ارتفعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة، اليوم الثلاثاء، مع استمرار مخاوف الإمدادات بفعل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط، وقرار شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو تقليل طاقتها القصوى المخططة لإنتاج النفط إلى 12 مليون برميل يومياً، من 13 مليون برميل يومياً.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 25 سنتاً، بما يعادل 0.3% إلى 82.65 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 01.05 بتوقيت غرينتش. وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 31 سنتاً أو 0.4% إلى 77.09 دولاراً للبرميل.
وانخفض كلا العقدين أكثر من دولار أمس الاثنين، إذ غذّت أزمة العقارات المتفاقمة مخاوف الطلب الصيني، بعد أن أمرت محكمة في هونغ كونغ بتصفية مجموعة "تشاينا إيفرغراند" العقارية العملاقة.
لكن المحللين يقولون إن السوق لا تزال على حافة الهاوية وسط تصاعد المخاوف بشأن إمدادات النفط، حيث تعهدت واشنطن باتخاذ "جميع الإجراءات اللازمة" للدفاع عن قواتها في أعقاب هجوم مميت بطائرة مسيَّرة في الأردن شنّه مسلحون مدعومون من إيران، وهو أول حادث يلقى فيه عسكريون أميركيون حتفهم منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبالإضافة إلى ذلك، أدى الهجوم على ناقلة نفط تابعة لشركة ترافيجورا في البحر الأحمر في مطلع الأسبوع، إلى زيادة المخاطر المتعلقة بانقطاع الإمدادات، في حين أن خطر انجرار الولايات المتحدة إلى الصراع يتزايد أيضاً.
ومن المرجَّح أن تخفض روسيا صادراتها من النافتا، وهي مادة وسيطة تستخدم في صناعة البتروكيماويات، بين 127500 إلى 136000 برميل يومياً، أي نحو ثلث الصادرات الإجمالية، بعدما تعطلت العمليات في مصافٍ على بحر البلطيق والبحر الأسود نتيجة حرائق، وفقاً لتجار وبيانات تتبّع السفن من مجموعة بورصات لندن.
وتجددت الهجمات على منشآت النفط الروسية أمس الاثنين، إذ أعلنت السلطات الروسية أن الدفاعات الجوية أحبطت هجوماً بطائرة مسيّرة على مصفاة سلافنفت - يانوس بمدينة ياروسلافل شمال شرقيّ موسكو.
وتأتي مكاسب أسعار النفط أيضاً قبيل قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بشأن سعر الفائدة، حيث تبدأ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة اجتماعاً يستمر يومين اليوم الثلاثاء.
ومن المتوقع أن يُبقي صنّاع السياسة أسعار الفائدة ثابتة، لكن بعض المستثمرين يعتقدون أنّ البنك المركزي قد يتخلى عن انحيازه لرفع الفائدة.
في غضون ذلك، توقع استطلاع أجرته وكالة "رويترز" انخفاض مخزونات النفط الخام ونواتج التقطير في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات البنزين.
أرامكو تخفض الطاقة الإنتاجية المستهدفة
في سياق العوامل الداعمة لارتفاع أسعار النفط، قالت أرامكو السعودية اليوم الثلاثاء، إنه طُلب منها تقليل طاقتها القصوى المخططة لإنتاج النفط المستدام إلى 12 مليون برميل يومياً، انخفاضاً من 13 مليون برميل يومياً.
وأفادت شركة النفط الحكومية في المملكة أنها تلقت توجيهاً من وزارة الطاقة بالحفاظ على طاقتها القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يومياً وعدم الاستمرار في زيادتها إلى 13 مليون برميل يومياً.
وكانت وزارة الطاقة قد طلبت من أرامكو في مارس/ آذار 2020 زيادة الطاقة الإنتاجية القصوى إلى 13 مليون برميل يومياً وسط مواجهة مع روسيا في ذلك الوقت بشأن حصتها في السوق.
واستأنفت الرياض وموسكو في مايو/ أيار 2020 التعاون بخصوص مستويات الإنتاج من خلال منظمة الدول المصدرة للبترول بقيادة السعودية وحلفائها بقيادة روسيا والمعروفة مجتمعة باسم أوبك+، التي تواصل تنسيق الإنتاج.
وتملك السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، 90% من أسهم أرامكو، درّة تاج الاقتصاد السعودي، وتعتمد على إيراداتها لتمويل مشاريع "رؤية 2030" التي أطلقها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، والرامية إلى تحويل المملكة التي كانت منغلقة سابقًا، إلى مركز للأعمال والسياحة والرياضة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2021، حدّدت أرامكو هدفًا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ولكن فقط للانبعاثات من عمليّاتها الخاصة، دون احتساب الانبعاثات الناجمة عن استهلاك منتجاتها. وترافق ذلك مع إعلانها أنّها تخطّط لزيادة طاقتها الإنتاجية اليومية من 12 مليون برميل يوميًا إلى 13 مليونًا بحلول عام 2027.
ومن غير المتوقع أن يكون لإعلان أرامكو الثلاثاء تأثير، سواء في الإنتاج أو في الصادرات.
وبعد سلسلة من تخفيضات إمدادات النفط بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2022، بلغ الإنتاج اليومي السعودي حوالى 9 ملايين برميل يوميًا، وهو أقل بكثير من طاقتها الإنتاجية المعلنة والبالغة 12 مليون برميل يوميًا.
وشهدت أسعار النفط الخام انخفاضاً على مستوى العالم خلال الأشهر الأخيرة بسبب ضعف الطلب، حيث جرى تداول خام برنت القياسي يوم الثلاثاء بحوالى 81 دولاراً للبرميل.
وأعلنت أرامكو تحقيق أرباح بقيمة 161 مليار دولار العام الماضي، محققة أعلى ربح سنوي مسجل على الإطلاق لشركة مدرجة في البورصة، ما أثار انتقادات فورية من نشطاء المناخ.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)