الانتخابات الأميركية: رعب بين المستثمرين من الفوضى وفوز ترامب

02 نوفمبر 2020
أميركا تحبس أنفاسها في أخطر انتخابات أميركية
+ الخط -

تدخل الانتخابات الأميركية غداً الثلاثاء يومها الأخير والحاسم في تحديد مسار الرئاسة الأميركية المقبل، كما ستُدخل الانتخابات العالم منعطفاً خطيراً، إذ إنها ستحدد   مصير "النظام العالمي" القائم، وعما إذا كان سيتم ترميمه وإصلاحه أم أن المعمورة ستدخل مرحلة جديدة من التشرذم وتمزيق المنظمات الدولية متعددة الأطراف وربما مرحلة من الشراسة بالحروب التجارية والمالية والتقنية بين واشنطن وبكين وأوروبا. فالتباين بين استراتيجيات المرشحين، الرئيس الحالي دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري ومرشح الحزب الديمقراطي، نائب الرئيس السابق، جو بايدن، يبدو كبيرا جداً في قضايا إدارة الصراع الاقتصادي والمالي والتقني مع الصين وروسيا وترتيب العلاقات مع حلفاء واشنطن في أوروبا وآسيا. وكذلك هنالك اختلاف كبير بينهما حول قضايا داخلية أساسية للاستقرار الداخلي بالولايات المتحدة، على رأسها الضرائب على الأثرياء ورسوم صفقات أسواق "وول ستريت" وخفض مستوى الغبن الطبقي وتفاوت الدخل. يتناول هذا التحليل تداعيات فوز كلّ من المرشحين على مستقبل المال والاقتصاد وإدارة النظام العالمي. حتى الآن، تتخوف معظم دول العالم، ربما عدا إسرائيل وعدد من البلدان العربية مثل مصر والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، من فوز الرئيس ترامب بدورة ثانية.
على الصعيد الصيني، يرى الخبير الأميركي في الشؤون الصينية، غوردون جي شانغ، في مقال بمعهد "غيت ستون" الأميركي، أن فوز ترامب سيعني مزيداً من التدهور في العلاقات التجارية والتقنية بين واشنطن وبكين. ويقول في هذا الشأن، إن الرئيس ترامب يصر على تحميل الصين مسؤولية تفشي جائحة كورونا بينما ترفض الصين ذلك وتنكر مسؤوليتها عن الجائحة. ويضيف أن ترامب يذهب إلى أبعد من ذلك وينوي إجبار الصين على دفع ثمن الخسائر التي سببتها الجائحة للاقتصادات العالمية. وهذه النقطة ربما ستكون مركز الخلاف الرئيسي الذي يصعب تجاوزه بين البلدين. ويذكر أن الرئيس ترامب أجّل انعقاد قمة مجموعة السبع الصناعية التي كان يخطط لعقدها في أكتوبر/ تشرين الأول إلى ما بعد الانتخابات. ويستهدف ترامب تسخير قمة السبع بعد توسيعها لتشمل دولاً حليفة من بينها الهند وكوريا الجنوبية وأستراليا وروسيا، ضمن استراتيجية متكاملة لعزل الصين عن المحيط العالمي ومحاصرة تمددها التجاري. ويرى خبراء أن أولويات ترامب في حال فوزه بدورة رئاسية ثانية ستكون تشكيل تحالف دولي ضد الصين.

ولكن في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، فتدور توقعات الخبراء حول تهدئة الصراع مع الصين وسيكون في إطار محسوب ويتم بالتشاور مع الحلفاء.
ويقول شانغ الذي قدم عدة إفادات للكونغرس حول الصين، إن ترامب لديه اعتقاد جازم بأن شركات التقنية الصينية تسرق التقنية الأميركية وتتجسس لصالح بكين وبالتالي تهدد التفوق العسكري الأميركي. من هنا يتوقع شانغ أن يعمل ترامب في حال فوزه على حظر تداول أسهم الشركات التقنية الصينية في سوق المال الأميركية كما سيسرع خطط خروج الشركات الأميركية من السوق الصينية. 
على الصعيد الأوروبي، هنالك عدة محطات خلافية بين واشنطن وبروكسل، خاصة في حال فوز ترامب، أكبر هذه المحطات الرسوم التجارية التي فرضها ترامب على بعض المنتجات الأوروبية. وينظر الرئيس ترامب إلى أوروبا كخصم وكعدو وليس كحليف، كما ذكر في لقاء سابق مع قناة "سي بي سي" الأميركية إذ قال: "أعتقد أن اوروبا عدو لنا، إذ إنهم يستغلوننا في التجارة". وخلال الأربع سنوات الماضية، فرضت إدارة ترامب رسوماً على صادرات الألومنيوم والصلب والنبيذ الأوروبية، كما كسبت قضية تجارية ضد دول الاتحاد الأوروبي بمنظمة التجارة الدولية في قضية الدعم المقدم لشركة "إيرباص". وفي حال فوز ترامب، فإنه ينوي فرض رسوم بمعدل 25% على صادرات السيارات الأوروبية لبلاده. ولكن ووفقاً لبيانات "يوروستات"، فإنه على الرغم من الضرائب والرسوم التي فرضها على الصادرات الأوروبية، فإنه فشل خلال السنوات الأربع الماضية في خفض الفائض التجاري الأوروبي مع بلاده، إذ ارتفع الفائض التجاري الأوروبي مع أميركا من 113.1 مليار دولار في العام 2016، قبل صعوده للحكم، إلى 152.6 مليار دولار في نهاية العام الماضي. وفي المقابل، فإن المرشح الديمقراطي بايدن أعلن أنه سيمنح أولوية لمشروع الشراكة التجارية مع أوروبا وأنه سيتعامل معها كحليف استراتيجي. 
على صعيد الداخلي، يتخوف المستثمرون في سوق المال الأميركي من عدم قبول أي من المرشحين بنتائج الانتخابات والدخول في نزاعات قانونية، إذ إن ذلك سيقود إلى فوضى وعنف ومظاهرات في الشارع الأميركي تكون لها تداعيات خطيرة على الاستثمار والأعمال التجارية في الولايات المتحدة التي تعيش فترة من الهشاشة على صعيد التماسك الاجتماعي والعرقي، كما يتزايد، منذ مدة، الغبن بسبب التفاوت الطبقي وتفاوت الدخول المالية، ويرتفع عدد الأثرياء، بينما يدخل المزيد من أفراد الطبقة الوسطى الأميركية دائرة الفقر. 

على صعيد أداء الأسهم، يرى مصرف "مورغان ستانلي" في تحليل، أن فوز ترامب ربما سيقود إلى ارتفاع جديد في مؤشر "ستاندرد آند بوورز ـ 500"، أكبر مؤشرات أداء سوق وول ستريت، من مستوياته الحالية إلى 3600 أو 3400 نقطة، حسب قدرة الحزب الجمهوري على السيطرة على الكونغرس الأميركي. ولكن سوق" وول ستريت" ترجح حتى الآن فوز المرشح بايدن بالانتخابات وربما كذلك السيطرة على المجلسين. وفي حال حدوث مثل هذا السيناريو، يرى مصرف "مورغان ستانلي" أن مؤشر" ستاندرد آند بوورز" ربما سيتراجع إلى 3100 نقطة بين نوفمبر الجاري وبداية يناير/كانون الثاني المقبل.

المساهمون