الانتخابات والتوترات تؤدي إلى ركود أسواق العراق

29 يوليو 2021
تراجع حاد في حركة المبيعات (فرانس برس)
+ الخط -

بعد نحو ثلاثة أسابيع من انطلاق الحملات الدعائية للانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تشهد حركة السوق العراقية انكماشاً واضحاً في عمليات البيع والشراء، خصوصاً في مجال السلع الترفيهية والعقارات والسيارات، مع تأكيدات مراقبين بأنّ الذهاب إلى الادخار خوفاً من الأوضاع الحالية تسبب بهذا الانكماش.
وتشهد العاصمة العراقية بغداد ومدن عدة توترات أمنية وسياسية واضحة منذ مدة، انعكست على حركة البضائع والتجارة والبناء بشكل عام في البلاد، وهو ما بات أمراً متكرراً مع كلّ انتخابات نيابية (برلمانية) تجري في البلاد.

الانكماش يقدر بنحو 30% خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً في قطاع العقارات والسيارات والأثاث المنزلي والسلع الترفيهية الأخرى المستوردة

وضاعف التوتر الحالي بين الفصائل المسلحة الحليفة لطهران والولايات المتحدة عقب الهجمات الصاروخية التي استهدفت عدداً من المعسكرات التي تضم قوات أجنبية ضمن التحالف الدولي، مخاوف المواطنين وكذلك رجال الأعمال والتجار على حد سواء.

وأقرّ مسؤول مصرفي في بغداد بتراجع حاد في حركة السوق العراقية عموماً، معيداً ذلك إلى ما وصفه بـ"الأجواء المحتقنة في البلاد وتذبذب سعر صرف الدولار".

وأضاف المسؤول في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الانكماش يقدر بنحو 30 في المائة خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً في قطاع العقارات والسيارات والأثاث المنزلي والسلع الترفيهية الأخرى المستوردة.

وأشار المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أنّ القروض الميسرة التي يقدمها مصرفا "الرافدين" و"الرشيد" الحكوميان لشرائح كثيرة ومختلفة "ساهمت في دفع السوق قليلاً، لكنّ الأجواء السياسية والأمنية لا تساعد في استقرار السوق".
فخري العلواني، وهو مدير شركة استيراد وتصدير بالعاصمة بغداد، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ معظم المستوردين ينتظرون استقرار الأوضاع، خصوصاً مستوردي البضائع التي تحتاج لوقت من أجل تصريفها بالسوق، وهناك خشية من الأوضاع الأمنية والحرائق التي باتت تضرب مخازن التجار والمستوردين أيضاً، فضلاً عن عمليات حظر التجول بسبب وباء كورونا.
واعتبر العلواني أنّ الانكماش زاد من تحديات المعيشة على الأسر الفقيرة بفعل ارتفاع الأسعار مجدداً.
وبينما يشكو تجار ومواطنون من ركود الأسواق، وتوقف التجارة، وتعطيل حركة البيع والشراء في المجالات كافة نتيجة لضعف السيولة النقدية، تنشغل القوى السياسية بمعتركها الانتخابي وتحالفاتها الانتخابية.
ومن جانبه، قال عضو غرفة تجارة بغداد فراس الطائي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "سنة 2021 شهدت إرهاصات كبيرة، بدأتها بتأخر إقرار الموازنة العامة وبنسبة عجز تقدر بنحو 19 مليار دولار، وتوقف الاستثمار بالإضافة إلى تعطيل الحياة بسبب تداعيات كورونا وصولاً إلى تداعيات الانتخابات التي بدأت مبكراً وألقت بظلالها على حركة سوق العمل في العراق".

يشكو تجار ومواطنون من ركود الأسواق، وتوقف التجارة، وتعطيل حركة البيع والشراء في المجالات كافة نتيجة لضعف السيولة النقدية

وأضاف الطائي: "حركة التجارة تراجعت مع بداية العام الحالي وزاد تراجعها خلال الشهرين الماضيين بشكل واضح، وأثر ذلك في المستوى المعيشي لعدد كبير من العائلات التي تعتمد على ما تحصل عليه من أعمال أفرادها اليومية".
وبدوره، قال النائب السابق في البرلمان العراقي حامد المطلك، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ انعكاس المعترك الانتخابي على الوضع الاقتصادي لدى العراقيين يعود لسببين، الأول خلافات الكتل السياسية الرئيسية، والثاني دخول استغلال المناصب والمال العام في الدعاية الانتخابية.

وأشار إلى أنّ "موازنة 2021 أُقرت على أساس سعر برميل النفط 43 دولاراً، في حين يراوح سعر برميل النفط بين 75 و76 دولاراً حالياً، وهذا الفارق الذي يبلغ نحو 35 دولاراً في البرميل الواحد في وقت يبيع فيه العراق نحو 3 ملايين برميل في اليوم الواحد، يفترض أن ينعكس إيجاباً على المواطنين، لكن حتى الآن لا أثر".

إلى ذلك، عزا الخبير الاقتصادي علي الفريجي سبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وركود السوق في الفترة الحالية إلى تخوّف العراقيين مما سيسفر عن الانتخابات البرلمانية التي بدأت تظهر آثارها واضحة على البلاد.

وقال الفريجي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع الاقتصادي وحركة سوق العمل مضطربة خلال عام 2021 بسبب الأزمات المركبة التي يعيشها العراق، خصوصاً من الناحية الاقتصادية. فقد ارتفعت معدلات الفقر بشكل كبير جداً لأكثر من 31%، بالإضافة إلى الاضطرابات الأخرى المتعلقة بتذبذب أسعار النفط".

وأضاف أنّ "الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل آثارها واضحة على سوق العمل وحركة التجارة، بسبب تخوف المواطنين مما ستؤول إليه الأحداث قبل الانتخابات وبعدها".

خبير اقتصادي: تدهور الأوضاع الاقتصادية وركود السوق في الفترة الحالية يعود إلى تخوّف العراقيين مما سيسفر عن الانتخابات البرلمانية المقبلة

وأشار الفريجي إلى أنّ "القلق كبير جداً أمام الأموال التي من الممكن أن تحرك سوق العمل"، لافتاً إلى أنّ "القلق والخوف من المستقبل المجهول في هذه الأيام انعكسا بتأثيراتهما السلبية على حركة السوق والإنتاج".

ولمّح الخبير الاقتصادي إلى أنّ "العراق أمام مواجهة صعبة لاقتصاده مع أزمة كورونا والأزمات السياسية والأمنية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات".
وكان مجلس النواب (البرلمان) قد حدد العاشر من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، التي تأجلت أكثر من مرة، علماً أنّها انتخابات مبكرة فرضتها الاحتجاجات الشعبية، إذ إنّ آخر انتخابات تعود إلى مايو/ أيار 2018.

المساهمون