الأسواق الناشئة تتخوف من قوة الدولار بعد رفع الفائدة

06 مايو 2022
رفع الفائدة بمقدار نصف نقطة كان متوقعاً على نطاق واسع في أسواق المال (Getty)
+ الخط -

رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، سعر الفائدة على الدولار بنسبة 0.5%، وهي الزيادة الأكبر منذ العام 2000. وتتوقع وحدة "الإيكونومست إنتيلجينس يونت" للدراسات الاقتصادية في لندن، أن يرفع البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة سبع مرات خلال العام الجاري لتصل إلى 2.9% في بداية العام المقبل 2023. ويأتي ارتفاع سعر الفائدة الأميركية لكبح جماح التضخم الذي بلغ 8.5%، وهو المعدل الأعلى في الولايات المتحدة منذ 40 عاماً.

ومن المتوقع أن تكون لمعدل الفائدة الأميركية الذي يتحرك تبعاً لسعر صرف الدولار تداعيات داخلية على مستوى أسواق الأسهم والسندات في "وول ستريت"، وعلى مستوى الأسواق العالمية بسبب هيمنة العملة الأميركية على الاحتياطات الأجنبية العالمية وعلى تسوية الصفقات وسوق القروض العالمي.

وحسب مؤشرات "وول ستريت جورنال" في أعقاب إعلان رفع الفائدة الأميركية واصل سعر صرف الدولار أمس الخميس، تعزيز قوته مقابل كل من اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني ومعظم العملات الرئيسية. وإلى جانب مكاسبه من زيادة سعر الفائدة، استفاد الدولار خلال العام الجاري من الاضطراب الجيوسياسي الذي تفاعل منذ بداية غزو روسيا لأوكرانيا في نهاية فبراير/ شباط الماضي وما تلاه من تداعيات العقوبات الاقتصادية الغربية على السلع والمؤسسات التجارية والمصرفية الروسية.

ويرى محللون أن هذه العوامل زادت المخاطر الاستثمارية في الأصول الخطرة وأسواق الدول الناشئة ودفعت المستثمرين نحو الأصول الأميركية. ومنذ بداية العام كسب الدولار ارتفاعاً في سعر صرفه مقابل العملات الرئيسية بنسبة 7.1%، وفقاً لمؤشرات العملات التي تنشرها صحيفة "وول ستريت جورنال".

ورغم أن زيادة الفائدة الأميركية ترفع من جاذبية الأصول الأميركية عالمياً، ولكن يثار السؤال حول التداعيات المتوقعة على الأسواق الناشئة وتحديداً على الدول العربية.

من الناحية الاقتصادية، فإن زيادة الفائدة على الدولار ترفع عالمياً كلف الاقتراض لدى الشركات والحكومات، كما أن قوة الدولار تضاعف من أعباء خدمة الديون الخارجية للدول الناشئة، التي عادة ما تقترض بالدولار أو ما يطلق عليه "يورو بوندز". ويعني مصطلح "اليورو بوندز"، سندات الدين التي تصدر بالدولار خارج الولايات المتحدة.

في شأن تداعيات الأسواق الناشئة، يرى صندوق النقد الدولي في تحليل أن "الارتفاع السريع في سعر الفائدة الأميركية خلال العام الجاري سيقود تلقائياً إلى تشديد السياسة النقدية عالمياً، وبالتالي ربما يقود ذلك إلى اضطراب في أسواق المال العالمية".

كما يشير كذلك إلى أن الدولار القوي يقود إلى هروب الاستثمارات من الاقتصادات الناشئة إلى الأصول الدولارية في الأسواق الأميركية، خاصة من قبل المستثمرين الباحثين عن دخل بالدولار.

أما العامل الآخر، فهو أن ارتفاع الفائدة الأميركية عادة ما يقود إلى الضغط على سعر صرف عملات الدول الناشئة. في هذا الشأن، يقول مصرف بيكيت السويسري الاستثماري، إن من بين الدول التي ستعاني أكثر من قوة الدولار وكلف الاقتراض هي، كولومبيا وهنغاريا وتشيلي ورومانيا. وهذه الدول حسب المصرف الاستثماري السويسري، لديها احتياجات تمويل كبيرة بالعملات الأجنبية بسبب ارتفاع حجم ديونها الأجنبية.

وهذه الدول قد تواجه انهياراً في عملاتها بسبب احتمال عجزها عن خدمة الديون وبالتالي حدوث اضطرابات في أسواقها المالية. من جانب آخر يرى "بيكيت"، أن الدول الناشئة ذات الديون الخارجية المنخفضة والتي لديها رصيد أجنبي ضخم لن تواجه ضغوطاً كبيرة في موازناتها المالية من الارتفاع السريع في الفائدة الأميركية. ويشير المصرف في هذا الصدد إلى دول مثل الهند وتايوان وكوريا الجنوبية.

على صعيد التداعيات على دول مجلس التعاون الخليجي التي ترتبط عملاتها بسعر ثابت مقابل الدولار، يرى محللون أن معظمها في وضع جيد بسبب الدخل الدولاري وارتفاع أسعار الطاقة، وبالتالي فهي محمية من هروب الاستثمارات الأجنبية.

ويلاحظ أن دول الخليج تضبط سياستها النقدية وفقاً للسياسة النقدية الأميركية، كما أنها تستفيد في الوقت الراهن من الارتفاع الكبير في أسعار الخامات النفطية والغاز الطبيعي التي تباع بالدولار.

وبالتالي فإن هذه الدول تحصل على جل دخلها بالدولار. في هذا الشأن لا يتوقع الاقتصادي بمؤسسة "كابيتال إيكونومكس"، جيمس سوانستون في مذكرة، أن تواجه هذه الدول مشكلة من ارتفاع الفائدة الأميركية ما دامت تتابع سياسة البنك المركزي الأميركي في زيادة وخفض الفائدة.

وتحلق أسعار النفط حالياً فوق مائة دولار للبرميل كما أن أسعار الغاز الطبيعي في أعلى مستوياتها عالمياً. ولكن محللين يرون أن بعض المراكز المالية التي لا تعتمد على صادرات الطاقة في الدخل ستعاني من زيادة الفائدة الأميركية. ومن بين هذه المراكز البحرين ودبي.

وهنالك توقعات بأن تواجه المصارف في البحرين بعض المتاعب بسبب انكماش القروض. ويساهم القطاع المصرفي بنسبة 16.7% من إجمالي الناتج المحلي بالبحرين.

في ذات الصدد، ترى شركة لازارد السويسرية لإدارة الاستثمارات الدولية، أن الدول التي تعتمد في دخلها على مبيعات السلع مثل دول الخليج وجنوب أفريقيا والبرازيل وبعض دول آسيا الوسطى لن تعاني من تداعيات سالبة لقوة الدولار والزيادة السريعة في الفائدة الأميركية المتوقعة في العام الجاري.

المساهمون