استمع إلى الملخص
- الغلاء المستمر وتراجع القدرة الشرائية بسبب انخفاض قيمة الدينار وارتفاع التضخم، بالإضافة إلى تزامن العيد مع العطلة الصيفية، يضع الجزائريين أمام ضغوط مالية.
- المحاولات الحكومية لتخفيض أسعار الأضاحي لم تنجح بسبب المضاربة التي أدت إلى ارتفاع الأسعار، وانتقادات للمضاربين من رئيس الفدرالية الجزائرية لمربي الماشية لإدخالهم السوق في حالة ركود.
يعيش سوق الماشية ركوداً قبيل أيامٍ قليلةٍ من عيد الأضحى، حيث أدى ارتفاع أسعار الأضاحي في الجزائر إلى غياب المشترين عن الأسواق والنقاط المخصصة لبيع الماشية، في وقت يتوقع فيه التجار أن تنخفض الأسعار جراء تراجع الطلب.
ويرجع مراقبون أسباب الركود في الأضاحي في الجزائر إلى الغلاء للعام الثاني توالياً، يضاف إلى ذلك تراجع القدرة الشرائية للمواطن جراء تراجع قيمة الدينار وارتفاع معدلات التضخم، وتزامن عيد الأضحى مع العطلة الصيفية، ما يعني مصاريف أخرى تثقل جيوب الجزائريين المنهكة بغلاء الأسعار.
في سوق "الكاليتوس" الأسبوعي المخصص للماشية في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائر، أبدى مربو وتجار الماشية تخوفهم من خروجهم في موسم عيد الأضحى بخسائر عوض الأرباح.
أعرب التاجر عبد الله خيَّار عن قلقه من تراجع الطلب على شراء الأضاحي، موضحاً أن "كمية ما تم نقله للبيع هذه السنة 400 رأس، وما تم بيعه حتى اللحظة لا يتجاوز 30 رأسا من الخرفان والعجول، ما يعني أننا على أبواب خسائر مالية باهظة في حال فشل بيع ما تبقى من رؤوس الماشية".
وأضاف التاجر الجزائري، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن "هذا العيد هو الأصعب الذي يمر على "الموالين" (مربي الماشية) منذ سنوات، حيث لم نشهد ظروفاً كالتي نشهدها هذه الأيام بسبب الأوضاع المعيشية التي أثرت في قدرة المواطنين على شراء الأضاحي".
وفي السياق ذاته، كشف تاجر الماشية خالد نوازي أنه "رغم تخفيض بعض التجار الأسعار لم يشهد سوق الماشية أي مؤشرات إلى تحسنه رغم اقتراب العيد".
وفى سابقة غير معتادة فى مثل هذا التوقيت قبيل عيد الأضحى، تشهد مختلف أسواق الأضاحي في الجزائر التي زارتها "العربي الجديد"، حالة من الركود في حركة البيع والشراء، حيث امتلأت الأسواق بالأغنام والخرفان والعجول، وغاب المشترون، ما جعل التجار يكثفون ساعات عملهم ووجودهم داخل السوق على أمل الفوز بزبون.
غلاء الأضاحي في الجزائر
يقول عمار زيان، وهو أحد مربي الماشية، إنه "في السنوات الماضية كان الزبائن يحجزون ويشترون قبل عيد الأضحى بشهر أو أكثر، واليوم قبل أقل من أسبوعين من العيد نكاد نبيع ثلاثة رؤوس في اليوم، رغم استقرار الأسعار".
وأضاف زيان في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مربي الماشية والتجار يعرضون على المشترين البيع بالتقسيط، ولا يوجد تجاوب، نحن على مقربة من تسجيل خسارة كبيرة".
ورغم أن المؤشرات كانت تؤكد أن أسعار الأضاحي في الجزائر يفترض أن تنخفض بنسبة لا تقل عن 20% هذا العام مقارنة بالعام السابق، بسبب انخفاض أسعار الأعلاف وتخفيض الحكومة أسعار الشعير المُدعم الموجه إلى الماشية، فإن العكس هو ما حدث، حيث فرضت المضاربة منطقها على الأسواق رغم المحاولات الحكومية لإغراق الأسواق برؤوس الماشية.
وكانت الحكومة الجزائرية قد استبقت الموسم بإطلاق عملية إحصاء لرؤوس الماشية في الجزائر، إلا أن تسريبات كشفت عن تهاوي ثروة الجزائر من المواشي إلى ما دون 15 مليون رأس بعدما كانت 26 مليوناً سنة 2014.
وبلغ متوسط أسعار الخرفان بين 60 ألف دينار (444 دولاراً)، و100 ألف دينار (740 دولاراً)، فيما يُقدر الأجر الوطني الأدنى المضمون بـ20 ألف دينار (148 دولاراً)، ما يجعل معادلة شراء الأضحية للعائلات منخفضة الدخل وحتى المتوسطة معقدة.
ويرى رئيس الفدرالية الجزائرية لمربي الماشية جيلالي عزاوي أن "المضاربين هم الذين أدخلوا السوق في حالة ركود لا تُعلم عواقبها، فرغم ارتفاع المعروض فإننا نجد الأسعار مرتفعة في بعض المناطق".
وأضاف عزاوي، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن "مربي الماشية يفرضون هامش ربح معقولاً يغطي مصاريف الأعلاف والنقل، وفي المقابل نجد جشع المضاربين يقفز بالأسعار، ومن الطبيعي أن نجد عزوفاً من الجزائريين عن شراء الأضاحي".