الأتراك يترقبون زيادة للأجور تخفف آثار الغلاء وتنعش الأسواق

08 ديسمبر 2020
ارتفاع تكاليف المعيشة في ظل جائحة كورونا وهبوط الليرة (فرانس برس)
+ الخط -

يترقب الأتراك زيادة للأجور خلال الأسبوع المقبل، ينظر إليها محللون بأهمية، لمواجهة التكاليف المعيشية المرتفعة، التي خلفتها تداعيات جائحة فيروس كورونا وهبوط سعر الليرة أمام العملات الأجنبية، وفي نفس الوقت تحريك الأسواق والإنتاج وبالتالي زيادة النمو الاقتصادي للدولة.

وأظهرت بيانات صادرة عن معهد الإحصاء التركي، في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ارتفاع أسعار المستهلك (التضخم)  على أساس سنوي خلال نوفمبر/ تشرين الثاني بنسبة 14.03%، مقابل 11.89% خلال أكتوبر/ تشرين الأول.

ويعد التضخم مثار اهتمام من الاقتصاديين والمسؤولين الأتراك، حيث أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الشهر الماضي، أن بلاده تستهدف خفض معدل التضخم إلى ما دون 10%.

وحددت وزارة الأسرة والعمل التركية، أخيراً، تاريخ الإعلان عن الحد الأدنى للأجور للعام الجديد 2021 في 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بعد مشاورات بين الحكومة وممثلين عن العمال وأصحاب الأعمال.

ويقدر الخبير الاقتصادي خليل أوزون ارتفاع تكاليف المعيشة خلال العام الجاري بأكثر من 30%، بسبب تراجع سعر صرف الليرة والإغلاقات التي شهدتها بعض الأنشطة منذ ظهور فيروس كورونا الجديد، وتراجع الاستيراد ما رفع أسعار بعض السلع أكثر من 70%، وفي مقدمتها السيارات.

ويقول أوزون، لـ"العربي الجديد"، إنّ العام الجاري بدأ بسعر صرف 5.9 ليرات مقابل الدولار الواحد، لكن سعر صرف العملة الأميركية اليوم يبلغ 7.8 ليرات، وهناك توقعات بأن يقفل العام على 8 ليرات.

ويلفت إلى أن تراجع سعر الليرة قابله ارتفاع أسعار يتراوح بين 20% و70% بحسب السلع والمنتجات، متوقعاً أن يزيد الحد الأدنى للأجور العام المقبل بنحو 600 ليرة، ليقترب من 3 آلاف ليرة، فيما يبلغ حالياً 2324 ليرة تركية.

ويتوقع خبراء اقتصاد أن يرتفع الحد الأدنى للأجور إلى ما بين 2605 و2722 ليرة، لكن هناك مطالبات خاصة من أحزاب المعارضة بتخطيه 3 آلاف ليرة.

وكان رئيس حزب "الشعب الجمهوري" المعارض كمال كيليجدار أوغلو قد اقترح، مؤخراً، أن يكون الحد الأدنى للأجور 3100 ليرة، وأن يُعفى من الضرائب.

وشهد الحد الأدنى للأجور زيادات كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، حيث رفعته الحكومة بنحو 14% خلال العام 2018 ليصل إلى 1603 ليرات، ليتم زيادته بنسبة 26% في 2019، ونحو 15.3% في العام الجاري، فيما يتوقع محللون زيادته بنسبة أكبر في العام المقبل، نتيجة تراجع القدرة الشرائية للكثير من الأتراك.

لكن الخبير الاقتصادي التركي أوزجان أويصال يقول لـ"العربي الجديد" إن الأجور الحقيقية تزيد كثيراً على أرض الواقع عن القيمة المحددة حداً أدنى للأجور.

وأوضح أويصال: "قلما تجد عاملاً في تركيا يتقاضى الحد الأدنى المقدر بـ 2324 ليرة، فعمال النظافة والخدمات المنزلية والسياحية يصل الحد الأدنى لأجورهم إلى 2558 ليرة، ويزيد بالنسبة للمهن المتخصصة مثل المعلمين والأطباء إلى 3 أضعاف الحد الأدنى، و4 أضعاف بالنسبة للمهندسين و6.5 أضعاف بالنسبة لكبار المديرين والطيارين، أي بنحو 16.6 ألف ليرة تركية شهرياً".

وأشار إلى أن غالبية أصحاب الأعمال تضع فقط قيمة الحد الأدنى للأجور لدى تسجيل عامليها في التأمينات، مضيفا أن رفع الأجور ضروري لتنشيط السوق الداخلية عبر دعم القدرات الشرائية والاستهلاك، وبالتالي انتعاش الإنتاج وزيادة النمو الاقتصادي.

وجاء أداء الاقتصاد التركي أفضل من معظم أقرانه في مجموعة العشرين خلال الربع الثالث من العام الجاري، مدفوعاً بإجراءات تحفيز واسعة ضحت بالليرة واستقرار الأسعار، ليتجاوز الكثير من التداعيات التي خلفتها جائحة فيروس كورونا الجديد وألقت بظلال سلبية على العديد من الاقتصادات العالمية.

ومن المحتمل أن يكون أداء الاقتصاد التركي، البالغ حجمه 740 مليار دولار، قد تفوق على جميع دول مجموعة العشرين باستثناء الصين، وفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مشيرة إلى أن هذا التفوق يرجع جزئياً إلى مزيج من تخفيضات أسعار الفائدة والإنفاق المالي والائتمان الذي تقوده الحكومة.

وأظهرت  البيانات الرسمية التي أوردتها وكالة "الأناضول"، اليوم الإثنين، نمو الاقتصاد التركي بنسبة 6.7% في الربع الثالث.

ولمساعدة الشركات والمستهلكين في التغلّب على وباء كورونا، دفعت الحكومة التركية البنوك إلى زيادة الإقراض. في الوقت نفسه، قام البنك المركزي بضخ السيولة عن طريق جمع السندات الحكومية وخفض أسعار الفائدة، قبل أن يتوقف عن ذلك في يونيو/ حزيران الماضي، ما جعل تكاليف الاقتراض المعدلة حسب التضخم في تركيا من بين أدنى المعدلات في العالم.

المساهمون