البنك الفيدرالي الأميركي يحذر من انهيار أسعار العقارات

02 مارس 2023
توقعات قوية بتراجعات كبيرة في أسعار العقارات (Getty)
+ الخط -

حذر اقتصاديو مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) من حدوث انخفاضات كبيرة في أسعار العقارات، قد تصل إلى نسبة 20% من المستويات الحالية، نتيجة لارتفاع معدلات الفائدة المطبقة على قروض الرهن العقاري لأعلى مستوياتها في عقدين.

ووفقًا لبحث أعده اقتصاديون تابعون للبنك الفيدرالي في دالاس، ونُشر، أول أمس الثلاثاء، فإنّ معدلات الفائدة المرتفعة قد تتسبب في حدوث "انحدار عميق في سوق العقارات العالمية"، بعد أن نشطت السوق بصورة واضحة، بدءاً من عام 2020، في أعقاب الطفرة التي حدثت في العام الأول للوباء.

وعلى الرغم من أنّ معدل ارتفاع أسعار المنازل قد بدأ أخيراً بالاعتدال، إلا أنه لا تزال هناك مخاوف من حدوث انخفاض أكثر حدة، وفقاً لما كتبه محللو البنك المركزي الأكبر في العالم. 

وأشار الخبيران الاقتصاديان، لورين بلاك وإنريكي مارتينيز غارسيا، اللذان أعدا التقرير، إلى ظهور بوادر مشكلات في سوق الإسكان في الولايات المتحدة وألمانيا، تهدد أسواق العقارات حول العالم، بسبب حجم اقتصاد الدولتين، وتأثيره على الأسواق في البلدان الأخرى.

وقال الباحثان إنّ بعضاً من هذا الخطر ينبع من تراجع القدرة على شراء المنازل، مشيرين إلى أن تراجع القدرة على تحمل تكاليف الشراء في الولايات المتحدة يسبق عادة حدوث تدهور عالمي.

تأثير الدومينو

وأشارا إلى إمكانية حدوث "تأثير قطع الدومينو"، حيث يتوالى انهيار الأسواق، حين يخرج المستثمرون من الأسواق الدولية، سعياً وراء الأمان والسيولة في أماكن أخرى، وهو ما يزيد المخاوف من امتداد الأزمة لما هو أبعد من السوقين، الأميركية والألمانية. 

ولكي يعود سوق الإسكان الأميركي بما يتماشى مع أساسياته، قدّر الباحثان أنه سيحتاج إلى الانخفاض بنسبة 19.5%.

ويهدد ارتفاع معدلات الفائدة المطبقة على قروض الرهن العقاري بإشعال الموجة التصحيحية، فتكون تراجعات الأسعار أكبر كثيراً من التوقعات.

وقال الباحثان: "في حين أنّ حدوث تصحيح بسيط في أسعار المنازل لا يزال هو السيناريو الأكثر ترجيحاً، إلا أنه يتعين عدم إغفال ما قد يسببه استمرار السياسة النقدية المتشددة من البنوك المركزية، في ألمانيا كما في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، من تعميق التراجعات المتوقعة في الأسعار".

وخلال جائحة كوفيد-19، ارتفعت أسعار المنازل بوتيرة لم تشهدها منذ السبعينيات، حيث كانت معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري عند أدنى مستوياتها على الإطلاق، وتوفرت السيولة النقدية من الإعانات التي قدمتها الحكومات للمواطنين، بينما دفعت سياسات البقاء في المنازل المواطنين للبحث عن منازل أكبر.

وخلال تلك الفترة، كان الطلب قوياً للغاية، وكانت المنازل المتاحة محدودة، لدرجة أن بعض المشترين اشتروا بلا معاينة أو بدون إجراء تقييمات من طرفهم، ودفع بعضهم مئات الآلاف من الدولارات، فوق السعر المطلوب من البائع، لضمان إتمامهم عملية الشراء.

تكلفة الاقتراض ترتفع مجدداً

وقفز متوسط معدل الفائدة على قروض الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عاماً، اليوم الخميس، ليتجاوز 7% مجدداً، مسجلاً 7.1%، وفقًا لما ذكره موقع Mortgage News Daily.

وتسببت المخاوف المتنامية، على مدار الأسبوعين الماضيين، من استمرار التضخم المرتفع، واضطرار البنك الفيدرالي للإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة لفترات مطولة، في ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية من جديد، بما فيها سندات العشر سنوات، الأكثر تأثيراً في تحديد المعدل المطبق على قروض الرهن العقاري.

وسجل عائد سندات العشر سنوات اليوم الخميس معدل 4.06%، للمرة الأولى منذ العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني، بينما ارتفعت أيضاً عوائد السندات من كل الآجال.

وتجاوز متوسط معدل الفائدة المطبق على قروض الرهن العقاري 7% في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في أعلى مستوياته منذ أكثر من 20 عامًا.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

لكن هذه المعدلات تراجعت في الأشهر التالية، حين أظهرت عدة تقارير بوادر تراجع معدل التضخم، لتنخفض الفائدة المطبقة على قروض الرهن العقاري تحت 6%.

الإيجار يثقل كاهل الأميركيين

وعلى الرغم من انخفاض كلفة استئجار الشقق أخيراً، بعد موجة الارتفاعات الشديدة في السنوات الأخيرة، إلا أن العديد من المواطنين الأميركيين ما زالوا يرونها مرتفعة بشكل مؤلم.

وارتفع متوسط الإيجار بنسبة 2.4% في يناير/ كانون الثاني عن العام السابق إلى 1942 دولاراً، وهي أقل زيادة سنوية منذ يونيو/ حزيران 2021، وفقاً لبيانات موقع "رينت"، المعنية بإيجارات الشقق والمنازل.

وبينما بلغت ذروة الارتفاع في متوسط الإيجار في أغسطس/ آب 2053 دولاراً، تجاوز معدل النمو السنوي نسبة 18% في مارس/ آذار من العام الماضي.

وانخفض متوسط الإيجار على مستوى كافة الولايات الأميركية خلال شهر يناير بنحو 2%، مقارنة بشهر ديسمبر/ كانون الأول، وهو رابع انخفاض له في خمسة أشهر، وفقاً للبيانات المنشورة على الموقع.

وبعد ارتفاع الإيجارات في 2021 وأغلب عام 2022، بدأ المعدل  في التراجع، وسط تباطؤ الطلب وارتفاع معدلات بناء الشقق الجديدة، مما فرض على أصحاب العقارات تخفيض تلك الزيادات.

وبالرغم من ذلك التراجع، إلا أن السنوات التي سبقتها أضرت ميزانيات المستأجرين، حيث التهمت حصة كبيرة من دخلهم.

ووفقًا لتحليل شركة البيانات موديز، بلغ المتوسط الوطني لنسبة الإيجار إلى الدخل 30% في الربع الرابع من عام 2022، وتعد تلك النسبة العليا منذ 20 عاماً.

المساهمون