البنوك العمومية الجزائرية: 40% من الأسهم مطروحة للبيع زيادة للسيولة

07 أكتوبر 2023
داخل أحد المصارف العاملة في الجزائر (فريدريك ريغلان/ Getty)
+ الخط -

أعطت الحكومة الجزائرية الضوء الأخضر للبنك المركزي لإطلاق عملية خصخصة بنوكٍ عمومية، في ثاني خطوة بعد الخطوة الأولى التي خطتها شهر يوليو/ تموز الماضي، في أعقاب تقديم وزير المالية الجزائري لعزيز فايد خطة لفتح رأسمال البنوك الحكومية.

وتنتظر الحكومة، عبر فتح رأسمال البنوك العمومية، امتصاص كتل مالية تغطي بها عجز السيولة في البنوك التي هوت تحت الخطوط الحمراء. وحسب المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد" فإن البنك المركزي أمر ثلاثة بنوك عمومية وهي "القرض الشعبي الجزائر" و"بنك التنمية المحلية" بالإضافة إلى "بنك الفلاحة والتنمية الريفية"، للشروع في عملية جرد الممتلكات المالية والأملاك المنقولة، بالإضافة إلى الموارد البشرية، ورصد الكتل النقدية المتداولة، لتحديد القيمة السوقية لكل بنك، تمهيداً لفتح رأسمال البنوك المعنية.

وحسب ما علمته "العربي الجديد" من مصدر في جمعية البنوك الجزائرية (تكتل يضم البنوك المعتمدة في الجزائر)، فإن "عملية فتح رأسمال البنوك تتم بالمرور عبر عدة مراحل، تبدأ باجتماع مجلس إدارة كل بنك عمومي على جهة، للتدقيق في أرقام البنك وحصيلة نشاطاته والنظر في نتائجه ورأسماله، وغيرها من المعطيات التي ترفع للجمعية العامة لمجلس الإدارة، التي يترأسها وزير المالية أو ممثله، وذلك في انتظار تحديد آليات فتح رأسمال البنك بنسبة تتراوح بين 20 و40 في المائة ولن تتجاوز ذلك حتى لا تتحوّل إلى عملية خصخصة كاملة، بل مجرد فتح رأسمال البنوك جزئياً".

وأكد المصدر نفسه لـ"العربي الجديد" أن "البنوك الثلاثة باشرت في عملية تقييم رأسمالها المالي والبشري، حتى تستطيع في أعقاب ذلك تحديد سعر السهم، وهو القرار الذي سيفصل فيه مجلس مساهمات الدولة (مجلس يضم 14 وزارة)، وأيضاً لتحديد طريقة الخصخصة وعملية بيع الأسهم، التي يفترض أنها ستمرّ عبر بورصة الجزائر، وتحديد هل ستكون موجهة للمؤسسات أم للمواطنين أيضاً، وهو ما يتم الفصل فيه خلال الاجتماع بشكل رسمي لتنطلق عملية فتح رأسمال البنوك قريباً".

وشدد المصدر البنكي لـ "العربي الجديد" على أن "عملية فتح رأسمال البنوك العمومية تراعي شرطاً مهماً وهو الحفاظ على مناصب الشغل وفرص العمل وشبكة الوكالات المنتشرة عبر التراب الوطني، ورفعها قدر الإمكان".

ويضيق هامش تحرك المؤسسات المالية الجزائرية، فالمصارف دخلت نفق أزمة نقص السيولة رغم تدخلات البنك المركزي لإنقاذها، ودفع شح الموارد غالبية المصارف إلى اللجوء للاحتياطات الإجبارية، وهي أزمة غير مسبوقة لم تعتدها المنظومة المصرفية في البلاد.

حسب آخر أرقام البنك المركزي الجزائري، تهاوت سيولة المصارف من 8 مليارات دولار في منتصف 2020، إلى 4.8 مليارات دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول 2020، ليتواصل التهاوي إلى 3.7 مليارات دولار، مطلع 2021، وذلك لأول مرة منذ أكثر من 20 سنة.

وأمام هذه الوضعية، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الحكومة، في 8 آب/ أغسطس 2021، ببيع حصص في الشركات والبنوك الحكومية، في إطار إصلاحات اقتصادية تتضمن تسريع إصدار النصوص القانونية الجديدة حول الاستثمار، تحفيزاً للشراكة وخلقاً لفرص عمل، في خطوة لم تُتبعها الحكومة بتوضيحات إلى يومنا هذا.

وفي السياق، تساءل الخبير المصرفي ومدير التخطيط في وزارة المالية سابقاً سمير تيفراوي إن كانت عملية فتح رأسمال البنوك العمومية المعنية، ستمر عبر طرح عام لبيع الأسهم أو عن طريق زيادة رأسمال، لأن زيادة رأس المال تعني أن البنوك ستقوم بضخ الأموال التي هي في حاجة إليها.

وأضاف لـ "العربي الجديد" أن " البيانات المالية للبنوك المعنية تظهر أنها تستثمر مبالغ كبيرة في سندات الخزينة، ومن شأن بيع السندات أو أذون الخزانة أن يوفر السيولة اللازمة، بالإضافة إلى ذلك، لدى البنوك احتياطيات مالية، ما يدفع إلى التساؤل هل تتجه الحكومة إلى دمج جزء من الاحتياطيات في رأسمال قبل فتحه أم بعد هذه العملية؟".

ويترقب المتتبعون للشأن المصرفي في الجزائر المسار الذي ستمر عليه عملية خصخصة البنوك، أم ستتوقف الحكومة عند حدود معينة حفاظاً على الملكية وحق التسيير، وعدم الوقوع في فخ التسرع بحثاً عن السيولة.

وفي السياق، قال المستشار البنكي نبيل جمعة لـ "العربي الجديد" أنه "من المهم معرفة تأثير هذه العملية على طرق تسيير البنوك، فمثلاً حتى يكون للمساهمين والمستثمرين كلمة في تسيير البنوك العمومية مستقبلاً، يجب أن يمتلكوا أغلبية الأصوات داخل مجلس الإدارة، ما يترتب عليه فتح رأسمال بأكثر من 51 في المائة، ولا أظن أن الحكومة ستتعدى هذا الرقم أو تقترب منه، ما يعني خصخصة كاملة للبنك، وهذا يعني أن الإداريين سيستمر تعيينهم من قبل الحكومة عبر وزارة المالية أو مجلس مساهمات الدولة، دون أي تأثيرعلى الحوكمة وطرق تسيير البنوك، وسيكون مساهمو "الأقلية" تحت رحمة القرارات التي تتخذها الحكومة بطريقة غير مباشرة، كما أن بيع الأسهم غير مفتوح للمستثمرين الأجانب، فمشاركة رؤوس أموال أجنبية كان من الممكن أن توفر الخبرة والدراية التي من شأنها تحسين كفاءة الإدارة".

وتابع : "لماذا الاستثمار في الأسهم ذات حقوق تصويت ضئيلة وغير سائلة؟ في وقت يمكنك الاستثمار في أوراق مالية ذات عائد مغرٍ، بحيث تكون متأكداً من استرداد استثمارك عند الحاجة أو عند بلوغ آجال الاستحقاق".

المساهمون