الاقتصاد الأميركي: التضخم يتفاقم وأرباح شركات النفط تتراجع

26 ابريل 2024
متداولون في قاعة بورصة نيويورك، 3 يناير 2024 (أنجيلا ويس/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مارس، ارتفع التضخم في الاقتصاد الأمريكي بشكل معتدل بسبب زيادة تكاليف الإسكان والنقل، مما قد يدفع البنك المركزي للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة. تقرير وزارة التجارة أظهر إنفاقاً استهلاكياً قوياً، مما قدم بعض الراحة للأسواق المالية.
- شركات النفط الأمريكية الكبرى مثل إكسون موبيل وشيفرون شهدت انخفاضاً في الأرباح بسبب انخفاض هوامش التكرير وأسعار الغاز، لكنها تستمر في تحقيق أرباح كبيرة ودفع مليارات الدولارات للمساهمين.
- الاقتصاد الأمريكي يظهر قوة مع نمو بمعدل 1.6% في الربع الأخير، مدفوعاً بزيادة العجز التجاري والواردات نتيجة للطلب المحلي القوي، مما يعزز التوقعات بنمو مستمر رغم التحديات.

برز مؤشران بشأن الاقتصاد الأميركي اليوم الجمعة، فمن جهة، أظهرت الأرقام تفاقم التضخم في مارس/ آذار المنصرم، ومن جهة أُخرى، انحسرت أرباح شركات النفط في الولايات المتحدة. فقد ارتفع التضخم الشهري في الولايات المتحدة بشكل معتدل في مارس، لكن الارتفاع المستمر في تكاليف الإسكان والنقل يشير إلى أن مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) قد يبقي أسعار الفائدة مرتفعة مدة من الوقت.

وقدّم تقرير وزارة التجارة الأميركية الصادر الجمعة، والذي أظهر أيضاً إنفاقاً استهلاكياً قوياً الشهر الماضي، بعض الراحة للأسواق المالية التي أفزعتها المخاوف من الركود التضخمي بعدما أظهرت بيانات أمس الخميس ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي في الربع الأول. وفي هذا الصدد، قال كبير مسؤولي الاستثمار في تحالف المستشارين المستقلين كريس زاكاريللي: "يجب أن تتنفس الأسواق الصعداء اليوم، نظراً إلى ارتفاع مستويات التضخم، وهذا هو الوضع الطبيعي الجديد لعام 2024، فستحتاج السوق إلى التغلب على الآمال في تخفيض أسعار الفائدة الفيدرالية".

وقال مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة إن مؤشر أسعار الاستهلاك الشخصي ارتفع بنسبة 0.3% الشهر الماضي، وهو ما يتوافق مع الزيادة غير المعدلة في فبراير/ شباط. وخلال 12 شهراً حتى مارس، ارتفع التضخم بنسبة 2.7% بعد ارتفاعه بنسبة 2.5% في فبراير. وكانت الزيادة في التضخم الشهر الماضي متماشية على نطاق واسع مع توقعات الاقتصاديين.

كما كانت هناك مخاوف من أن التضخم قد يتجاوز التوقعات في مارس، بعد صدور تقرير الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول يوم الخميس، الذي أظهر أن ضغوط الأسعار ترتفع بأكبر قدر خلال عام، مدفوعة بارتفاع تكاليف الخدمات، وخاصة النقل والخدمات المالية والتأمين.

وحدث معظم الارتفاع في التضخم في يناير/ كانون الثاني الماضي. ويُعد مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي أحد مقاييس التضخم التي يتتبعها البنك المركزي الأميركي لهدفه البالغ 2%. كما تُعد قراءات التضخم الشهرية البالغة 0.2% مع مرور الوقت ضرورية لإعادة التضخم إلى الهدف. ومن المتوقع أن يترك صناع القرار في مجلس  الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة من دون تغيير الأسبوع المقبل. وقد أبقى البنك المركزي سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة في نطاق بين 5.25% و5.50% منذ يوليو/ تموز المنصرم، بعد رفعه بمقدار 525 نقطة أساس منذ مارس 2022.

وتوقعت الأسواق المالية في البداية أن يحصل التخفيض الأول لسعر الفائدة في مارس. وأُجّل هذا التوقع إلى يونيو ثم إلى سبتمبر/ أيلول، حيث استمرت البيانات المتعلقة بسوق العمل والتضخم في الارتفاع بشكل مفاجئ. وباستثناء مكونات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 0.3% في مارس، بعد ارتفاعه بنفس الهامش غير المعدل في فبراير. وارتفع التضخم الأساسي بنسبة 2.8% على أساس سنوي في مارس، وهو ما يتوافق مع تقدم فبراير.

وارتفع تضخم الخدمات الاستهلاكية باستثناء الطاقة والإسكان بنسبة 0.4% الشهر الماضي، بعد زيادة بنسبة 0.2% في فبراير. ويراقب صناع السياسات ما يسمى بالتضخم الأساسي الفائق لقياس التقدم الذي يحرزونه في مكافحة التضخم. كما صعد الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي، بنسبة قوية بلغت 0.8% الشهر الماضي، وهو ما يتوافق مع الارتفاع في فبراير. وضُمّنت البيانات في تقرير الناتج المحلي الإجمالي، الذي أظهر اعتدال الإنفاق الاستهلاكي بوتيرة قوية بلغت 2.5% في الربع الأول من وتيرة سريعة بلغت 3.3% في الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول.

ونما الاقتصاد بمعدل 1.6% في الربع الأخير متأثرا بزيادة العجز التجاري. وتعكس الفجوة التجارية الأوسع نطاقاً ارتفاعاً في الواردات، نتيجة للطلب المحلي القوي. وبعد تعديله في ضوء التضخم، ارتفع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 0.5%. كما ارتفع ما يسمى بالإنفاق الاستهلاكي الحقيقي بنسبة 0.5% في فبراير. وأدى الارتفاع القوي في شهر مارس إلى وضع الإنفاق الاستهلاكي على مسار نمو أعلى مع دخول الربع الثاني، وهو ما يبشر بالخير للاقتصاد.

أرباح شركات النفط الأميركية العملاقة تتراجع

على صعيد آخر، أعلنت كل من شركتي إكسون موبيل وشيفرون عن انخفاض في أرباحهما، اليوم الجمعة، بسبب انخفاض هوامش التكرير وأسعار الغاز الطبيعي، لكن يبدو أن عملية الاستحواذ الكبيرة التي قامت بها "إكسون موبيل" في طريقها إلى الإغلاق قبل استحواذ "شيفرون".

وأعلنت شركة إكسون موبيل، التي استهدفت في الربع الثاني إتمام عملية استحواذ بقيمة 60 مليار دولار على شركة النفط الصخري الأميركية بايونير ناتشورال ريسورسز، أرباحا قدرها 8.2 مليارات دولار، بانخفاض 28% عن الفترة نفسها من العام الماضي. وأظهرت نتائج مماثلة من شركة شيفرون كيف أن قطاع النفط، رغم أنه خارج ذروته، يظل مربحاً للغاية، ما يتيح مليارات الدولارات من مدفوعات المساهمين.

وفي حين ارتفعت أسعار السلع الأساسية للهيدروكربونات السائلة بشكل طفيف واستمرت شركة إكسون موبيل في تسجيل كميات هائلة من غويانا، فقد عُوّضت هذه الفوائد من خلال انخفاض بنسبة 32% في أسعار الغاز الطبيعي. كما شهدت أعمال منتجات الطاقة بالشركة أيضاً انخفاضاً كبيراً في الأرباح بسبب ضعف هوامش ربح التكرير رغم الإبلاغ عن تسجيلات قياسية للتكرير في الربع الأول طوال الوقت. وانخفضت الإيرادات 4% إلى 83.1 مليار دولار.

وفي مؤتمر عبر الهاتف مع المحللين، أعرب دارين وودز، الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، عن ثقته في إتمام صفقة بايونير في الربع الثاني، واصفاً العمل "البناء" مع المنظمين الأميركيين الذين يراجعون الصفقة بسبب مخاوف تتعلق بالقدرة التنافسية، حسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس. وقال: "كما قلنا طوال الوقت، نحن واثقون جدا من عدم وجود قضايا تتعلق بمكافحة الاحتكار".

ضربة سريعة لصفقة "شيفرون"

وأعلنت شركة النفط العملاقة المنافسة شيفرون عن أرباح بلغت 5.6 مليارات دولار، بانخفاض 16% عن إيرادات بلغت 48.7 مليار دولار، بانخفاض 4%. وقالت شيفرون إن انخفاض الأرباح يرجع إلى انخفاض هوامش أرباح المصافي وأسعار الغاز الطبيعي، وهو ما عوضته جزئياً زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة.

وفي حين أن صفقة بايونير لشركة إكسون موبيل تبدو على وشك الإغلاق، فإن صفقة استحواذ "شيفرون" المقترحة على شركة هيس بقيمة 53 مليار دولار واجهت مطباً سريعاً بعد تحدٍ من "إكسون موبيل". وتدور القضية حول حصة هيس البالغة 30% في منطقة ستابروك البحرية قبالة ساحل غويانا، وهو حقل نفط ضخم كان المحرك وراء استحواذ شركة شيفرون. وقد أصبحت القضية علنية في أواخر فبراير بعد أن أعلنت شركة شيفرون عن عملية الاستحواذ في أكتوبر.

وأوضح وودز أن شركة إكسون موبيل، التي تمتلك 45% من شركة ستابروك، قالت إن صفقة شيفرون-هيس تتجاهل بندا في المشروع يمنحها "حق الشفعة" و"تقلل من عنصر القيمة المستحقة لشركة إكسون موبيل"، مضيفاً أن الشركة تقدمت بطلب للتحكيم في هذه المسألة. وقال المدير التنفيذي لشركة شيفرون مايك ويرث، لشبكة "سي إن بي سي" إن جلسة الاستماع للتحكيم في الربع الثالث والقرار في الربع الرابع "ستكون مناسبة".

وواصلت شركتا النفط العملاقتان توجيه أموال إضافية للمساهمين، حيث دفعت شركة إكسون موبيل 6.8 مليارات دولار على شكل أرباح وعمليات إعادة شراء للأسهم خلال الربع، وخصصت شركة شيفرون 6 مليارات دولار. وانخفضت أسهم "إكسون موبيل" 3.8% في تعاملات منتصف الصباح، بينما تراجعت أسهم "شيفرون" 0.7%.

المساهمون