استمع إلى الملخص
- تأثير الحرب على القطاعات الاقتصادية: تضررت قطاعات السياحة والزراعة والبناء بشدة، مع توقف إصدار رخص العمل للفلسطينيين وتراجع السياحة بنسبة كبيرة، مما أثر على العاملين في هذه القطاعات.
- زيادة الفقر وتوزيع المساعدات: ارتفاع كلفة المعيشة وتباطؤ الاقتصاد زاد نسبة الفقر، مما دفع منظمة بيتشون ليف لتوزيع مساعدات غذائية لأكثر من 200 ألف عائلة، مع توقعات بصعوبة التعافي الاقتصادي كلما طالت الحرب.
تسبّب العدوان الإسرائيلي الذي بدأ منذ نحو عام في قطاع غزة، وتوسع الاعتداءات على لبنان بتداعيات على اقتصاد إسرائيل شملت التباطؤ وتراجع أنشطة قطاعات مختلفة وكذا ارتفاع نسبة الفقر.
وقبل اندلاع هذه الحرب كان اقتصاد إسرائيل يعاني أساساً على خلفية الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها البلاد على مدى أشهر ضد ما يعرف بالانقلاب القضائي لحكومة بنيامين نتانياهو. لكن الاقتصاد تلقّى ضربة قاسية بفعل الحرب المتواصلة بلا أفق لحلّ يضع حدّاً لها.
وحذر الخبير الاقتصادي جاك بنديلاك من احتمال دخول الاقتصاد الإسرائيلي مرحلة ركود في حال تواصل المعارك لمدة زمنية أطول.
وبعدما تقلّص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 21% في الربع الأخير من العام 2023 الذي اندلعت الحرب خلاله، زاد الناتج المحلي بنسبة 14% في الأشهر الثلاثة الأولى من 2024، بحسب بيانات رسمية. إلا أن النمو تعثّر في الربع الثاني، واقتصر على نسبة 0,7%.
وخفّضت وكالات التصنيف الدولية الثلاث الكبرى تقييمها لديون إسرائيل. وتوقعت وكالة فيتش في آب/أغسطس أن الحرب في غزة، وهي الأطول التي تخوضها إسرائيل منذ احتلال فلسطين في العام 1948، قد تمتد إلى سنة 2025.
وحذّرت الوكالة من "مخاطر اتساع هذه الحرب إلى جبهات أخرى". وأثارت الحرب في غزة على مدى الأشهر الماضية، مخاوف من تمدّدها نحو جبهات أخرى. وفي الأيام الأخيرة، صعّدت إسرائيل بشكل كبير غاراتها الجوية على لبنان معلنة ضرب أهداف لحزب الله، بعد أكثر من 11 شهراً على تبادل الحزب وجيش الاحتلال القصف على نحو شبه يومي عبر الحدود.
وعلى الرغم من أن تصنيف الديون الإسرائيلية لا يزال عالياً، انتقد المسؤولون الإسرائيليون وكالات التصنيف. وشدد نتنياهو على أن اقتصاد إسرائيل "مستقر وصلب" وسيتحسن ما إن تنتهي الحرب.
مشاريع معلّقة
لكن المحرّكات الاقتصادية الأخرى مثل السياحة والزراعة والبناء "تذبل واحدة تلو الآخر"، وفق بنديلاك، الأستاذ الفخري في الجامعة العبرية بالقدس.
وأوقفت إسرائيل إصدار رخص عمل للفلسطينيين بعد هجوم تشرين الأول/أكتوبر 2023، ما أدى لنقص في اليد العاملة وفق جمعية حقوق العامل (Kav LaOved) الإسرائيلية.
قبل الحرب، كانت السلطات الإسرائيلية تصدر نحو 100 ألف من هذه التراخيص التي ساهمت في زيادة القوة العمالية لقطاعات البناء والزراعة والصناعة. وقالت جمعية حقوق العامل إنه تمّ استثناء ثمانية آلاف عامل فلسطيني فقط من وقف إصدار التراخيص، وذلك للعمل في مصانع تعتبر حيوية.
في تل أبيب، باتت أعمال الإنشاء معلّقة في ظل توقف استكمال بناء ناطحات السحاب ومشاريع النقل. كما تراجعت السياحة منذ اندلاع الحرب، مع انخفاض أعداد الزوار الآتين لتمضية إجازات أو لأغراض السياحة الدينية.
وزار إسرائيل 500 ألف سائح بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو، وهو ربع عدد السياح في الفترة ذاتها من العام السابق، وفق أرقام وزارة السياحة.
ويقول المرشد السياحي المستقل هيليك والد (47 عاماً) إنه ترك عمله الذي كان يؤمن له مدخولاً شهرياً معدله 18 ألف شيكل (4,755 دولاراً). ويعمل حالياً بدوام جزئي في مكتب المعلومات في محطة للقطارات. ولنحو ستة أشهر، تلقى هذا الأب لولدين معونة حكومية، لكنه لم يعد مؤهلاً لنيلها.
ضعف اقتصاد إسرائيل
ويحذّر الخبير الاقتصادي من أن ارتفاع كلفة المعيشة وتباطؤ اقتصاد إسرائيل "ستنتج عنهما حتماً زيادة في الفقر".
في مرآب سيارات لمركز تجاري في مدينة ريشون لتسيون الساحلية، وسط اسرائيل، توزّع منظمة بيتشون ليف (القلب المفتوح) مجاناً سلال الفاكهة والخضار واللحم مرتين أسبوعياً. ويقول مؤسسها إيلي كوهين إنه منذ بداية الحرب "قمنا بمضاعفة أنشطتنا وأكثر"، مشيراً إلى أن المنظمة تدعم أكثر من 200 ألف عائلة في إسرائيل.
ويوضح أن المستفيدين الجدد هم من "الشباب، عائلات أربابها ضمن الاحتياط (المستدعون إلى الخدمة العسكرية)، العديد من الناس الذين كانوا متبرّعين سابقين، وكل الذين تمّ إجلاؤهم من منازلهم".
وفي ما يتعلق بآفاق التعافي، يرى بنديلاك أنه ما إن تضع الحرب أوزارها "تحصل دائماً إعادة انطلاق قوية للاقتصاد"، لكن "كلما طالت هذه الحرب، كلما ستكون هذه العودة أصعب وأبطأ".
(العربي الجديد، رويترز)