الاقتصاد في الانتخابات الرئاسية الجزائرية: برامج لزيادة النمو والاستثمار وخلق الوظائف

07 سبتمبر 2024
مواطن أمام صور المرشحين الثلاثة، الجزائر، 25 أغسطس 2024 (بلال بنسالم/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **عبد المجيد تبون:** يركز على تعزيز المكتسبات الاقتصادية، تحفيز الاستثمار، وتقوية الإنتاج الوطني كبديل للاستيراد. يهدف برنامجه إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام، رفع صادرات غير المحروقات، وتوسعة البنية التحتية.

- **عبد العالي حساني شريف:** يهدف إلى تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، رفع معدل النمو إلى 7%، وزيادة الناتج الداخلي الخام إلى 450 مليار دولار. يركز برنامجه على رفع متوسط الأجر وتقليص معدل البطالة إلى 5%.

- **يوسف أوشيش:** يدعو إلى نهج تنموي عادل يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية، ويشجع التنافسية والمبادرة المحلية. يركز برنامجه على مكافحة التضخم، تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز آليات مكافحة الفساد.

مع انطلاقة الانتخابات الرئاسية الجزائرية اليوم الأحد، للفصل في من سيقود الجزائر خلال السنوات الخمس المقبلة، يسعى المترشحون الثلاثة في سباق الرئاسيات لإقناع المقترعين ببرامجهم. وإنّ كانت سياسة البلاد الخارجية ومواقفها في القضايا الكبرى محل اتفاق بين المرشحين، فإنّ ملفات الاقتصاد تكتسب أهمية استثنائية، لعلاقتها الوطيدة بحياة المواطن الاجتماعية، خاصة القدرة الشرائية، البطالة، وغلاء أسعار المنتوجات.

وتتفاوت اهتمامات المرشحين بين التركيز على استكمال "مسار الإصلاحات" للمترشح الحر عبد المجيد تبون، واقتراح برنامج تحرير المبادرة وحماية الفئات الهشة للمترشح عن حركة مجتمع السلم المحسوب على التيار الإسلامي عبد العالي شريف حساني، وإصلاح الاختلالات الموجودة للمترشح عن جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش.

ولم يخف أستاذ الاقتصاد في جامعة الجزائر حميد علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه كان من الأولى تنظيم نقاشات ومناظرات بين المترشحين وممثليهم لتوضيح البرامج الاقتصادية أمام المواطن الجزائري بالحجة والدليل كما هو معمول به في كل الديمقراطيات في العالم، وذهب إلى الاعتقاد بأنّه لا خلاف جوهرياً بين المترشحين الثلاثة إلّا في تفاصيل ليس من شأنها، بحسبه، معالجة إشكالات الاقتصاد الجزائري.

تحفيز النمو والاستثمار

ركز برنامج المترشح والرئيس الحالي عبد المجيد تبون على تعزيز المكتسبات الاقتصادية، والاستمرار في وتيرة النمو، وتحفيز وحماية الاستثمار والتشغيل، وتعزيز وتقوية التوازنات الكبرى للاقتصاد، باعتبارها الخطوط العريضة لبرنامجه الاقتصادي، بالإضافة إلى تقوية الإنتاج الوطني كبديل للاستيراد، فضلا عن العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في أهم المنتجات الغذائية.

كما ينص برنامج تبون على اعتماد استراتيجية لرفع نسب الإدماج للمتعاملين الجزائريين في القطاع الصناعي بالشراكة مع الأجانب وتشجيع الصناعات المحلية في مختلف مجالاتها، موازاة مع استحداث وإعادة تنظيم خريطة المناطق الصناعية برؤية جديدة تساهم في خلق التوازن الصناعي ما بين الولايات.

ويهدف هذا البرنامج إلى بلوغ 400 مليار دولار من الإنتاج الداخلي الخام، للمساهمة بانتقال الجزائر إلى دولة ناشئة، والعمل على بلوغ 15 مليار دولار صادرات خارج المحروقات في نهاية 2025، وبلوغ 30 مليار دولار صادرات خارج المحروقات قبل نهاية 2030، إلى جانب تدعيم قدرات البلاد من احتياطي الصرف بالعملة للحفاظ على السيادة المالية للبلاد والأجيال القادمة، ومراجعة السياسة النقدية للبلاد، وفتح ورشة شاملة لتحيين قانون الصفقات العمومية.

ويقترح البرنامج أيضا، مواصلة مد خطوط السكك الحديدية بين الشمال والجنوب، مثل خط العاصمة تمنراست، من أجل بث الحياة في المناطق غير الآهلة ومساهمتها في تطوير الاقتصاد الوطني، وإطلاق المزيد من الخطوط الجوية نحو عواصم أفريقية وعالمية، وفتح الاستثمار للمنافسة في المجال الجوي الداخلي، بالإضافة إلى مباشرة مخطط لتوسعة الموانئ عبر السواحل الجزائرية بهدف رفع طاقة استيعابها للحركة التجارية العالمية، ومواصلة تهيئة وتوسعة شبكة الطرقات المحلية والوطنية.

أما في المجال المالي، فينص مشروع عبد المجيد تبون الانتخابي على مواصلة إصلاح المنظومة البنكية وتحديثها، وتكريس النظرة الاستشرافية المحضة البعيدة المدى في التسيير المالي الشامل للبلاد، فضلا عن تكريس سياسة حماية إطارات الدولة النزهاء الممارسين لفعل التسيير، ومحاربة ما تبقى من القوى المعطلة في مراكز التسيير الحيوية، إلى جانب مواصلة سياسة حماية المنتوج الوطني واستمرارية تشجيعه.

تحرير المبادرة ورفع الأجور

قال أحمد شريفي، ممثل مترشح حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف، إنّ "محور التنمية الاقتصادية الذي يقدمه مرشحنا يهدف بالأساس إلى تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد الوطني، وعلى رأسها رفع معدل النمو الاقتصادي إلى حدود 7%، من خلال تحريك عوامل النمو المتمثل في الموارد البشرية، واستغلال الموارد الطبيعية عبر الاهتمام بالصناعات التحويلية لرفع قيمة هذه الموارد بدلا من توجيهها إلى الأسواق الخارجية مواد خام وبأثمان منخفضة".

وأشار المتحدث، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى العمل على الانتقال في حجم الناتج الداخلي الخام إلى حدود 450 مليار دولار، يكون فيه نصيب الفرد الجزائري 9000 دولار، موازاة مع العمل على رفع متوسط الأجر للمواطن الجزائري إلى 120 ألف دينار (905.64 دولارات)، يكون "ضماناً للأسرة الجزائرية لقضاء الشهر بدون عسر أو اللجوء إلى الاستدانة".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأضاف "من بين المؤشرات الأخرى التي تضر بالقدرة الشرائية للمنتجين والمستهلكين في آن واحد هو التضخم"، ووصفه بـ"أخطر ضريبة غير مقننة، فرغم عدم وجودها في القوانين الجبائية إلا أنّها مرهقة، كونها تقضي على قيمة العملة الوطنية"، فضلا عن كون التضخم يعمل على تآكل القدرة الشرائية من جهة، ويؤثر سلبا على كلفة المنتجين والمستهلكين من الجهة المقابلة.

وأشار، خلال تطرقه إلى الإسقاطات الاجتماعية، إلى أنّ برنامج مترشح حركة مجتمع السلم يهدف إلى تقليص معدل البطالة إلى حدود 5%، بدلا من معدل 13% المسجلة حاليا، مقترحا تسهيل إنشاء مؤسسات قادرة على النمو تساهم في توفير مناصب الشغل.

تنويع الاقتصاد

ويشدد برنامج جبهة القوى الاشتراكية الاقتصادي عبر المترشح يوسف أوشيش، على نهج تنموي أكثر عدالة وملاءمة للواقع المحلي، ويدعو إلى إنشاء أقطاب اقتصادية محلية كبرى تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية لكل منطقة، بهدف تشجيع التنافسية والمبادرة المحلية من خلال دعم التجمعات الإقليمية حول مشاريع مشتركة وإقامة منافسة اقتصادية عادلة بين المناطق لجذب المستثمرين وخلق مواردها الخاصة.

كما يشدد برنامج جبهة القوى الاشتراكية على مكافحة التضخم عن طريق نهج متعدد الأشكال يجمع بين السياسات النقدية والمالية والهيكلية، موازاة مع إعادة تنشيط سياسة التشغيل تجنبا لتحذيرات الهيئات العالمية، إذ إنه من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة ليصل إلى حوالي 19% بحلول عام 2026، ما يعكس اختلالات هيكلية وعدم التوافق بين العرض والطلب على صعيد العمل.

وفي سياق التحذير، جاء في هذا البرنامج أنّ الجزائر تواجه تحديات كبيرة في مجال مناخ الأعمال، ما يؤثر على تنافسية اقتصادها ويعوق تطوير القطاع الخاص، مستدلا بتصنيف "ممارسة الأعمال" لعام 2021 الصادر عن البنك الدولي الذي وضع الجزائر في المرتبة 157 من بين 190 دولة، وهو ما يفرض اتخاذ تدابير عاجلة لمعالجة هذه الوضعية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التنافسية الاقتصادية للبلاد.

ودعا البرنامج إلى إعادة تنظيم الشركات الاقتصادية العمومية لتحسين كفاءتها وإدارتها وأدائها التكنولوجي، وتسريع عملية رقمنة الخدمات الإدارية، وتبسيط إجراءات إنشاء الشركات، وضمان استقرار قانون الاستثمار، وإلغاء تجريم فعل التسيير لتشجيع ريادة الأعمال، فضلا عن تعزيز آليات مكافحة الفساد، والشفافية في منح الصفقات العمومية وفي المعاملات التجارية. 

وعود معيشية في الانتخابات الرئاسية الجزائرية

لاحظ الخبير الاقتصادي أحمد حيدوسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، يبقى وفيا لتوجهات حزبه اليساري التقدمي، ويظهر ذلك من خلال إعادة بعث النسيج الصناعي العمومي، عبر التركيز عليه وإعطائه الأولوية، لتحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة.

كما يركز على حماية الفئات الهشة والتي تعاني من قدرة شرائية ضعيفة، وذلك عبر تفعيل أكبر لآلية الدعم ومراجعة الأجور والمنح والمعاشات لهذه الشرائح.

وخلال حديثه عن برنامج "فرصة" لمرشح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، قال حيدوسي إنّ هذا الأخير يقترح استغلال المقومات الاقتصادية للبلاد لمضاعفة الناتج الإجمالي ليصل إلى 450 مليار دولار، ومضاعفة معدل النمو إلى حدود 7% وتخفيض نسبة التضخم إلى 3%.

أما العنوان البارز لبرنامج عبد المجيد تبون الاقتصادي، فهو استكمال معركة البناء ومواصلة مسار الإصلاحات التي انطلقت في العهد السابق، والتي أوردتها قائمة التعهدات الـ 54، مشيرا إلى المحاور الكبرى المتعلقة بإعادة بعث النسيج الصناعي العمومي، وتفعيل أكبر للشراكة بين القطاعين العمومي والخاص.

المساهمون