وسط ارتفاع أسعار مكونات تصنيع السيارات عالمياً، فضلا عن أزمة سلاسل التوريد وأزمة أشباه الموصلات، التي تعد أحد أهم مكونات هذا القطاع، يشهد السوق التركي للسيارات حالة من الانكماش منذ بداية العام الجاري.
وقالت رابطة مصنعي السيارات في تركيا (ODD)، إن سوق السيارات والمركبات التجارية الخفيفة تراجع بنسبة 18.5% في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ليبلغ إجمالي السيارات المبيعة 212 ألفاً و85 وحدة.
ووفق بيانات الرابطة، فإن إجمالي مبيعات السيارات انخفض بنحو 20.7% إلى 162 ألفاً و398 وحدة، بينما انخفض سوق المركبات التجارية الخفيفة بنسبة 10.2% إلى 49 ألفاً و687 وحدة.
وأرجع الصحافي التركي المتخصص في شؤون السيارات، إمري أوزبينيرسي، خلال حديثه لإحدى الصحف التركية، هذا الانكماش إلى وجود اضطرابات في جانب المعروض من السيارات، بالإضافة إلى قطع الغيار في السوق التركي.
وأشار أوزبينيرسي إلى أن تراجع مبيعات السيارات يأتي أيضا بسبب التناقص التدريجي للقوة الشرائية للمواطن التركي، نتيجة تراجع سعر صرف العملة المحلية وارتفاع التضخم.
وشهدت الليرة التركية تراجعا ملحوظا أخيرا، حيث تجاوز سعر صرف الليرة مقابل الدولار الواحد الـ16.3 ليرة، وذلك بعدما استقر على نحو 15 ليرة مقابل العملة الأميركية خلال الأشهر الماضية، بينما بلغ التضخم مع نهاية إبريل/نيسان الماضي 69.97 في المائة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي.
ويرى الخبير الاقتصادي، إمرا آربا، أن تراجع إقبال الأتراك على السيارات يأتي نتيجة ارتفاع أسعار السيارات بشكل شبه يومي، فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود بشكل ملحوظ منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، ما دفع البعض إلى العزوف عن الإقدام على شرائها، مشيراً إلى أن متوسط تكلفة ملء خزان الوقود للسيارة الواحدة بلغ 1500 ليرة.
وأضاف آربا، لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع أسعار النيكل وأزمة سلاسل التوريد، وشح الرقائق الإلكترونية أو أشباه الموصلات، ساهمت في تقييد قطاع السيارات سواء في تركيا أو في أوروبا التي انكمش بها بنحو 20% أو في باقي دول العالم، فضلا عن إعلان كثير من شركات السيارات العالمية عن تراجع إنتاجها.
وكانت "تويوتا" اليابانية قد أعلنت انخفاض إنتاجها، خلال إبريل/نيسان الماضي، بنحو 9.1% على أساس سنوي، إذ أدى تأثير إجراءات احتواء فيروس كورونا في الصين ونقص قطع الغيار إلى إبطاء تعافي إنتاج السيارات بعد الجائحة.
وشهدت أسعار البنزين في تركيا ارتفاعا ملحوظا منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث ارتفع سعر البنزين من 15.24 ليرة (0.93 دولار) للتر الواحد في 21 فبراير/شباط الماضي، إلى 22.96 ليرة (1.4 دولار) للتر الواحد في الوقت الحالي.
وكان سعر النيكل قد قفز إلى 100 ألف دولار للطن، للمرة الأولى على الإطلاق في مارس/آذار الماضي، وبنسبة ارتفاع تخطت 250% خلال يومين فقط، وذلك قبل أن تعود العقود الفورية لهذا المعدن عند مستوى الـ25.391 في 25 مايو/أيار الماضي.
وجاء هذا الارتفاع الكبير جراء تحكم روسيا بحوالي 9% من إمدادات النيكل العالمي، وامتلاكها ما يقرب من ثلث خام كبريتيد النيكل في العالم، وتعدّ شركة نورنيكل الروسية أكبر منتج للنيكل المكرر في العالم.
شراء السيارة أداة استثمار في تركيا
بدوره، قال مصطفى يلدز، صاحب إحدى الشركات العاملة في السيارات الجديدة والمستعملة بمدينة بيليكدوزو الواقعة في إسطنبول، إنه لا تنبغي مقارنة أداء قطاع السيارات خلال العام الجاري بالسنوات السابقة، مشيرا إلى أنه على الرغم من انخفاض المبيعات إلا أنها ليست سيئة على الإطلاق نظرا للظروف الاقتصادية الحالية.
وأوضح يلدز، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن السيارة الآن أصبح ينظر إليها على أنها أداة استثمار كالذهب والدولار وليست مجرد مركبة، خاصة وأن أسعار السيارات ترتفع يوماً بعد يوم، مشيرا إلى أن هذا النوع من الناس يميلون إلى شراء السيارات التي تتراوح أسعارها ما بين 500 و600 ألف ليرة (30.49-36.59 ألف دولار).
وأشار يلدز إلى أنه لا يوجد إقبال كثيف على السيارات المستعملة في الوقت الحالي، وأن أسعار السيارات المستعملة تشهد زيادة شهرية تتراوح بين 2% و4%، متوقعا أن يتزايد الإقبال على شراء السيارات الجديدة والمستعملة في تركيا خلال الفترة القادمة مع حلول فصل الصيف وموسم السفر.