التونسيون في مرمى الاحتكار: انفجار أسعار الغذاء مع اقتراب رمضان

26 مارس 2021
تراجع استهلاك المواطنين للحوم بسبب غلاء أسعارها (Getty)
+ الخط -

يخشى التونسيون من انفجار جديد في أسعار الغذاء مع اقتراب شهر رمضان بعد تلميحات رسمية بإمكانية ارتفاع أثمان الخضروات والفواكه بسبب تزامن رمضان مع موسم تقاطع الفصول الذي يقلّ فيه إنتاج العديد من المواد الزراعية.

ويعاني التونسيون منذ أشهر من ارتفاع صاروخي لأسعار الخضروات والفواكه والدواجن والبيض واللحوم الحمراء، فضلا عن زيادات أخرى متواترة في مختلف المواد الغذائية المصنعة.

ويمثل شهر رمضان أهم المواسم الاستهلاكية في تونس حيث يزيد معدل الإقبال على المواد الأساسية للطهو بأكثر من 50 بالمائة، فيما يتضاعف الإقبال على مواد أخرى مثل البيض بأكثر من 3 مرات.

رجح مدير مرصد التزويد والأسعار بوزارة التجارة، رمزي الطرابلسي، أن تشمل الزيادة في الأسعار أصنافا من الخضروات على غرار الطماطم والبصل والخضروات الشتوية نتيجة نقص ما يتسبب آليا في زيادة أسعار.

وقال الطرابلسي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن مواد أخرى أساسية ستشهد استقرارا في العرض والأسعار، ولا سيما منها البطاطا، بالتعويل على المخزونات التعديلية من هذه المادة التي تم تجميعها، مشيرا إلى أن الوزارة ستكافح الغلاء بزيادة المهمات الرقابية في الأسواق وتحديد هوامش الربح، مشددا على أهمية دور المواطن في ترشيد الاستهلاك والتصدي للمحتكرين.

وحسب الأرقام الرسمية التي ينشرها معهد الإحصاء الحكومي تسجّل أسعار الغذاء قفزات غير مسبوقة حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال شهر فبراير/ شباط الماضي بنسبة 4.8 بالمائة مقارنة بالشهر السابق عليه.

وكشف المعهد عن زيادة في أسعار الخضر بـ12.1 بالمائة والزيوت الغذائية بنسبة 10.2 بالمائة، فيما قدرت الزيادة في أسعار مشتقات الحليب والبيض بنسبة 5.7 بالمائة. وسجل التضخم الضمني (من دون احتساب الطاقة والتغذية) لشهر فبراير/ شباط نسبة 5.6 بالمائة.

والغلاء واقع ملموس يواجهه التونسيون يوميا، غير أن طفرات الأسعار المرتقبة في رمضان تزيد من مخاوفهم بسبب الوضع الاجتماعي الصعب لفئات واسعة ممن فقدوا دخولهم وأصبحوا في وضع البطالة وقت تعجز السطات على كبح الأسعار التي أوكلت لقوانين السوق وأهواء المضاربين.

ويقول عضو المكتب التنفيذي لمنظمة المزارعين، محمد رجايبيّة، إن المزارعين بدورهم ضحايا زيادات أسعار مدخلات الإنتاج وتفكك أنظمة الإنتاج بسبب التخلي التدريجي للدولة عن دورها التعديلي وحماية المنتجين بتخزين فوائض الإنتاج
وأكد رجايبية في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التدخل الحكومي عبر آليات التخزين التعديلي كان يمثل أداة مهمة في السوق لتحسين العرض بمواسم تقاطع الفصول وكبح الأسعار وقطع الطريق على المحتكرين، غير أن تراجع دور الحكومة الحمائي للأسعار ينذر بانفلات تام لأثمان الغذاء مع تصاعد الاستهلاك في شهر رمضان.

وأضاف أن غياب استراتيجية واضحة للتصرف في مخزونات الغذاء وغياب البرمجة المسبقة للإنتاج وفق الحاجيات الحقيقية للسوق يضع قاعدة العرض والطلب في مرمى المضاربة وتلاعب المحتكرين، معتبرا أن المزارعين بدورهم ضحايا هذه الشبكات التي تحكم الأسواق وفق مصالحها.

وأشار عضو منظمة المزارعين أن قطاع الزراعة هو صمام الأمان لحماية الأمن الغذائي للتونسيين والحفاظ على قدرتهم الشرائية مطالبا بإعادة النظر في السياسات الحكومية للتصرف في الإنتاج وبرمجة الزراعات ودعم الفلاحين.

وأكد في ذات السياق، أن شهر أبريل/ نيسان المقبل الذي يتزامن مع حلول شهر رمضان من الفترات الصعبة على مستوى تزويد السوق لتقاطع الفصول وعدم وصول المنتجات الصيفية من الخضر والفواكه مرحلة النضج ما يتسبب عادة في ندرة المنتجات وغلاء الأسعار.

ويحرم الغلاء التونسيين من أصناف عديدة من الغذاء وأهمها اللحوم الحمراء التي أصبحت تحلّ في مواسم قليلة على موائد العائلات نتيجة ارتفاع أثمانها وتعويضها بمصادر بروتينية أخرى أقل ثمناً، ومنها الدواجن والبيض.

تراجع استهلاك التونسي من اللحوم الحمراء من معدل 11 كلغ سنوياً قبل 2011 إلى 9 كلغ سنوياً في الوقت الراهن، وفق أرقام رسمية لشركة اللحوم الحكومية.
ويعد معدّل استهلاك التونسيين للحوم الحمراء (لحم الضأن والبقري) من أضعف المعدلات العالمية بسبب تراجع المقدرة الشرائية.

وقال رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، إن الطعام الخالي من البروتين أو ما يعبره عنه محليا "الطبق الكذّاب" أصبح سائدا لدى أغلب الأسر التي لم تعد لديها القدرة على الجمع بين الخضر والفواكه واللحوم في سلّة واحدة.

وأكدّ سعد الله أن المنظمات المدنية ستتحرك من أجل تفعيل آليات المقاطعة لكل المواد المترفعة السعر بشكل مبالغ في خلال رمضان لكسر الطوق الذي يضربه المحتكرون على أسواق الجملة، فضلا عن توفير عشرات النقاط لبيع مواد زراعية من المنتج إلى المستهلك وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".

وأشار رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك إلى التوصل إلى اتفاق مع منظمة المزارعين من أجل تركيز عشرات نقاط البيع المباشرة التي يعرض فيها المنتجون سلعهم دون المرور عبر أسواق الجملة.

المساهمون