استمع إلى الملخص
- **تنشيط العلاقات مع إريتريا**: زيارة وزير الصناعة الإيطالي أدولفو أورسو إلى أسمرة أعادت الدفء للعلاقات بعد 20 عاماً من الركود. الحكومة الإيطالية ترى في تنشيط العلاقات ضرورة لتفعيل خطة ماتي.
- **التحديات والفرص الاقتصادية**: رغم اهتمام إريتريا بجذب الاستثمارات، يعيق النظام الاقتصادي الصارم وغياب إطار قانوني راسخ تحقيق ذلك. اللقاءات الثنائية ركزت على فرص التعاون في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والزراعة والسياحة.
تسعى إيطاليا حثيثاً لتوسيع علاقاتها مع قارة أفريقيا، ومن بينها مستعمرتها السابقة إريتريا، وذلك في إطار ما يسمى خطة ماتي، والتي تقوم على الاستثمار في القارة لوقف موجات الهجرة غير الشرعية إلى أراضيها. وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن بلاده ترغب في بناء "شراكات ذات أولوية ومشاريع مشتركة". وأكد في مؤتمر عقد في روما، الثلاثاء الماضي، أن بلاده ترغب من خلال خطة ماتي لتعزيز العلاقات القائمة أصلاً مع أفريقيا، والتي يمكنها أن تكون أقوى"، مشدداً على أن "العلاقة مع القارة الأفريقية كانت تمثل أولوية دائماً بالنسبة لإيطاليا".
من جانبه، ذكر المدير العام لمعهد الدراسات الدولية الإيطالي البلجيكي نيقولا بيدّيه أن اهتمام إيطاليا بأفريقيا، ومن بينها إريتريا، لم يتوقف، لكن زاد من وتيرته مع طرح خطة ماتّي، مشيراً في هذا الصدد إلى الزيارة التي قام بها وزير الصناعة الإيطالي أدولفو أورسو إلى أسمرة نهاية الشهر الماضي، والتي ساهمت في تنشيط العلاقات بين البلدين وإعادة الدفء إليها بعد نحو 20 عاماً من حالة الركود التي اعترت العلاقات بين البلدين.
وأضاف بيدّيه لـ"العربي الجديد" أن هناك أسباباً سياسية واقتصادية عدة أدت إلى حالة الركود تلك، إلا أن الحكومة الإيطالية برئاسة جورجيا ميلوني وجدت في عودة العلاقات وتنشيطها مع الدول الأفريقية، ومن بينها إريتريا، ضرورة لتفعيل وتنفيذ خطة ماتي. وأشار إلى أن الحكومة الإيطالية أبدت منذ عام تقريباً اهتماماً واضحاً بإعادة إطلاق العلاقات مع دول القرن الأفريقي، ومن بينها إريتريا التي اتخذت حيالها خطوات مهمة على المستوى الدبلوماسي وأبدت اهتماماً بإحياء التعاون الاقتصادي معها.
خطط إيطاليا للتعاون الاقتصادي مع إريتريا
وشدد بيدّيه على أن "أجواء زيارة الوزير أورسو إلى أسمرة كانت إيجابية"، لكنه نبّه في الوقت ذاته إلى أن "إدارة العلاقات الدبلوماسية مع إريتريا بقيادة أسياس أفورقي ليست سهلة، ولم تكن كذلك على الإطلاق، وعلى الأرجح ستظل كذلك. وبالتالي فإن عملية بناء خطة التعاون الاقتصادي يجب أن تمر أيضاً عبر توطيد الروابط السياسية الثنائية الذي يبدو محكوماً بمتغيرات مهمة، ليس آخرها ما يتعلق بتعزيز المبادئ الديمقراطية، علاوة على ضرورة إدخال العلاقة مع إريتريا ضمن إطار إقليمي أوسع نطاقاً لإبرز المصالح الإيطالية في القرن الأفريقي".
واستدرك بقوله إنه "على الرغم من أن إريتريا أعربت مراراً وتكراراً عن اهتمامها بجذب الاستثمارات الأجنبية، إلا أنه في ظل المنظومة الاقتصادية الصارمة التي تسيطر عليها الدولة بالكامل تقريباً وغياب إطار قانوني راسخ لضمان استثمارات أجنبية محتملة قد حال بشكل منهجي دون تحول هذه الرغبات إلى واقع، ما قلص بشدة من وجود الصناعة الأجنبية في البلاد". وخلص المدير العام لمعهد الدراسات الدولية الإيطالي البلجيكي إلى أنه "من المستبعد جداً، في هذا السياق، إمكانية إطلاق مشاريع إيطالية واسعة النطاق على الفور في ظل غياب عملية لإعادة النظر من قبل إريتريا في إطارها المرجعي لجذب الاستثمارات، وكذلك على مستوى التأمين، ما من شأنه إطفاء الحماسة التي أثارتها زيارة الوزير أورسو الأخيرة للبلاد".
La visita odierna a Massaua, con una delegazione di grandi imprese italiane, ha consentito di approfondire le potenzialità delle infrastrutture portuali e aeroportuali locali, al fine di potenziare il trasporto diretto di persone e merci tra l’Italia e l’Eritrea. Erano presenti… pic.twitter.com/ZOaef2aEbB
— Adolfo Urso (@adolfo_urso) June 26, 2024
وشارك الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في المنتدى الإيطالي الأفريقي الذي عقد نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، في روما، في حين عززت الاجتماعات الثنائية على هامش المنتدى مع عدد من المسؤولين الإيطاليين، ومن بينهم ميلوني، الحوار بين البلدين، وشكلت تمهيداً لرحلة الوزير أورسو في يونيو الماضي، كما ركز اللقاء بين أفورقي وأوروسو في أسمرة على ما يمكن لخطة ماتّي أن تمثله كوسيلة لتعاون إريتريا ليس فقط مع إيطاليا، وإنما أيضاً مع الاتحاد الأوروبي برمته، والانفتاح على آفاق أكثر رحابة، حيث أكد أورسو أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به الشركات الإيطالية في إريتريا، مثل إنشاء بعض البنى التحتية الحديثة التي تحتاجها البلاد بشكل كبير.
وأعرب أورسو وأفورقي عن أملهما في إمكانية تحديد معالم شراكة استراتيجية بين البلدين، وأكد أورسو أن الفرص الأكثر أهمية للاقتصاد الإيطالي والشركات الإيطالية في إريتريا في إطار خطة ماتّي تتركز في "قطاعات الطاقة وإنتاج الكهرباء والحرارة من الألواح الشمسية، والبنى التحتية الخاصة بالموانئ والسكك الحديدية والطرق، والزراعة والإنتاج الحيواني والصيد من خلال الشركات العاملة في مجال التبريد والحفظ، والماكينات الزراعية والغذائية، علاوة على التنمية السياحية في أرخبيل دهلك ومناجم المعادن الثمينة مثل النحاس والخارصين والحديد والمنغنيز والبوتاسيوم والفوسفات أيضاً من أجل تسهيل أنشطة إنتاج الأسمدة في إريتريا".
وأشار أورسو، في مقابلة مع صحيفة إل تيمبو الإيطالية، عقب عودته من زيارته لإريتريا، إلى أن "الماكينات الإيطالية موجودة في كل مكان على أرض إريتريا"، مشيراً إلى أن "الأحياء السكنية الجديدة في أسمرة، والتي سوف تسلم في القريب العاجل، كانت من تنفيذ إحدى الشركات الإيطالية". بينما رأى نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع بمجلس الشيوخ الإيطالي روبرتو مينيا أن "زيارة الوزير أورسو إلى إريتريا تمثل نموذجاً لما أكدت عليه رئيسة الوزراء ميلوني بشأن خطة ماتّي". وأوضح مينيا، في تصريحات خاصة لمجلة فورميكي الإيطالية، أن "الفترة الحالية تشهد القليل من الانسجام في علاقة أسمرة بالاتحاد الأوروبي، ومع ذلك فإن دور روما على وجه التحديد من الممكن أن يكون نذيراً بتقارب حيال المطالب الإريترية".