قفز تضخم أسعار المستهلك في لبنان بنسبة 136.8% على أساس سنوي، خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تحت ضغوط ضعف سعر الليرة أمام الدولار في السوق المحلية.
وذكرت إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء، اليوم الأربعاء، أن مؤشر أسعار المستهلك صعد بنسبة 3.89% على أساس شهري، مقارنة مع سبتمبر/ أيلول الماضي.
ويقيس مؤشر أسعار المستهلك في البلاد، التغيرات في أسعار مجموعة من السلع والخدمات التي تستهلكها الأسر المحلية، والتي تؤثر على القدرة الشرائية.
يعاني لبنان منذ شهور، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، أدت إلى تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازية، وانخفاض في القدرة الشرائية لدى أغلب المواطنين.
وبينما يبلغ سعر صرف الدولار في السوق الرسمية 1507 ليرات للدولار الواحد، فإن قيمته في السوق الموازية (السوداء) تتجاوز 8100 ليرة، في تعاملات، اليوم الأربعاء.
وتتزايد الضغوط المالية في لبنان مع تجدد الإغلاق لكبح انتشار فيروس كورونا، ما يضع العديد من الأنشطة على شفير الإفلاس، بينما يواجه البلد أزمات متراكمة تسببت في هبوط الاحتياطي الأجنبي إلى مستويات قياسية، ما استدعى الإعلان عن إجراءات قد تنهي دعم واردات السلع الأساسية من دواء وقمح ومحروقات (وقود) خلال الأسابيع المقبلة.
وتتزامن الأزمات مع أبواب توصد في وجه بيروت لتلقي الدعم المالي من منظمات التمويل والدول المانحة بسبب عدم تشكيل حكومة جديدة حتى اليوم، وعدم القيام بأي إجراءات إصلاحية وضمنها التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان المركزي.
وتأتي هذه المشكلات في ظل الإغلاق العام الذي بدأ في الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري ويستمر حتى نهاية الشهر، حيث تتصاعد المعاناة المعيشية مع إقفال الشركات والمؤسسات أبوابها استجابة لتدابير مواجهة كورونا، وتتزايد حالات التسريح من العمل وخفض الرواتب نتيجة هبوط أرباح الشركات وإغلاق العديد منها نهائياً ومغادرتها السوق اللبنانية.
ويشكو المواطنون من احتجاز دولاراتهم في المصارف منذ العام الماضي، وخفض سقف السحوبات من المصارف بالعملة المحلية في محاولة من مصرف لبنان للسيطرة على جماح التضخم، ما يزيد من الضغوط على التجار والمستوردين لتأمين العملة الصعبة اللازمة لشراء السلع من الخارج.
وانعكست هذه الإجراءات على الأسعار في السوق المحلية التي ارتفعت إلى مستويات قياسية، حيث يفاقم تدهور قيمة العملة معاناة اللبنانيين المعيشية مع تجاوز نسبة البطالة 50%، وفقاً لتقديرات خبراء اقتصاديين مُعلنة في الأيام الماضية، في تزايد يُنذر بالأسوأ، قياساً بأرقام مسح القوى العاملة الصادر عن "المديرية العامة لإدارة الإحصاء المركزي"، والذي يغطي الفترة الممتدة بين إبريل/نيسان 2018 ومارس/آذار 2019، والتي أظهرت أن معدّل البطالة في لبنان بلغ 35% بين الشباب من حمَلة الشهادات الجامعية.