استمع إلى الملخص
- **تداعيات اقتصادية واجتماعية**: توقف التبادل التجاري سيؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة ويضع مزيداً من المعيقات أمام التجارة، مما يزيد من الاعتماد على المنتجات الإسرائيلية.
- **تاريخ وأهمية معبر الكرامة**: جسر الملك حسين، المعروف بمعبر الكرامة، هو نقطة العبور الرئيسية بين الأردن والضفة الغربية، وإغلاقه سيؤدي إلى معاناة إنسانية كبيرة.
شدد الاحتلال الإسرائيلي الخناق على حركة التبادل التجاري بين الأردن والضفة الغربية، في أعقاب عملية نفذها أردني، أمس الأحد، على معبر جسر الملك حسين (معبر الكرامة حسب التسمية الفلسطينية) واللنبي حسب التسمية الإسرائيلية، وأدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين، فعقب الحادثة أعلنت سلطات الاحتلال وقف العمل في المعابر البرية مع الأردن، وهي الكرامة والشيخ حسين ووادي عربة (إسحق رابين).
ويختص معبر الكرامة بشكل رئيسي بحركة نقل الأفراد والبضائع بين الأردن والأراضي الفلسطينية، وتعبره يومياً عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع والمركبات المخصصة لنقل الأشخاص، ويخضع لرقابة الاحتلال الإسرائيلي إلى جانب السلطة الوطنية الفلسطينية، وللجهات المختصة في الجانب الأردني. أما جسر الشيخ حسين، فيقع في شمال الأردن، وهو يختص بتنقل الإسرائيليين، وتنظيم حركة التجارة براً من إسرائيل وإليها، ويدخل منه حملة الجنسيات غير الفلسطينية أو الدبلوماسيون المتجهون من دولة الاحتلال وإليها براً أو حملة تأشيرات الزيارة الإسرائيلية.
توقف نهائي لحركة التجارة
قال مدير اتحاد المزارعين الأردنيين، محمود العوران، لـ"العربي الجديد"، إن حركة التبادل التجاري بين الأردن والأراضي الفلسطينية توقفت نهائياً اعتباراً من أمس الأحد، وخصوصاً بعد إغلاق المعبر من قوات الاحتلال إثر العملية، ما سيؤدي إلى انعدام حركة التبادل التجاري وإدخال البضائع إلى الجانب الفلسطيني وتوريد منتجاته للسوق الأردني.
وأضاف أن المعبر يخص فقط النقل والشحن بين الأردن والأراضي الفلسطينية، وهناك معبر آخر خاص بحركة التجارة ونقل الأفراد بين الجانبين الأردني والإسرائيلي هو معبر الشيخ حسين، مشيراً إلى أن عملية الكرامة سيكون لها ارتدادات على الحركة التجارية على صعيد التجارة بين الأردن وفلسطين أو الأردن والاحتلال الإسرائيلي.
وأشار إلى أن صادرات الأردن من الخضار والفواكه إلى إسرائيل متوقفة أصلاً، في أعقاب إشاعة الاحتلال أن المياه الزراعية في الجانب الأردني "مسرطنة"، ما استدعى وقف عمليات التصدير.
وبحسب العوران، فإن هنالك عشرات الشاحنات التي تعبر معبر الملك حسين يومياً في الاتجاهين، وإن عدداً كبيراً من مركبات نقل الركاب ستتأثر من الناحية الاقتصادية، نظراً لتوقف تشغيلها، وقد يطول الأمر.
وقال إنّ من المؤكد أن الاحتلال سيضع مزيداً من المعيقات أمام التجارة بين الأردن وفلسطين، مع التضييق على المصدرين وسائقي الشاحنات، متذرعاً بالعملية التي حدثت أمس، ما سيؤدي إلى إضعاف النشاط التجاري بين الأردن وفلسطين ويحرم السوق الفلسطيني التزود باحتياجات من سلع أساسية واستبدالها بمنتجات إسرائيلية.
إغلاق جميع المعابر البرية
أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق جميع المعابر البرية مع الأردن بعد عملية جسر الملك الحسين - الكرامة، لدواعٍ أمنية وحتى إشعار آخر. وقالت سلطة المعابر الإسرائيلية في بيان إنه "في أعقاب الحادث في معبر اللنبي، وبتعليمات من السلطات الأمنية، تم القرار بوقف كافة النشاطات في المعابر البرية إسحق رابين (القريب من إيلات)، ومعبري اللنبي ونهر الأردن (منطقة الشمال)".
وفي الأردن أعلن الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردنية إغلاق جسر الملك حسين أمام حركة السفر إثر إغلاقه من الجانب الآخر لإشعار آخر، مهيباً بمستخدمي الجسر التقيّد ومتابعة وسائل الإعلام حول أيّ تغيّر في حركة السفر، الذي سيُعلَن عنه أولاً بأول. وقال المدير العام للإدارة العامة للمعابر والحدود في السلطة الفلسطينية، نظمي مهنا، إن السلطات الإسرائيلية أغلقت معبر الكرامة/ اللنبي شرق مدينة أريحا في كلا الاتجاهين. وأضاف مهنا في بيان مقتضب أن حركة المسافرين من الضفة الغربية إلى الأردن وبالعكس متوقفة تماماً حتى اللحظة، ولا تفاصيل أخرى بشأن إعادة تشغيله.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الأردني، حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إن عملية أمس ستؤثر بلا شك في حركة التبادل التجاري والنقل البري بين الأردن والجانب الفلسطيني، باعتباره المنفذ الوحيد بين الجانبين، حيث إن الممرات الأخرى لا تعمل، وبالتالي إن توقف حركة التبادل التجاري سيوقف ما قيمته 435 مليون دولار من التبادل التجاري السنوي بينهما أو على الأقل ستتوقف فترة من الزمن، وستقلل من حجم التجارة في حال العودة بالسماح بتشغيل الممر والنشاط التجاري.
وأضاف أن الاحتلال سيضع مزيداً من القيود على التبادل التجاري، وهو يسعى للاستئثار بكامل السوق الفلسطيني، حيث بلغت الصادرات الأردنية إلى السوق الفلسطيني حوالى 328 مليون دولار، والواردات من السلع الفلسطينية حوالى 97 مليون دولار العام الماضي، وينجم عن ذلك آثار اقتصادية سلبية على الاقتصاد الفلسطيني الذي تهيمن عليه إسرائيل، مع الأخذ بعين الاعتبار حرمان ما بين 140 ألفاً و180 ألف فلسطيني من فرص العمل وتخفيض دخلهم.
ووفق عايش، فإن "الأردن كان يمثل منفذاً لاستمرار القطاعات الاقتصادية والإنتاجية في فلسطين، وأي توقف في حركة التبادل التجاري سيؤثر في ما تبقى من موارد اقتصادية فلسطينية، وفي الجانب الأردني سينعكس توقف عمل الجسر على الصادرات الوطنية والقطاعات الإنتاجية، حيث ستعتمد بعض المجالات على التصدير إلى الجانب الفلسطيني.
وبين أن إسرائيل سترمي بكامل ثقلها لتقويض العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الأردن وإسرائيل، والتأثير في الأوضاع المعيشية للفلسطينيين، إضافة إلى أن معبر الملك حسين ستنجم عنه معاناة إنسانية لعدم قدرة القادمين من فلسطين وإليها على التنقل.
وقال إن إيقاف الجسر سيوثر أيضاً في نقل المساعدات الإنسانية للجانب الفلسطيني وقطاع غزة، وهي بذلك تطبق الخناق أكثر على الفلسطينيين.
جسر الملك حسين من جهة الأردن أو معبر الكرامة حسب السلطة الفلسطينية أو جسر اللنبي Allenby Bridge حسب تسمية الاحتلال الإسرائيلي، هو جسر يربط الضفة الغربية بالأردن فوق نهر الأردن
وكان عايش قد قال، في وقت سابق، إن التجارة بين الأردن وإسرائيل في أقل مستوى، ولا تشكل شيئاً مقابل حجم التجارة بين الاحتلال ودول عربية أخرى، لافتاً إلى أن إسرائيل تسعى لتحقيق مصالحها ولا تأبه لمصالح الأطراف الأخرى، وبالتالي فإن بقاء العلاقات الاقتصادية في حدودها الدنيا ضرورة يفرضها الواقع.
معبر الكرامة يخضع لسلطة الاحتلال
جسر الملك حسين من جهة الأردن أو معبر الكرامة حسب السلطة الفلسطينية أو جسر اللنبي Allenby Bridge حسب تسمية الاحتلال الإسرائيلي، هو جسر يربط الضفة الغربية بالأردن فوق نهر الأردن، ويبعد عن العاصمة عمّان نحو 60 كم ومدينة أريحا بالضفة الغربية نحو 5 كم، ويستخدم معبراً حدودياً بين الأردن والضفة الغربية.
ويعود تاريخ الجسر إلى الدولة العثمانية، حيث كان خشبياً يسمى جسر الغورانية، وبعد تدمير الجسر الخشبي أنشئ هيكل حديدي ثم بُني مكانه جسر إسمنتي حديث بعد اتفاق أوسلو الذي وُقِّع في 13 سبتمبر/ أيلول عام 1993، حيث كان الجسر الخشبي القديم شاهداً على هجرات العديد من الفلسطينيين خلال النكسة إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن.
ودُمِّر الجسر في 16 يونيو/حزيران 1946 بعملية ليل الجسور بواسطة عصابة بلماح بقيادة حاييم بارليف، ورُمِّم من جديد من قبل البريطانيين، كذلك دُمِّر من جديد خلال حرب 1967، لكن أعيد بناؤه سنة 1968 من الحديد مؤقتاً بنظام جسر جملوني.
وبعد معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية حُدِّث الجسر وأصبح نقطة العبور الرئيسية بين الأردن والضفة الغربية، كذلك أصبح نقطة بطريق عبور الحجاج الفلسطينيين إلى مكة المكرمة.
وتتولى سلطة المطارات في الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الجسر من جانب فلسطين، كذلك يستخدم الفلسطينيون الجسر للذهاب إلى مطار الملكة علياء الدولي في عمّان لاستخدام الطائرات، لأنه لا يسمح لهم بالطيران من مطار بن غوريون الدولي.