اتفقت "أوبك+"… فهل تطوي الرياض وأبوظبي صفحة الخلافات؟

18 يوليو 2021
محمد بن زايد ومحمد بن سلمان (العربي الجديد)
+ الخط -

اليوم الأحد، تم طيّ الخلافات بين كبار المنتجين للنفط، وحسم النزاعات الحادة الأخيرة المتعلقة بتحديد سقف الإنتاج في الفترة المقبلة، وهي الفترة التي من المتوقع أن يشهد فيها العالم طلبا متزايدا على الخام الأسود وزيادة ملحوظة في الأسعار.
ولذا سعت الإمارات وغيرها إلى زيادة إنتاجها النفطي لتعويض الخسائر الفادحة التي تكبدتها خلال فترة تفشي كورونا والممتدة لأكثر من عام ونصف العام، وقبلها الحرب النفطية بين الرياض وموسكو في إبريل/ نيسان 2020.
فقد وافق اجتماع "أوبك+" اليوم على تطبيق سياسة إرضاء الجميع، وزيادة خط أو مستوى الأساس لعدد من الدول النفطية بينها العراق والكويت والإمارات، بالإضافة للسعودية وروسيا.
مثلاً تمت زيادة حصة الإمارات إلى 3.5 ملايين برميل يومياً، وهو قريب من المستوى الذي طالبت به وهو 3.8 ملايين برميل، وإنتاج العراق والكويت بواقع 150 ألف برميل.

السعودية تخطط لأن تكون العاصمة الاقتصادية الأولى في المنطقة بحلول عام 2030، وهو ما يهدد مكانة دبي الاقتصادية

وبما أنّ أبوظبي حصلت على موافقة بزيادة إنتاجها عقب ممارستها ضغوطاً شديدة في اجتماع "أوبك+"، فقد طالبت السعودية وروسيا بزيادة إنتاجهما بواقع 500 ألف برميل ليصل إلى 11.5 مليون برميل يومياً لكلّ منهما، بدءاً من شهر مايو/ أيار 2022 ارتفاعاً من 11 مليوناً، سابقاً، وهو ما تمت الموافقة عليه خلال الاجتماع. 

اتفاق "أوبك+" يعني ضمنياً طيّ الخلافات الأخيرة بين السعودية والإمارات داخل التحالف النفطي الذي تقوده موسكو والرياض، وهي الخلافات التي ظهرت للعلن خلال الأيام الماضية وأفشلت الاجتماعات المتتالية وأربكت أسواق النفط والأسعار.

لكن، هل طيّ خلافات الرياض وأبوظبي داخل تحالف "أوبك+" يعني طيّ الخلافات الاقتصادية الأخرى التي تعمقت بالخلاف الأخير، خصوصاً أنّه صاحبها اتخاذ السعودية إجراءات عنيفة بحق الاقتصاد الإماراتي استهدفت عصبه وقطاعاته الحيوية مثل الصادرات والسياحة والطيران وإيرادات النقد الأجنبي والاستثمار المباشر والمناطق الحرة والمعارض والخدمات اللوجستية.

كما استهدفت خطة تحول الإمارات إلى سوق لترويج المنتجات الإسرائيلية ومعبراً لها لأسواق المنطقة، وكذا تحول دولة الاحتلال إلى سوق لنقل النفط الإماراتي لأسواق أوروبا عبر الموانئ الإسرائيلية؟

في تقديري، فإنّ الخلافات بين الدولتين الخليجيتين ستتواصل وربما ستتعمق أكثر في الفترة المقبلة، ليس فقط لأسباب سياسية تتعلق بتباين وجهات النظر في ملفات إقليمية عدة، منها اليمن، والمصالحة الخليجية، وسورية، والسودان، ومستوى التطبيع مع دولة الاحتلال، ولكن لأسباب اقتصادية بحتة.

الخلافات بين الدولتين الخليجيتين ستتواصل وربما ستتعمق أكثر، ليس فقط لأسباب سياسية تتعلق بتباين وجهات النظر، لكن لأسباب اقتصادية بحتة منها التنافس على جذب الأموال والسياحة والشركات الدولية

فالسعودية تخطط لأن تكون العاصمة الاقتصادية الأولى في المنطقة بحلول عام 2030، ليس فقط عبر قوتها النفطية وكونها المنتج الأول للنفط في العالم، أو أنّها عضو في مجموعة دول العشرين، أو حيازتها لنقد أجنبي يفوق 500 مليار دولار.

لكن عبر خطوات أخرى منها تنويع الاقتصاد الوطني وعدم الاعتماد على النفط في الإيرادات العامة، وزيادة تنشيط السياحة، وأن تكون نقطة جذب الاستثمارات الأولى في المنطقة، والمقر الرئيسي للشركات العالمية الموجودة في المنطقة في السنوات المقبلة، وأن تكون "نيوم" ومشروعاتها المستقبلية بديلاً لإمارة دبي بالنسبة للاستثمارات العالمية الباحثة عن فرص استثمار مربحة ومضمونة في المنطقة.

كما تراهن المملكة على أن تكون الرياض هي المقر الرئيسي للبنك المركزي الخليجي، وليست دبي كما تطالب الإمارات، ومحوراً لكلّ أشكال التعاون الاقتصادي الخليجي في المستقبل، وأن يكون الريال السعودي هو العملة الخليجية الموحدة.

كما أنّ إصرار الرياض على تنفيذ رؤية 2030 يعني ببساطة سحب البساط من تحت أقدام دبي وباقي الإمارات الأخرى في مجالات الاستثمارات والسياحة وتدفق رؤوس الأموال، وأن يتفوق الاقتصاد السعودي على نظيره الإماراتي في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وفي حال نجاح السعودية في خطتها الاقتصادية فإنّ هذا سيضرب الاقتصاد الإماراتي في مقتل، خصوصاً أنّ دبي تعتمد على قطاع الخدمات الذي تسعى الرياض لتنشيطه.

الإمارات ستكافح للبقاء الوجهة المفضلة للمستثمرين الأجانب، وفي المقابل، ستواصل الرياض خطتها الاقتصادية الواردة في رؤية 2030

أيضا، هناك خلافات بين البلدين حول اتفاقية الإتحاد الجمركي الخليجي، زادت عقب فرض السعودية قيود على الصادرات الإماراتية وإلغاء الامتيازات الجمركية على بضائع المناطق الحرة، وعدم منح مزايا تفضيلية وإعفاءات من الرسوم للسلع التي تنتجها شركات بعمالة تقل عن 25% من العمالة المحلية، والمنتجات الصناعية التي تقل نسبة القيمة المضافة فيها عن 40% بعد عملية التصنيع.

أيضا قررت السعودية استبعاد السلع التي تستخدم مكونات إسرائيلية من الامتيازات الجمركية التفضيلية الممنوحة للسلع الخليجية المستوردة، وهو ما يعد ضربة لتلك المنتجات التي تسعى دولة الاحتلال إلى اغراق أسواق المنطقة بها.

ومن هنا فإنّ الإمارات ستكافح وبقوة للبقاء الوجهة المفضلة للمستثمرين الأجانب وأصحاب الأموال، وفي المقابل، ستواصل الرياض خطتها الاقتصادية الواردة في رؤية 2030 والرامية إلى احتلال المركز الأول بين اقتصادات دول المنطقة.

وهنا ستتواصل الخلافات الاقتصادية بين البلدين الخليجيين حتى وإن ظلت تحت السطح وداخل الغرف المغلقة، وسيأتي يوم لتظهر للعلن كما جرى يوم 4 يوليو الماضي عقب فشل اجتماع أوبك+، ومهاجمة وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، الإمارات علانية وبشكل لم يحدث من قبل.

المساهمون