شهدت أسعار الكتب الخارجية للعام الدراسي الجديد في مصر ارتفاعاً جنونياً، تجاوزت نسبته 40% مقارنة بأسعار بيعها العام الماضي، ما أثار حالة من الغضب الواسع بين أولياء الأمور، الذين يعانون في الأصل من التضخم الجامح وغلاء الأسعار، والزيادة المطردة في أسعار المواد الغذائية، وغيرها من المواد والخدمات الأساسية، مثل فواتير استهلاك الكهرباء والغاز والمياه.
وبحسب ما رصده "العربي الجديد"، بلغت القيمة الإجمالية للكتب الخارجية 1250 جنيهاً في المتوسط للتلميذ في المرحلة الابتدائية، و1700 جنيه في المرحلة الإعدادية، و2950 جنيهاً في المرحلة الثانوية، أي نحو 6 آلاف جنيه تقريباً للأسرة المكونة من 3 أطفال، بخلاف تكاليف الدراسة الأخرى من مصاريف المدارس والأدوات المكتبية والدروس الخاصة. (الدولار = 30.95 جنيهاً).
في المرحلة الابتدائية، تراوح سعر كل كتاب -بعد الزيادة- ما بين 245 و255 جنيهاً لإجمالي 5 مواد أساسية، والمرحلة الإعدادية ما بين 265 و295 جنيهاً لإجمالي 6 مواد أساسية.
أما للصف الثالث الثانوي (الثانوية العامة)، فارتفع سعر كتاب "الأضواء" لمادة اللغة العربية إلى 670 جنيهاً، ومجموعة "المعاصر" لمادة الرياضة (4 كتب) إلى 830 جنيهاً، بالإضافة إلى متوسط 295 جنيهاً للكتاب في 5 مواد أساسية أخرى.
وبرر عضو شعبة الأدوات المكتبية التابعة لاتحاد الغرف التجارية، بركات صفا، الزيادة الكبيرة في أسعار الكتب الخارجية للتلاميذ في مراحل التعليم الأساسي، بقوله إن "ذلك يعود إلى التضخم، وارتفاع أسعار الورق والطباعة والأحبار، فضلاً عن شح الدولار اللازم للاستيراد، وتدبيره بسعر أعلى من الرسمي (البنوك) من السوق الموازية".
وأضاف صفا في تصريحات متلفزة، أن "أسعار الكتب الخارجية لا تخضع للعرض والطلب فقط، لكنها مرتبطة أيضاً بتكاليف استيراد الورق والطباعة المرتفعة"، متهماً الدروس الخاصة بأنها السبب في ارتفاع الأسعار، بدعوى أن "المدرس يتعامل مع دار نشر معينة تطبع كتابا معينا، ويلزم أولياء الأمور بشرائه أياً كان سعره"، على حد قوله.
وتجاوزت أسعار ورق الطباعة المستورد في مصر 50 ألف جنيه للطن، مقارنة بنحو 17 ألف جنيه في مارس/ آذار 2022، أي بزيادة تقترب من 200%، على خلفية تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة تزيد عن 50% خلال العام الجاري، وتأخر البنوك في تدبير النقد الأجنبي للمستوردين وفتح الاعتمادات المستندية.
ويبلغ حجم استهلاك مصر من الورق نحو 500 ألف طن سنوياً، تنتج منها قرابة 210 آلاف طن محلياً، من خلال شركة قنا لصناعة الورق، وشركة إدفو في محافظة أسوان (جنوب)، وكيانات أخرى صغيرة. ويتم استيراد الكمية المتبقية من دول أبرزها فنلندا والبرازيل، لتعويض الفجوة ما بين الإنتاج والاستهلاك.
وسجل سعر شراء الدولار في السوق غير الرسمية نحو 38.50 جنيهاً، وسعر البيع 39.50 جنيهاً، مقابل سعر يناهز 31 جنيهاً في البنوك.
ومؤخراً، قرر البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 1%، ليرتفع سعر الفائدة على الودائع إلى 19.25%، وعلى الإقراض إلى 20.25%. وبذلك، بلغ إجمالي الزيادة على أسعار الفائدة 11% في أقل من 17 شهراً، بالتزامن مع مرحلة انهيار جديدة عاشها الجنيه منذ اندلاع حرب أوكرانيا في 2022.
وتراجعت العملة المصرية عبر 3 تخفيضات متتالية بنسبة 50% في 2022، ثم فقدت 20% مجدداً من قيمتها مع بداية عام 2023، ليصل سعر الدولار إلى أكثر من 40 جنيهاً في سوق التعاملات الآجلة لمدة عام.
ومنذ أشهر تتوقع مؤسسات وبنوك عالمية إقدام البنك المركزي المصري على تعويم جديد للجنيه، لكن لم تصدق تلك التوقعات، رغم استمرار زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق السوداء، وشح النقد الأجنبي في الأسواق.