ارتفاع الدولار في مصر... وعودة السوق السوداء

23 يوليو 2024
تراجع الجنيه مقابل الدولار في البنوك (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **ارتفاع الدولار أمام الجنيه المصري**: شهد الدولار قفزة جديدة أمام الجنيه في البنوك المحلية المصرية، حيث ارتفع بنحو 35 قرشاً للبيع و50 قرشاً للشراء خلال يومين، ليصل سعر الشراء بالبنك المركزي إلى 48.31 جنيهاً وسعر البيع إلى 48.45 جنيهاً.

- **أسباب صعود الدولار**: يعزى صعود الدولار إلى شح العرض بالبنوك، زيادة الديون الخارجية، وتأخر وصول القروض المقررة من الاتحاد الأوروبي، مما زاد من الضغوط على الدولار.

- **تدخل البنك المركزي**: عاد البنك المركزي للتدخل في تحديد سعر الصرف، مما أدى إلى ارتفاع المضاربة بين البنوك وعودة تعاملات الأفراد والشركات للسوق السوداء.

حقق الدولار قفزة جديدة أمام الجنيه في البنوك المحلية المصرية، إذ ارتفع بنحو 35 قرشاً للبيع و50 قرشاً للشراء، خلال يومين ليبلغ سعر الشراء بالبنك المركزي 48.31 جنيهاً، بينما ارتفع سعر البيع إلى 48.45 جنيهاً، بعد استقرار نسبي حققه خلال الأسبوع الماضي عند مستويات أقل من 48 جنيهاً للدولار بجميع البنوك.

يسير الدولار في السوق المحلية في اتجاه معاكس لقيمته المتراجعة بالأسواق العالمية، عقب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي 2024، مقابل العملات الرئيسية والمشفرة، ساهمت في زيادة أسعار الذهب، وبلوغها رقماً تاريخياً، عند 2483.6 دولاراً للأوقية، الذي تحول إلى الملاذ الآمن، للتحوط لمواجهة مزيد من هبوط الدولار خلال الفترة المقبلة.

وأرجع اقتصاديون صعود الدولار لوجود شح في العرض بالبنوك، التي لم تتمكن من الوفاء باحتياجات المستوردين والمستثمرين، وعدم وضوح الرؤية لمناقشات صندوق النقد الدولي حول طلب مصر الحصول على قروض بقيمة 2.2 مليار دولار، التي كان مقرراً الموافقة عليها خلال اجتماع مجلس إدارة الصندوق الاثنين المقبل.
 

زيادة الدولار

قال المحلل المالي بمجموعة "سيجما كابيتال" لتداول الأوراق المالية، هاني عامر، إنّ زيادة الدولار كانت أمراً متوقعاً في ظل زيادة الديون الخارجية، التي تقدر بنحو 170 مليار دولار، وحلول موعد سداد فوائد وأقساط الديون، بينما تتراجع مصادر النقد الأجنبي، زادت حدتها مع غموض موقف صندوق النقد من منح مصر القرض المقرر لها منذ عدة أشهر، في جلساته المقبلة، وتأخر وصول القروض المقررة من الاتحاد الأوروبي لمدة شهرين آخرين.

وأوضح عامر لـ"العربي الجديد" أن التزامات الدولة تجاه الدائنين، تسبب ضغوطاً على الدولار لدى البنوك والبنك المركزي.
تواجه الحكومة ضغوطاً من قبل الشركات الدولية والمستثمرين الراغبين في سداد مستحقاتهم المتأخرة، على مدار عامين لدى الجهات الرسمية، وخاصة لدى قطاع البترول، التي تزيد عن 6 مليارات دولار.

وتحتاج الحكومة إلى تدبر مليار دولار خلال الشهر الجاري، لزيادة شحنات استيراد الغاز والمازوت من الخارج، بعد تعهّدها بعدم قطع التيار الكهربائي عن المواطنين نهائياً اعتباراً من أمس الأول، بالتوازي مع تدبير أقساط الدفع الفوري لشراء 21 شحنة يجري توريدها على مدار شهرين، بقيمة 1.18 مليار دولار، لحل أزمة الكهرباء خلال فصل الصيف.
 

تدخل البنك المركزي

رصد خبراء عودة البنك المركزي للتدخل في تحديد سعر الصرف، على مدار اليومين الماضيين. فقد لجأ "المركزي" إلى دعم الجنيه مقابل الدولار والعملات الصعبة، ليحول دون سقوطه، دون أن يساهم في توفيره للبنوك المحلية، بالكميات المطلوبة من العملاء من الشركات والأفراد. وأكد خبراء عودة البنك المركزي للتشدد النقدي، بعرقلة الموافقات الممنوحة للمستثمرين لتمويل عمليات الإفراج عن السلع ومستلزمات الإنتاج للمصانع، الموجودة بالمنافذ الجمركية، التي يجري التعاقد على شرائها، وفقاً للسياسات التي سادت عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا فبراير 2022.
وتسبّب البنك المركزي في ارتفاع المضاربة بين البنوك على شراء الدولار، بأعلى سعر، حيث تراوح الدولار ما بين 48.36 جنيهاً للبيع و48.46 للشراء.

وعادت تعاملات الأفراد والشركات للسوق السوداء بشدة ما أدى إلى زيادة سعر الشراء عند 48.57 جنيهاً وقفزة في سعر البيع عند 49.42 جنيهاً، مع ارتفاع مواز لأسعار العملات الصعبة مقابل الجنيه. وارتفع سعر الدولار في سوق الذهب بنحو جنيه واحد دفعة واحدة، حيث بلغ 48.70 جنيهاً في تعاملات أمس، في وقت شهدت الأسواق تراجعاً في سعر أوقية الذهب عالمياً، عند 2404 دولارات في البورصات الدولية.

ويعتبر خبراء تدخل البنك المركزي بتحديد سعر الصرف عودة للسياسات القديمة التي انتهجها البنك المركزي على مدار الأعوام الماضية، بدعم الجنيه، على حساب أرصدة البلاد من الدولار والعملة الصعبة، التي أسفرت عن إهدار مليارات الدولارات، من الاحتياطي النقدي، في مسيرة لم تتمكّن فيها من وقف تدهور الجنيه خلال الفترة نفسها، حيث تراجع الجنيه أمام الدولار من 7.5 إلى 48 جنيهاً خلال الفترة من 2016 إلى 2024.

ويجري وزير المالية، أحمد كوجك، مشاورات مكثفة مع صندوق النقد الدولي، لمناقشة حصول مصر على الدفعة الثالثة من القرض المخصص للصندوق بقيمة 820 مليون دولار، الاثنين المقبل 29 يوليو، دون تأخير. ويسعى كوجك إلى إقناع مجلس إدارة الصندوق بالحصول على تمويل إضافي من صندوق "الصلابة والاستدامة"، التابع للصندوق، بقيمة 1.2 مليار دولار، والذي يربطه الصندوق بشروط التزام الحكومة بتنفيذ الملاحظات التي سجلها خبراء الصندوق حول مدى التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين الطرفين منذ مارس 2024.

ويقضي الاتفاق بالتزام الحكومة بتحرير سعر الصرف، والإسراع في طرح الشركات الحكومية المدرجة في وثيقة الملكية العامة للبيع للمستثمرين وبورصة الأوراق المالية.
وأكد خبراء أن صندوق النقد الدولي منح الحكومة مهلة حتى نهاية الأسبوع الجاري، لتنفيذ الشروط التي طرحتها لجنة المراجعة التي أجراها خبراء الصندوق، بمصر خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، التي تشمل التزام الحكومة بزيادة أسعار الطاقة والكهرباء، وخفض الإنفاق العام والدعم الذي تتحمله الموازنة العامة للسلع الأساسية، مع التوجه إلى شمولية الدعم النقدي، وكبح معدلات التضخم.

المساهمون