استمع إلى الملخص
- الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة في لبنان، مع تأثيرات الصراعات الإقليمية وأزمة اللاجئين، تفاقم عدم المساواة وتزيد الاعتماد على التحويلات المالية من الخارج، مع تحذيرات من صندوق النقد الدولي بشأن تأخير الإصلاحات.
- التقرير يوصي بضرورة تنفيذ إجراءات تدخلية لتعزيز قدرة الأسر على الصمود وتحمل الأزمة، مؤكدًا على أهمية شبكات الأمان الاجتماعي والإصلاحات المالية الكلية لضمان استقرار الأسعار ودعم الإنفاق الاجتماعي.
كشف تقرير صادر عن البنك الدولي عن ارتفاع معدّل الفقر في لبنان أكثر من ثلاثة أضعاف إلى 44% من مجموع السكان خلال العقد الماضي. وخلص التقرير إلى أنّه "استناداً إلى دراسة استقصائية للأسر أُجريت مؤخراً وشملت محافظات عكار وبيروت والبقاع وشمال لبنان ومعظم جبل لبنان، فإنّ واحداً من كلّ ثلاثة لبنانيين في هذه المناطق طاوله الفقر في لبنان عام 2022"، لافتاً إلى أنّ معدل الفقر في عكار، شمالي البلاد، وصل إلى 70%.
وعقدت، صباح اليوم الخميس، ندوة في مكاتب البنك الدولي في لبنان حول التقرير الجديد الذي أعدّه البنك تحت عنوان "تقييم الفقر والإنصاف 2024 في مواجهة أزمة طويلة الأمد"، شارك فيها نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، وخبراء اقتصاديون. واعتمد التقرير على دراسة استقصائية للأسر أُجريت بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بين ديسمبر/كانون الأول 2022 ومايو/أيار2023، وشملت اللبنانيين والسوريين وغيرهم من الجنسيات الأخرى (باستثناء الفلسطينيين في المخيمات والتجمّعات) في خمس محافظات في لبنان، وشملت البيانات التي جُمعت الخصائص الديمغرافية، والتعليم، والتوظيف، والصحة، والنفقات، والأصول والممتلكات، والدخل، واستراتيجيات التكيف.
أسباب تعمق الفقر في لبنان
وأشار التقرير إلى أنه "بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية التي طال أمدها ودخلت عامها الخامس، أُجبرت الأُسر على اعتماد مجموعة متنوعة من استراتيجيات التكيف، بما في ذلك خفض معدل استهلاك الغذاء والنفقات غير الغذائية، فضلاً عن خفض النفقات الصحية، مع ما قد يترتب عنه من عواقب وخيمة على المدى الطويل. وحتى يتسنى تناول هذه التغيرات في سلوكيات الأسر على نحو أفضل، اعتمد التقرير خط فقر في لبنان غير رسمي جديد وُضع لعام 2022، إذ لم يعد خط الفقر الوطني المعتمد منذ عام 2012 يعكس أنماط الاستهلاك الحالية أو الظروف التي تواجه الأسر في لبنان اليوم".
وكشف التقرير أيضاً عن "زيادة كبيرة في معدل الفقر النقدي من 12% في عام 2012 إلى 44% في عام 2022 في المناطق التي شملتها الدراسة الاستقصائية"، متوقفاً أيضاً عند تفاقم عدم المساواة في الدخل بين اللبنانيين. ولفت إلى أنه "مع النمو السريع للاقتصاد النقدي المدولر، تجد الأسر اللبنانية التي تحقق دخلاً بالدولار الأميركي نفسها قادرة على المحافظة على قدرتها الشرائية، فيما الأسر التي لا تستطيع الحصول على الدولار الأميركي تجد نفسها معرضة بشكل متزايد لمخاطر تصاعد وتيرة التضخم".
وقد أصبحت التحويلات الواردة من الخارج دعامة اقتصادية غاية في الأهمية، حيث ارتفعت من معدل 13% من إجمالي الناتج المحلي بين عامي 2012 و2019 إلى نحو 30% في عام 2022. كما ارتفعت التحويلات بنسبة 20% بالقيمة الاسمية بين عامي 2021 و2022. ولهذه التدفقات المالية دور متزايد الأهمية في منع سقوط شريحة من السكان في دائرة الفقر في لبنان الآخذة أوضاعه بالتفاقم.
وخلص التقرير أيضاً إلى أن "الأسر السورية تضرّرت بشدة من جراء الأزمة، إذ يعيش نحو تسعة من كل عشرة سوريين تحت خط الفقر في عام 2022، وفي الوقت نفسه نجد أن 45 في المائة من الأسر السورية تستهلك معدلات من المواد الغذائية أقل من المعدلات المقبولة". وأوصى بسلسة من الإجراءات التدخلية للمساعدة في بناء قدرة الأسر على الصمود وتحمّل الأزمة التي طال أمدها، مؤكداً أن شبكات الأمان الاجتماعي ستستمر في لعب دور حيوي في مساعدة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية، كما من شأن الإصلاحات المالية الكلية الشاملة أن تساعد على تأمين استقرار الأسعار وتوفر الحيز المالي للإنفاق الاجتماعي.
صندوق النقد: تأخير الإصلاحات يلحق خسائر فادخة باقتصاد لبنان
يأتي الإعلان عن هذا التقرير بالتزامن مع بيان صادر عن صندوق النقد الدولي اليوم الخميس، قال خلاله إن "الاستمرار في عدم اتخاذ إجراءات بشأن الإصلاحات الاقتصادية الضرورية يلحق خسائر فادحة بالاقتصاد اللبناني والسكان". وزار وفدٌ من صندوق النقد الدولي، برئاسة إرنستو راميريز ريغو، لبنان في الفترة بين 20 و23 مايو/أيار الجاري، لمناقشة التطورات الاقتصادية الأخيرة والتقدم المحرز على صعيد الإصلاحات الرئيسية. وقال ريغو إنّ "التداعيات السلبية الناجمة عن الصراع في غزة، والقتال على الحدود الجنوبية للبنان، وضغوط أزمة اللاجئين، أدت إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي"، متوقفاً عند معدلات البطالة والفقر في لبنان التي وصلت إلى مستويات مرتفعة بشكل استثنائي، مع تعطّل تقديم الخدمات العامة الحيوية أيضاً.