الأسر اليمنية تدفع ثمن تقليص المساعدات الغذائية في تعز

17 أكتوبر 2024
متظاهرون ضد تدهور الوضع المعيشي في تعز، 12 ديسمبر 2020 (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- يعيش عبد الله الأثوري في تعز حالة من القلق بسبب تقليص برنامج الغذاء العالمي للمساعدات الغذائية، مما يهدد قدرته على شراء المواد الأساسية وسط ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

- يسعى برنامج الغذاء العالمي لتقليص أعداد المستفيدين في اليمن بسبب نقص التمويل، حيث تم حذف 33 ألف حالة في تعز، مما أثار قلق السكان المحليين الذين يعانون من الفقر والجوع.

- يعاني 17.6 مليون شخص في اليمن من انعدام الأمن الغذائي، وتأثرت الإغاثة بسبب الهجمات على السفن، مما يجعل المساعدات النقدية شريان حياة لملايين الأشخاص.

يعيش في تعز اليمنية المواطن عبد الله الأثوري، الذي يعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد، حالة من القلق، بعد سماعه أخباراً تفيد بأن برنامج الغذاء العالمي يسعى لتقليص عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية في المحافظة، حيث يخشى الأثوري من فقدانه سلة الإغاثة التي يستلمها منذ سنوات.

ويقول الأثوري لـ"العربي الجديد" نحن بلا عمل، وبلا رواتب، وعندي أسرة من سبعة أفراد نعتمد بشكل رئيسي على ما نحصل عليه من منظمات الإغاثة، وإذا ما جرى إيقاف السلال الغذائية علينا سنموت جوعاً، فأنا بلا راتب وبلا عمل، من أين لي أن أشتري كيس دقيق بـ50 ألف ريال (الدولار يساوي 1910 ريالات) فالحرب أثرت بحياتنا وجعلتنا لا نملك شيئاً".

ويقدم برنامج الغذاء العالمي سلالاً غذائية للمستفيدين، وتتكون السلة الغذائية من نصف كيس دقيق (25 كيلوغراماً) ودبة زيت حجم صغير، وفاصوليا بيضاء. وقد توقفت معظم المنظمات التي كانت تقدم المساعدات الغذائية خلال السنوات الماضية عن تقديمها، باستثناء عدد قليل من المنظمات التي لا تزال تعمل في اليمن، وأبرزها برنامج الغذاء العالمي، غير أن حديث البرنامج عن اعتزامه تقليص المساعدات الغذائية التي يقدمها للمستفيدين في محافظة تعز قد أثار حالة من القلق لدى السكان المحليين الذين يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر.

وقالت مصادر خاصة في ديوان عام محافظة تعز لـ"العربي الجديد" إن برنامج الغذاء العالمي يسعى إلى تقليص أعداد المستفيدين من المساعدات الغذائية في اليمن، بدءاً من الدورة القادمة لصرف المساعدات، حيث يعاني البرنامج من نقص التمويل، في ظل تشكيكه بدقة بيانات المستفيدين، خاصة مع وجود سلال غذائية معروضة للبيع في الأسواق، يقوم بعض المستفيدين باستلامها وبيعها".

وأكدت المصادر أن من ضمن الأسباب التي جعلت برنامج الغذاء العالمي يسعى لتقليص أعداد المستفيدين، هو تحسّن دخل بعض الأسر وفق ما أفادت به عملية مسح قام بها البرنامج في عامي 2022 و2023".

وكشف المدير التنفيذي للجنة الفرعية للإغاثة في تعز، الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، أن برنامج الغذاء العالمي أبلغهم بحذف 33 ألف حالة من دورة الصرف القادمة، وهو ما يشكل 38% من نسبة احتياج الأسر في المناطق المحررة من محافظة تعز وحدها".

معتز الحمادي، مواطن من تعز، قال لـ"العربي الجديد" إن تقليص عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، سيضاعف حجم الكارثة الإنسانية، وسيزيد معدلات الجوع، خاصة أن السكان في اليمن يعانون من مجاعة حقيقية في ظل تدني القيمة الشرائية للريال اليمني، والارتفاع الجنوني لأسعار السلع الغذائية والمواد التموينية، حيث إن غالبية الأسر تعتمد بشكل رئيسي على السلال الغذائية التي تحصل عليها من المنظمات".

إلى ذلك أكد برنامج الغذاء العالمي، استمرار انعدام الأمن الغذائي في اليمن وارتفاعه إلى مستويات غير مسبوقة خلال شهر أغسطس الماضي. وجاء ذلك في "تحديث حالة الأمن الغذائي في اليمن لشهر سبتمبر/أيلول"، الذي نشره "الغذاء العالمي" على موقعه الإلكتروني في الآونة الأخيرة.

وقال البرنامج "للمرة الرابعة على التوالي، ارتفعت نسبة الأسر التي تعاني من استهلاك غذائي غير كافٍ إلى مستويات غير مسبوقة في اليمن، حيث وصلت إلى 64% في أغسطس 2024". وأضاف: "شمل ذلك 65% في مناطق سيطرة الحكومة و64% في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين". وأشار البرنامج إلى أن معدلات الحرمان الغذائي الشديد زادت (في مناطق سيطرة الحوثيين) بنسبة مضاعفة تقريباً مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغت 37% في أغسطس/آب مقابل 35% في (المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة".

كما أكد البرنامج أن جميع المحافظات في اليمن تجاوزت الحد الأدنى لنسبة استهلاك الغذاء السيء البالغة 20%، مع تسجيل ذروات في الجوف، لحج، أبين، الضالع، حجة، عمران، ريمة. وأوضح أن "الظروف الاقتصادية السيئة وتأخير المساعدات الغذائية في الجنوب، وكذلك التباطؤ الاقتصادي وتوقف المساعدات في الشمال، ساهمت في تفاقم الوضع، وتفاقمت الأمور بسبب الفرص المحدودة لكسب العيش والفيضانات المدمرة التي أعاقت الوصول إلى الأسواق في أغسطس، وأثرت بأكثر من 500 ألف شخص في محافظات الحديدة وحجة ومأرب وتعز وصعدة".

وتابع البرنامج "كما تضاعف الحرمان الشديد من الغذاء تقريباً في شمال اليمن (مناطق سيطرة الحوثي) ليصل إلى 37% خلال الأشهر الـ12 الماضية، مقارنة بـ30% في الجنوب (مناطق سيطرة الحكومة)، بالإضافة إلى ذلك أبلغ 23% من الأسر في الشمال و15% في الجنوب أن أحد أفرادها على الأقل قضى يوماً كاملاً دون طعام". وأشار إلى أن نسبة الأسر التي تبنت استراتيجيات تأقلم غذائية قاسية شهدت ارتفاعاً بنسبة 10% في المناطق الشمالية، حيث وصلت إلى 56%، مقارنة بـ51% في المناطق الجنوبية، وهي أعلى نسبة في الجنوب خلال العامين الماضيين.

ولفت البرنامج إلى أن النازحين من أكثر الفئات تضرراً في اليمن، حيث تضاعف تقريباً مستوى الحرمان الشديد من الغذاء خلال العام الماضي، وكان أعلى بشكل ملحوظ من المقيمين".
وكان البرنامج قد كشف في تقرير سابق أن 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مع وجود ستة ملايين في حالة طوارئ غذائية. وقد تأثر عمل المنظمات الإغاثية في اليمن بسبب الهجمات التي تشنّها جماعة الحوثيين، عبر استهدافها السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، كما أثر ذلك في حجم واردات المواد الغذائية، فقد استقبلت الموانئ الحكومية في أول ثمانية أشهر من العام الجاري، 815 ألف طن متري، وبانخفاض قدره 4% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2023، التي شهدت دخول 853 ألف طن متري.

وكانت منظمة اليونيسف قد قالت إن المساعدات النقدية تشكّل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين الأشخاص الضعفاء الذين يحتاجون إلى دعم عاجل في اليمن، مؤكدةً أهمية العمل على توفير شبكة أمان لحوالي 9.2 ملايين شخص من أكثر من 1.43 مليون أسرة تُعد من بين الأكثر فقراً وضعفاً، بما في ذلك الأسر التي تعولها نساء أو التي تضم أفراداً من ذوي الإعاقة.

المساهمون