواجي مدير التوزيع في الديوان الجزائري المهني للحبوب إلى وجود "مضاربات من قبل المستوردين الذين يؤخرون طرح سلعتهم في السوق حتى ترتفع الأسعار".
ويقول كواجي لـ"العربي الجديد" إن "الديوان قرر فتح 200 نقطة بيع للبقوليات مباشرة للمواطنين وبأسعار معقولة، وذلك لكبح المضاربة التي باتت تمس مختلف الأنشطة التجارية".