الإمارات تخنق الاقتصاد المصري

04 أكتوبر 2020
التهديد من التحالف الإماراتي الإسرائيلي لن يكون قاصراً على قناة السويس (فرانس برس)
+ الخط -

تستطيع أن ترصد عشرات المؤشرات والحقائق والمواقف التي تؤكد أن الإمارات باتت تخنق الاقتصاد المصري وبشدة، وأن التحالف الاقتصادي والمالي القوي المشترك الذي تدشنه أبوظبي مع تل أبيب، عقب تطبيع العلاقات بينهما، يهدد بشكل مباشر شرايين اقتصاد مصر.

وتستطيع أن تلمس بسهولة أن تهديد مصر من قبل هذا التحالف المريب لن يكون قاصراً على قناة السويس، أهم ممر ملاحي في العالم ورئة مصر المهمة في الحصول على نقد أجنبي يقترب من 6 مليارات دولار سنويا، وإنما سيمتد إلى قطاعات رئيسية مثل أنشطة السياحة والطيران والموانئ والصادرات والشحن والصناعة وسوق العمل وتحويلات المغتربين وقطاعات حيوية أخرى.
والنتيجة التي يتوصل إليها أي راصد للأحداث والاتفاقات المتسارعة هي أن هذا التحالف الإسرائيلي الإماراتي السريع وواسع النطاق "يهدد مكانة مصر الجيوستراتيجية، ويغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط بشكل مطلق"، وهي نفس النتيجة التي توصلت إليها وسائل اعلام عالمية بما فيها الصحف العبرية أيضاً مثل "ميكور ريشون" وغيرها.
وفي الوقت الذي لم يصدر عن القاهرة موقف واضح تجاه المشروعات الإماراتية الإسرائيلية التي تهدد بشكل مباشر اقتصاد البلاد سوى بعض التلميحات الصادرة من السيسي أو من رئيس هيئة قناة السويس، تشهد تل أبيب هذه الأيام اجتماعات ماراثونية يشارك فيها مسؤولون إسرائيليون وإماراتيون من وزارات الخارجية والدفاع والاستثمار والصناعة والتجارة والزراعة والسياحة للاتفاق على تنفيذ مشروعات مشتركة تمس بشكل مباشر باقتصاد مصر وأمنها القومي وموقعها الاستراتيجي.

من أخطر تلك المشروعات العمل على تحويل دولة الاحتلال إلى مركز رئيس للطاقة في المنطقة تتولى مهام عدة منها نقل النفط العربي وغيره إلى الأسواق العالمية، وذلك عبر تفعيل خط "إيلات - عسقلان" الإسرائيلي في الاتجاهين، وهو الخط الموازي لقناة السويس من ناحية الشرق.

وطبقا للخطة الجاري وضعها في تل أبيب فإنه سيتم إحياء خط أنابيب إيلات عسقلان لنقل النفط الخليجي من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط ثم إلى أوروبا وأميركا الشمالية، وكذا نقل نفط أذربيجان وكازخستان وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق إلى أفريقيا وجنوب شرق آسيا.
والأخطر هنا هو محاولة تل أبيب ربط حقول بقيق، مخزن النفط السعودي وأكبر حقل لإنتاج النفط في المملكة، بميناء إيلات الإسرائيلي الواقع على ساحل البحر الأحمر، وبالتالي نقل نفط المملكة من المنطقة الشرقية بالسعودية إلى أوروبا وأميركا الشمالية، عبر خط بري طوله 700 كلم، يتم ربطه بخط "إيلات عسقلان" الإسرائيلي.

وفي محاولة لاقناع دولة الاحتلال السلطات السعودية بتنفيذ هذا المشروع النفطي الضخم، فإنها تستخدم فزاعة الحوثيين وإيران ومخاطر المرور في مضيق هرمز وباب المندب والبحر الأحمر، والتكلفة المالية التي تتحملها المملكة مقابل تأميم وصول نفطها إلى الأسواق العالمية.

وخط إيلات - عسقلان، ثم خط بقيق - إيلات، هما الأخطر بالنسبة لمصر لأنهما يهددان بشكل مباشر قناة السويس، ويفقدان مصر ليس فقط 6 مليارات دولار تحصدها سنويا عن رسوم المرور، ولكنهما يهددان مشروعات تنمية إقليم السويس واعادة تعمير سيناء ومئات الآلاف من فرص العمل، كما يهددان موانئ مصر سواء الواقعة على البحر الأحمر والتي تساهم الإمارات في إدارة بعضها مثل ميناء السخنة الذي تديره موانئ دبي، أو الموانئ الأخرى الواقعة على البحر المتوسط سواء في السويس أو بورسعيد أو الاسكندرية أو دمياط.
وإضافة إلى خطة دولة الاحتلال لنقل النفط سواء الخليجي، أو نفط دول الاتحاد السوفييتي السابقة لأسواق العالم، فإن التحالف الإماراتي الإسرائيلي أمتد لتطوير موانئ إسرائيلية مهمة منافسة للموانئ المصرية مثل حيفا وأشدود وإيلات وغيرها.

موقف
التحديثات الحية

من المشروعات التي تمثل تهديدا للاقتصاد المصري كذلك التوقيع على إنشاء 3 مناطق تجارة حرة بين الإمارات وتل أبيب تسمح بتبادل سلع وخدمات بين البلدين بمليارات الدولارات، كما تسمح للشركات الإسرائيلية بالنفاذ إلى أسواق العالم خاصة أسواق الصين والهند واليابان وأسواق جنوب شرق أسيا وشرق أفريقيا. 

وهذه المناطق الحرة تهدد أيضا مثيلتها في مصر والموانئ الرئيسية الواقعة على البحرين المتوسط والأحمر، خاصة أن الإمارات سمحت للشركات الإسرائيلية بإطلاق أنشطتها من مناطق التجارة الحرة في دبي وغيرها من موانيها دون الحاجة إلى وجود شريك محلي، مع منحها الكثير من المزايا الضريبية واللوجستية والتنظيمية، وهنا ستنافس الشركات الإسرائيلية الشركات والموانئ المصرية على أسواق العالم. 

واضافة إلى الخطوات السابقة تستعد الإمارات ودولة الاحتلال للتوقيع على اتفاق شامل حول الأنشطة المشتركة في المجالات الاقتصادية والصناعية والزراعية والخدمية والسياحية والمالية.

كما تبحث أبوظبي وتل أبيب حاليا إمكانية تدشين مركز طاقة مشترك يمكن أن يؤثر على خطط مصر الرامية إلى التحول إلى مركز إقليمي للطاقة وتصدير الغاز الطبيعي لأسواق أوروبا عبر موانئ دمياط وغيرها.
وإضافة إلى مخاطر التحالف الإماراتي الإسرائيلي في قطاعات نقل النفط والطاقة والموانئ والبنوك، فإن الخطر يمتد لقطاع السياحة المصري، حيث أعدت إسرائيل خطة لجذب 100 ألف سائح من الإمارات سنويا، وهنا ستنافس دولة الاحتلال مصر في جذب السياح الإماراتيين والبحرينيين وربما الخليجيين في وقت لاحق بالقدوم إليها، علما بأن الإمارات من بين 20 دولة يعتبر مواطنوها الأكثر إنفاقا على رحلات السفر.
التحالف الإسرائيلي الإماراتي في كل القطاعات، خاصة الاقتصادية والمالية، خطر على مصر واقتصادها وأمنها القومي وقناة السويس، وبالتالي يجب على صانع القرار المصري التحرك وبسرعة للتعامل مع تلك المخاطر والحد منها بدلاً من الرهان على العروبة ونخوة الإماراتيين كما قال أسامة ربيع رئيس قناة السويس قبل أيام.