ارتفاع جديد في أسعار المحروقات والأغذية شمال غربي سورية

20 نوفمبر 2021
حملات لمواجهة ارتفاع أسعار جميع أسعار المواد الغذائية (الأناضول)
+ الخط -

أعلنت الشركات الموردة للمشتقات النفطية في محافظة إدلب، اليوم السبت، رفع أسعار جميع أنواع الوقود بنسب متفاوتة.
وذكر الناشط محمد المصطفى لـ"العربي الجديد" أن شركات "وتد" و"كاف" و"الشهباء" رفعت أسعار المازوت ليصبح 9,14 ليرات تركية، والبنزين المستورد الى 9,83 ليرات تركية، فيما سيكون السعر الجديد لأسطوانة الغاز المنزلي 137 ليرة تركية.
وهذا الارتفاع في أسعار المحروقات هو الرابع من نوعه خلال الشهر الحالي، إذ رفعت الشركات الثلاث المذكورة الأسعار آخر مرة الأربعاء الماضي. وترجع الشركات المستوردة لهذه المواد سبب رفع أسعارها الى ارتفاع الأسعار من المصدر، إضافة إلى انخفاض قيمة الليرة التركية أمام العملات الأجنبية.
وتعتمد محافظة إدلب على استيراد جميع أنواع المحروقات من أوكرانيا عبر تركيا، إضافة إلى قسم من الواردات الذي يأتي من مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية "قسد".

وتتحكم شركة وتد بالمحروقات التي تصل إلى إدلب والمناطق الخاضعة لنفوذ الجيش الوطني السوري المعارض، في أرياف حلب والرقة والحسكة، ودائماً ما تبرّر رفع سعر المحروقات والمواد الأخرى باختلاف سعر صرف العملة التركية مقابل الدولار، والتي تمّ اعتمادها من قبل "حكومة الإنقاذ" عملةً رئيسيةً في المحافظة منذ العام الماضي.

مبادرات تطوعية

من جانبهم، أطلق عدد من نشطاء وسكان مدينة إدلب مبادرة تطوعية خيرية للتبرع بالخبز لمن لا يملك ثمن شرائه في ظل ظروف معيشية قاسية يعاني منها معظم سكان المحافظة وارتفاع سعر ربطة الخبز إلى مستويات عالية.
وقال الباحث الاقتصادي يوسف السليم لـ"العربي الجديد" إن كل الظروف تعاكس سكان الشمال السوري بسبب ارتباط التعاملات بالليرة التركية التي هوت إلى مستوى قياسي خلال الأيام القليلة، وذلك بسبب عدم وجود إدارة اقتصادية حكيمة تدير ثروات المنطقة وتدعم المواد الأساسية بدلاً من الزيادة على أسعارها.
وذكر مصدر محلي لـ"العربي الجديد" أن منظمي الحملة وضعوا سلالاً بلاستيكية فارغة بعضها أمام المخابز والمحلات التجارية ضمن الأسواق للتبرع بالخبز، مشيراً إلى أن الحملة لاقت استجابة كبيرة واستحساناً بين المدنيين، فمن استطاع تبرع بربطة أو ربطتين أو أكثر من ذلك، ومن يحتاج أخذ كفايته منها دون أن يدفع نقوداً، فهي مخصصة للمحتاجين بحسب القائمين على الحملة.
وتداول نشطاء وإعلاميون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسلال بلاستيكية بداخلها ربطات الخبز في مدينة إدلب خصصت ليتبرع من خلالها ميسورو الحال لمن لا يملك قوت يومه بمادة الخبز.
وتشهد أسعار ربطة الخبز ارتفاعاً شبه يومي في إدلب، لتصل إلى حد يعجز الكثيرون عن شرائها، إضافة إلى ارتفاع أسعار جميع أسعار المواد الغذائية والسلع والمستهلكات الرئيسية اليومية.

ويطالب الناشطون عبر منشورات لهم في مواقع التواصل الاجتماعي السلطات المحلية بدعم مادة الخبز في إدلب، كونها مادة معيشية رئيسية لجميع السكان.

بوادر انهيار اقتصادي 

وفي السياق، قال فريق "منسقو استجابة سورية" في بيان صدر عنه اليوم السبت إن منطقة شمال غربي سورية تشهد بوادر انهيار اقتصادي مع ارتفاع الأسعار ووصولها إلى مستويات قياسية، مع زيادة ملحوظة في معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية للسكان فيها.
وأضاف الفريق في تقريره أن أغلب العائلات في المنطقة بشكل عام ونازحي المخيمات بشكل خاص أصبحوا غير قادرين على تأمين المستلزمات الأساسية، وفي مقدمتها مواد التغذية والتدفئة لضمان بقاء واستمرار تلك العائلات على قيد الحياة.
وأردف الفريق أن النازحين في المخيمات ينتظرون أوضاعاً إنسانية بالغة السوء مع بدء الهطولات المطرية، وقال: "ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته أمام المدنيين في المنطقة كما ندعو المنظمات الإنسانية بشكل عاجل إلى زيادة الفعاليات الإنسانية في مخيمات شمال غربي سورية، والتي يقطنها أكثر من مليون ونصف مليون مدني لمواجهة فصل الشتاء".
وقال الخبير الاقتصادي إبراهيم عليان لـ"العربي الجديد" إن التضخّم الحاصل في الشمال السوري يعود إلى عدة أسباب، منها ارتباط المنطقة بالاقتصاد التركي الذي أثّر عليه تراجع سعر صرف الليرة بشكل حاد أمام العملات الأجنبية، وعدم وجود سلطات اقتصادية تشرف على العمليات التجارية والاستيراد والتصدير، إنما هناك حكومة تتبع لجهة عسكرية همها الوحيد هو جمع الأموال دون مراعاة مصالح السكان الذين يزيد عددهم عن أربعة ملايين نسمة، نحو ثلثهم يسكنون المخيمات.
وأضاف عليان أن "اقتراب دخول فصل الشتاء وازدياد الحاجات وتراجع الإنتاج والقدرة على العمل أسباب مهمة أيضاً تسهم بشكل كبير في إذكاء بوادر الانهيار الاقتصادي الذي يبدو قريباً من المنطقة".

وقال إن "التخوّف الأكبر من تراجع حجم المساعدات الإنسانية التي تصل المنطقة ويعتمد عليها كثير من النازحين، في ظل الكثافة السكانية الكبيرة، وقلة فرص العمل، واحتكار سلطات الأمر الواقع بمعظم مصادر الدخل وتوظيف القريبين منها والمحسوبين عليها".
وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد، وبلغت 400 بالمائة، بينما بلغت نسبة ارتفاع أسعار المواد غير الغذائية 200 بالمائة، أما الخبز، وهو غذاء أساسي للعوائل في المنطقة، فقد ارتفع سعره بنسبة 300 بالمائة. 

ووصلت معدلات الفقر، وفقاً لتقرير صدر عن الفريق في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني، إلى مستويات قياسية تجاوزت 90 بالمائة، ما يعكس حجم الوضع الاقتصادي السيئ وتدني مستوى الدخل، الذي أجبر العوائل على تخفيض عدد الوجبات اليومية. 
وبلغت نسبة الأسر التي خفضت أعداد الوجبات الأساسية 65 بالمائة، في حين وصلت ضمن المخيمات إلى 89 بالمائة. وارتفعت نسبة الأسر التي وصلت إلى حد الانهيار خلال الأشهر الثلاثة السابقة إلى ما بين 52 و 59 بالمائة.
ويرتبط دخل سكان المنطقة بالليرة التركية التي شهدت انخفاضاً حادّاً في الأسبوعين الماضيين مقابل الدولار الأميركي، حيث سجلت أدنى مستوى لها عند 11 ليرة لكل دولار.

المساهمون