الاحتلال يشن حرباً اقتصادية لابتزاز المقاومة: تدمير البنية التحتية

09 أكتوبر 2023
الاحتلال دمّر 159 وحدة سكنية (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، منذ السبت، والذي استهدف الأبراج والعمارات التجارية والخدماتية والمدنية إلى جانب البيوت السكنية، في إلحاق أذى بالغ، وخسائر في البنية التحتية، إلى جانب تدمير 13 مبنى سكنيا تحتوي على 159 وحدة سكنية.

وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، خلال مؤتمر صحافي تم تنظيمه أمس الأحد، في المركز الإعلامي بمستشفى الشفاء، للحديث عن مجريات العدوان المستمر لليوم الثاني، إن العدوان استهدف نحو 426 هدفا مدنيا، منها أبراج سكنية ومنازل، وخَلّف مئات الشهداء، فضلًا عن نزوح 20 ألف مواطن من مختلف المناطق، علاوة على هدم 13 وحدة سكنية بشكل كامل، بإجمالي 159 وحدة سكنية بشكل كلي، و1210 وحدات سكنية تضررت بشكل جزئي، منها 36 وحدة باتت غير صالحة للسكن، ومسجدين، و22 مقرا تابعا للحكومة الفلسطينية.

وبيّن معروف أن العدوان الإسرائيلي والذي تركز على الأهداف المدنية والبنية التحتية طاول العشرات من الأعيان الخاصة بالبلديات والهيئات المحلية والقطاعات الخدماتية المختلفة، إلى جانب استهداف المنشآت الصحية، وسيارات الإسعاف، والطواقم الطبية خلال عملها في إجلاء الجرحى والشهداء.

ولفت معروف إلى أن القصف الإسرائيلي استهدف كذلك شبكات الكهرباء، وخدمات البلديات، والبنية التحتية، إلى جانب الجريمة المركبة، بفصل خطوط الكهرباء المُغذية لقطاع غزة، من جانب الاحتلال.

ويفقد القطاع أكثر من 120 ميغا وات، مما يفاقم العجز الكهربائي، حيث بات الاعتماد الحالي ينصبّ فقط على 65 ميغا وات توفرها محطة الكهرباء الوحيدة، بقدرة وصل لا تتجاوز أربع ساعات، مُقابل 12 ساعة قطع، لافتا إلى أن الوقود الموجود لا يكفي سوى لأربعة أيام، وفي حال عدم فتح المعابر وإدخال الوقود اللازم ستتوقف محطة الكهرباء بشكل كامل.

وأشار رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، إلى أن القصف الذي استهدف البنية التحتية، ساهم في فصل 13 خط كهرباء رئيسيا، علاوة على خروج أربعة محوِلات من الخدمة، وتدمير 12 عمود كهرباء. وتركز القصف الإسرائيلي منذ بداية العدوان على قطاع غزة، على البنية التحتية، والأهداف المدنية، والأبراج السكنية والخدماتية، والتي تضم العديد من المكاتب، والمصالح التجارية والبنوك.

وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات جوية على برج فلسطين، المكون من 14 طابقا، والذي يُعتبر من أكبر أبراج مدينة غزة، حيث يضم نحو 100 شقة سكنية، ومكاتب إدارية وتجارية تقدر بملايين الدولارات، وألحقته باستهداف برج وطن التجاري، والذي يُعتبر كذلك من أضخم أبراج المدينة، واستهداف برج العكلوك السكني، والذي يضم عشرات الشقق، وأتبعتها بقصف عشرات البيوت والعمارات السكنية التي أصبح سُكانها بلا مأوى.

وتستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلي قضية قصف البيوت والأبراج السكنية الكبيرة، كورقة ضغط اقتصادية وإنسانية على فصائل المقاومة الفلسطينية، التي باغتت بصواريخها مُختلف المدن الفلسطينية المُحتلة، في عملية مُفاجئة أطلقت عليها اسم (طوفان الأقصى).

وتُعتبر الأهداف الاقتصادية، والمدنية، على رأس قوائم الاستهداف التي يشملها بنك الأهداف الإسرائيلي، بما تضمه من مكاتب صحافية، وهندسية، وتجارية، ومكاتب مُحاماة، وتخليص جُمركي، وبنوك، كذلك البنية التحتية، والتي يتم استهدافها بالقصف المُباشر عبر استهداف مُفترقات الطرق، وغير المُباشر من خلال قصف البنايات السكنية.

ويتزامن القصف الإسرائيلي للأبراج والمباني السكنية، مع حالة الغلاء في مواد البناء نتيجة الحِصار الإسرائيلي المُشدد على قطاع غزة منذ سبعة عشر عاما، فيما يُركز على الأبراج والأهداف التي تتسبب في أكبر أذى اقتصادي مُمكن، حيث عاودت الطائرات الحربية قصف المقر الجديد لبنك الإنتاج شرقي مدينة غزة، بعد قصف مقره القديم غربي المدينة في الحرب السابقة.

وأوضح الناطق باسم بلدية غزة حسني مهنا، أن القصف الإسرائيلي تسبب في أضرار كبيرة في محطة الصرف الصحي (رقم واحد) نتيجة قصف مُجاور، كذلك تعطل محطة ضخ الصرف الصحي (رقم 2)، وتقعان في شارع الرشيد، غربي مدينة غزة، ما أدى إلى توقفهما وخروجهما من الخدمة، ما يُنذر بكوارث صحية، وبيئية، إذ سيتسبب التعطل في تصريف مياه الصرف الصحي إلى شاطئ البحر.

وبين مهنا لـ "العربي الجديد" أن استهداف برج العكلوك السكني، أدى إلى تعطل الحركة في حي النصر، كما تعطلت الحركة في شارع عمر المختار بعد تدمير بنك الإنتاج، وشارع الجلاء بعد قصف برج وطن، ومحيط محطة بهلول بعد استهداف بناية أبو شعبان، علاوة على تضرر محيط لجنة متابعة العمل الحكومي، وشارع الوحدة بعد استهداف بناية أبو سيدو، ما استدعى تحرك الطواقم لفتح الشوارع وتسهيل حركة المواطنين وسيارات الإسعاف، وإعلان حالة الطوارئ للتعامل مع التبليغات كافة.

وأشار مهنا إلى أنه لم يتضح حتى اللحظة كمّ الخسائر المتعلقة بالقصف الإسرائيلي المتواصل، والذي استهدف عشرات البيوت المدنية، والعمارات السكنية، وأن الاهتمام ينصبّ على التعامل مع الأحداث الطارئة قدر المستطاع، خاصة توزيع المياه، والصرف الصحي والخدمات الأساسية.

في الإطار، بيّن الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب لـ "العربي الجديد" أن استهداف المنشآت السكنية، والأبراج، والبنية التحتية، وشبكات الصرف الصحي والكهرباء، والمنشآت الاقتصادية والمصرفية، يأتي في إطار السياسة الإسرائيلية القديمة المُتجددة في كل عدوان، والتي تهدف إلى الضغط على المجتمع الفلسطيني اقتصاديا عبر تكبيل قدراته الاقتصادية، لتضطره إلى البدء من الصفر في عمليات الإعمار والإنشاء للمنازل، وإيواء المشردين.

ويُراد من السياسة الإسرائيلية، والتي تسعى إلى إغراق المواطن الفلسطيني في الأزمات، الانتقام من القواعد الجماهيرية التي تحتضن المقاومة، والضغط على القيادات السياسية والعسكرية، باستخدام الورقة الاقتصادية، المُتمثلة في الخسائر الكبيرة، والأزمات المُتلاحقة، والمُتعلقة بالبنية التحتية، ومُتطلبات الحياة اليومية.

وأوضح أبو جياب أن الاستهداف الإسرائيلي للبنية للتحتية، والأبراج المدنية، والمنشآت السكنية، يحمل تأثيرات آنية تتعلق بإغلاق المعابر، وتعطيل الصفقات التجارية، وإغلاق الأسواق، والتأثيرات على القطاعات التجارية والصناعية، وتأثيرات بعيدة المدى، تتعلق بالإنهاك الذي أصاب القطاعات الاقتصادية التي تُعتبر الهدف المُباشر والصريح للطائرات الحربية الإسرائيلية في الحروب والتصعيدات كافة.

المساهمون