الارتكان على "حيطة مايلة"

24 ديسمبر 2014
مصر أكبر مستورد للقمح في العالم (أرشيف/getty)
+ الخط -


خرج علينا وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، خالد حنفي، يوم 21 ديسمبر/كانون أول الجاري، وقال بلغة الواثق إن الإجراءات التي اتخذتها روسيا بحظر توريد القمح لبعض الدول، ليس من بينها مصر، وأن وزارته تعاقدت على شراء 60 ألف طن من القمح الروسي لإنتاج الخبز المدعّم من خلال مناقصة، وأن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح يفوق حدود الأمان.

ولم تمر أيام على تصريح الوزير "الواثق من نفسه" حتى صدمنا رئيس اتحاد الحبوب الروسي بتصريح خطير اليوم، قال فيه إن روسيا قد لا تتمكن من تزويد الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر بالقمح في شهر يناير/ كانون الثاني المقبل بسبب القيود الحكومية المفروضة على تصديره وتوقف صادرات الحبوب.

ولم يسارع حنفي لينفي كلام المسؤول الروسي الخطير، بل أوعز إلى نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية بالخروج سريعاً بتصريح، قال فيه إن الشركات التجارية الروسية ملزمة بتنفيذ عقودها الخاصة بشحن القمح الروسي إلى مصر في يناير القادم، وأن الموردين يجب أن يوفوا بالتعاقدات.

إذاً، نحن أمام أزمة حقيقية، لأنه في حال تطبيق القرار الروسي الخطير فإن أسعار الغذاء في مصر مرشحة للارتفاع في مجتمع يعتمد كلية على القمح في غذائه اليومي، ولأن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وأن ما تستورده من روسيا وأوكرانيا يزيد عن 50% من احتياجاتها من القمح، هنا تصبح أكبر الدول المتضررة من القرار الذي سيرفع بالطبع من تكلفة رغيف الخبز والدقيق والمكرونة.

 كما أنه سيدفع مصر إلى البحث عن شراء القمح من أسواق جديدة، وهي عملية تستغرق تكلفة أكثر ووقتا أطول في عملية الشحن والنقل، وكذا يدفعها لزيادة القمح المستورد من الأسواق التقليدية، ومنها فرنسا وأميركا والأرجنتين وأستراليا.

مشكلة الحكومة المصرية أنها باتت تعتمد على "حيطة مايلة" اسمها روسيا، سواء في القمح أو السلاح أو حتى السياحة والصادرات، والاقتصاد الروسي بات على وشك الانهيار بسبب الضربات العنيفة التي يتلقاها من العقوبات الغربية أو تهاوي أسعار النفط، وبالتالي فإن من الحكمة أن تبحث مصر عن أسواق جديدة قوية وآمنة، وليس الاعتماد على أسواق ونُظم في حاجة إلى من يساعدها أصلاً.