"إيني" تواجه انتقادات حادة بسبب مشاريعها في الوقود الأحفوري

11 سبتمبر 2024
تحرك ضد إيني في إيطاليا، 12 مايو 2021 (Getty)
+ الخط -

تواجه مجموعة إيني الإيطالية، وهي من أكبر الشركات العالمية في مجال استخراج النفط والغاز الطبيعي، انتقادات حادة حيث تواصل لعب دور رئيسي في تزويد الأسواق العالمية بالوقود الأحفوري، على الرغم من تعهداتها بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. وذكرت منظمة "غرينبيس" العالمية فرع إيطاليا أن مجموعة إيني الإيطالية للطاقة منهمكة، "شأنها في ذلك شأن الشركات الأخرى العاملة في القطاع، في توسيع نطاق الوقود الأحفوري الذي يقود كوكبنا الأرضي نحو الفوضى المناخية".

وأوضحت المنظمة، في تقريرها الصادر شهر يوليو/تموز الماضي تحت عنوان "إيني، قنبلة مناخية ضد السلام والحقوق"، أن إيني مشاركة، حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بصفة مشغّل أو مساهم في 767 مشروعاً، من بينها 552 مشروعاً بدأت (أو ستبدأ) أنشطة الاستخراج بعد عام 2015.

هذه المشروعات الـ525 التي بدأت أنشطة الاستخراج بعد 2015 تصدر انبعاثات بشكل تراكمي بمعدل 5433 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، منها 2537 مليون طن تتحمل مسؤوليتها مجموعة إيني منفردة. هذا المعدل، وفقاً لغرينبيس، عالٍ للغاية ويعادل 6.5 أضعاف الانبعاثات الصادرة عن إيطاليا في عام 2023 والتي بلغت 387 مليون طن.

وبناء على التحليل الذي أجرته المنظمة على الدول الـ17 الأولى التي كان للمشروعات التي شاركت فيها إيني الأثر الانبعاثي الأكبر، فإن 27 حقلاً تقع داخل منطقة محمية، و151 بئراً على مسافة أقل من 10 كم و 316 بئراً على مسافة أقل من 50 كم من مناطق محمية. ما يعني أن أكثر من 80% من الحقول الموجودة في الدول الـ17 تمثل تهديداً ممكناً للتنوع البيولوجي. ويبلغ إجمالي الانبعاثات الصادرة عن هذه الدول، على أقل تقدير، 50 مليون طن ثاني أكسيد الكربون المكافئ.

اتهامات واسعة تطاول إيني

وعلى مستوى الأصول، بحسب التقرير، يبرز حقل الزبير للنفط والغاز الواقع جنوبي العراق والمسؤول عن إصدار ما قد يتجاوز مليار طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ. وعلى الرغم من أن إيني تملك 41% من أسهم هذا الحقل، فإنها لم تحص لسنوات هذه الانبعاثات في تقاريرها السنوية، مفوضة الأمر برمته لمشغل الموقع شركة نفط البصرة، والتي لم تفصح بدورها عن حجم الانبعاثات.

هذه المشروعات أو ’القنابل المناخية‘، على حد وصف تقرير غرينبيس، تبرز (أو سوف تبرز) في سياقات أقل ما يقال عنها إنها حرجة من وجهة النظر السياسية والاجتماعية، وذلك في 17 دولة بما فيها إيطاليا.

ووفقاً لمؤشر الديمقراطية، الذي نشرته مجموعة إيكونوميست، فإن تسعاً من هذه الدول تخضع لأنظمة حكم ’استبدادية‘: من بينها دول عربية، مثل ليبيا ومصر والإمارات، وأخرى أفريقية (موزمبيق) ولاتينية (فنزويلا). وخلا المؤشر من أي ديمقراطيات راسخة. 

وفحص تقرير غرينبيس هذه الدول على أساس مؤشرين يتعلقان بالجوانب الاجتماعية: انتهاكات حقوق العمال التي وصفها بأنها تجري بشكل اعتيادي في دول مثل موزمبيق والمكسيك، وممنهجة في دول مثل نيجيريا وفنزويلا، فيما يزداد الوضع سوءًا في دول مثل مصر والجزائر والإمارات وليبيا التي لا تضمن أي حقوق للعمال.

من جانبها، ردت مجموعة إيني على ما ورد بتقرير منظمة غرينبيس، مشددة على أن تحركاتها "من أجل حماية البيئة تقوم على معايير احترازية وحمائية وإعلامية وتشاركية في جميع الدول التي نعمل بها، انطلاقاً من اعتبارنا التحول الطاقي عملية لا يمكن الاستغناء أو التراجع عنها"، مشيرة إلى أنها "في سبيل الانتهاء من مسار استراتيجي قائم على استخدام تقنيات متعددة ومبادرات صناعية من شأنها الوصول بنا إلى صفر انبعاثات بحلول 2050". 

واستدركت إيني بقولها إنه "على الرغم من ذلك، فإننا نؤكد أننا ننتج محروقات وأننا نواصل البحث عنها وذلك لأن الطلب على المصادر التقليدية للطاقة ما زال مرتفعاً وسوف يظل كذلك، بالنظر إلى التباطؤ الطبيعي لعملية التحول التي يتعين على المنظومات الاقتصادية والصناعية خوضها، حتى تتمكن من تجهيز نفسها لاستقبال المصادر النظيفة حصرياً والأثر الجزئي للاستبدال الذي يمكن لمصادر الطاقة الجديدة تأمينه".

وفي ما يتعلق بالاتهامات بالعمل في دول تخضع لأنظمة غير ديمقراطية لا تحترم حقوق العمال أو تملك معدلات فساد مرتفعة، أوضحت إيني أنها تعمل "في تلك الدول منذ عقود، ونوفر فرص عمل للسكان المحليين وندعم وصولهم إلى الطاقة ونترك تقريباً جميع كميات الغاز الطبيعي الذي ننتجه لهؤلاء السكان الذين ما زالوا يستخدمون الفحم للتدفئة. كما نبني مدارس ومستشفيات وندعم مبادرات زراعية واستثمارية"، مضيفة أنها إذا أوقفت "أنشطتها في تلك البلاد، فإن ذلك يعني أننا سندير ظهورنا لهؤلاء الأفراد في المقام الأول".

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى الدعوى الخاصة بالتغير المناخي، التي رفعتها منظمة "ري كومون" الحقوقية الإيطالية ضد مجموعة إيني في مايو/أيار 2023 أمام المحكمة المدنية في روما، والتي طالبت القاضي فيها بأن يلزم إيني بتخفيض الانبعاثات الناتجة عن أنشطتها بنسبة 45% بحلول عام 2030، وهو بالضبط ما ألزم به قاضٍ في إحدى محاكم الدرجة الأولى الهولندية شركة شل في عام 2021.