دعا مسؤول إيراني إلى تفعيل ممر دولي بديل عن قناة السويس المصرية، قائلاً إنه يختصر زمن وتكاليف الشحن الدولي بنسب كبيرة، ويجنّب الملاحة الدولية أزمات تعطّل القناة.
وقال سفير إيران لدى موسكو، كاظم جلالي، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مساء السبت، وفق ما نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "ارنا" اليوم الأحد، إنه من الضروري "تفعيل ممر شمال - جنوب بدلاً عن قناة السويس".
وما يعرف بـ"ممر شمال ـ جنوب" يربط العاصمة التجارية الهندية مومباي بإقليم أوراسيا مترامي الأطراف. ويتألف من شبكة متعددة الطرق، تبلغ 7200 كيلومتر، من السفن، والسكك الحديدية، والطرق البرية، ويهدف إلى نقل البضائع، والمرور عبر أراضي الهند، وإيران، وأفغانستان، وأرمينيا، وأذربيجان، وروسيا، وآسيا الوسطى، ثم أوروبا الشرقية.
وكتب جلالي: "في ضوء توقّف حركة الملاحة البحرية في قناة السويس، خلال الأيام الأخيرة، بسبب جنوح سفينة ايفر غيفن العملاقة، والخسائر الناجمة عن توقف حركة الملاحة للاقتصاد العالمي والتي تقدّر بنحو 9 مليارات دولار يومياً، فإن الإسراع في إكمال البنى التحتية وتفعيل ممر شمال-جنوب كبديل عن ممر قناة السويس يحظى بالأهمية أكثر مما مضى".
وأضاف أن ممر شمال – جنوب، الذي يختصر الزمن حتى 20 يوماً والتكاليف حتى 30%، يُعد خياراً أفضل كبديل عن قناة السويس في مجال الترانزيت".
وتابع السفير الإيراني أن "الحادث الأخير مؤشر إلى ضرورة البحث عن بديل أقل خطورة من قناة السويس، التي يعبر منها أكثر من مليار طن من السلع سنويا".
وكان تقرير لصحيفة "فيستنيك كافكازا" الروسية، نشر في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قد أشار إلى أن مشروع "ممر شمال- جنوب"، يعتبر أحد أكبر مشاريع النقل الدولي في العالم.
وأشارت تقارير دولية آنذاك، إلى أن قناة السويس ستكون من أكبر المتضررين من المشروع الذي جرى اختباره، ويمكن أن ترتبط به أيضا موانئ عربية، منها عدن اليمني وجدة السعودي.
وكانت صحيفة "ذي إيكونوميك تايمز" الهندية قد أشارت، في تقرير لها في 8 سبتمبر/أيلول 2016، إلى اهتمام اليابان بالمشروع الهندي ـ الإيراني، الأمر الذي يأتي في سياق تقارب بين طوكيو ودلهي، لمنافسة "المد الصيني".
وسيعمل المشروع، ولا شك، على تعزيز العلاقات الروسية- الإيرانية، ولكنه يحقق أهدافاً أخرى لكلا البلدين، فبالنسبة لروسيا، سيعزز المشروع سيطرتها على الأسواق الأوروبية، ويمنحها قدرة أكبر على منافسة الدور الصيني المتنامي في وسط آسيا. أما بالنسبة لإيران، فهو، من جهة، يمثل فرصة كبيرة لكسر العزلة التي فرضتها العقوبات الدولية لعقود، ومن جهة أخرى يزيد من قدرتها على خلق وتعزيز التحالفات واستثمارها في صراعات تخوضها طهران في الشرق الأوسط، الأمر الذي يشكّل تحدياً للسعودية، الغريم الأكبر لإيران في المنطقة.
وقد وقّع على المشاركة في مشروع ممر "شمال - جنوب" قبل نحو خمس سنوات، إلى جانب دول الخط الرئيسي، كل من: تركيا، أرمينيا، سلطنة عُمان، كازاخستان، طاجيكستان، قرغيزستان، أوكرانيا، وبيلاروسيا، بالإضافة إلى بلغاريا كعضو مراقب، بحسب الموقع الرسمي للمشروع.
وبغض النظر عن الآثار السياسية، فإن الاستفادة من التكلفة والوقت اللذيْن يوفرهما الممر في التبادلات التجارية، ستكون متاحة لجميع الدول، الأمر الذي سيضاعف عوائد المشروع من الرسوم المفروضة على استخدامه، وهو ما تعول عليه الدول المعنية، خاصة روسيا، في التخفيف من اعتماد اقتصاداتها على عوائد قطاع الطاقة.
وتأتي تصريحات المسؤول الإيراني حول تفعيل "ممر شمال- جنوب" في الوقت الذي تتواصل فيه أزمة تعطل قناة السويس منذ صباح الثلاثاء الماضي، بسبب جنوح سفينة الشحن العملاقة "ايفر غيفن"، التي تعد أطول من أربعة ملاعب لكرة القدم، ما أدى إلى عرقلة حركة الملاحة في الاتجاهين في المجرى المائي البالغ الأهمية.
وأدى تعطل الملاحة إلى ازدحام مروري في القناة، وتشكل طابور انتظار طويل يضم أكثر من 300 سفينة كانت بصدد عبور القناة البالغ طولها 193 كيلومتراً، ما تسبب في تأخير بالغ في عمليات تسليم النفط ومنتجات أخرى.
وفشلت عدة محاولات لتعويم السفينة البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 متراً وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، والتي كانت تقوم برحلة من الصين إلى روتردام في هولندا. بينما تقول هيئة قناة السويس إنها تتوقع انتهاء الأزمة في غضون يومين، بينما تتوقع شركات ملاحة دولية استمرار الأزمة لأيام.
ودفعت الأزمة كبرى شركات الشحن الدولية مثل ميرسك وهاباج لويد، إلى دراسة البدائل الممكنة لتخطي أزمة تكدس السفن أمام تعطل المجرى الملاحي المصري.
وقالت شركة أخبار وبيانات الشحن العالمية "لويدز ليست"، إنّ "شركات الشحن البحري أجبرت على مواجهة احتمال اتخاذ مسار أطول بكثير حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أوروبا أو الساحل الشرقي لأميركا الشمالية".
وأوضحت الشركة أن "أول سفينة حاويات تقوم بذلك هي إيفر غريت التابعة لإيفرغرين... وهي سفينة حاويات بنفس حجم وسعة السفينة الجانحة"، مشيرة إلى أنّ ذلك قد يستغرق 12 يوما إضافيا.
وقالت شركة "لويدز ليست" إن الغلق يعيق شحنات تقدّر قيمتها بنحو 9.6 مليارات دولار يوميًا بين آسيا وأوروبا.
وأشارت "لويدز ليست" إلى أن "الحسابات التقريبية" تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تُقدر قيمتها بحوالي 5.1 مليارات دولار، ومن أوروبا إلى آسيا تُقدر بنحو 4.5 مليارات دولار.
ويضع جنوح سفينة الحاويات العملاقة في قناة السويس، المزيد من العراقيل والصعاب على تجار التجزئة الأوروبيين والأميركيين في ما يتعلق بتوفير المنتجات.
وحتى بعد إعادة فتح القناة التي تربط المصانع في آسيا بالمستهلكين في أوروبا، من المرجح أن تصل الحاويات المنتظرة إلى موانئ مزدحمة، ما يجبرها على مواجهة تأخيرات إضافية قبل التفريغ.
وقالت شركتا إيكيا، أكبر مصنعي الأثاث في العالم، وديسكون كارفون للأجهزة الكهربائية ومقرها لندن، لرويترز، أمس السبت، إنهما ضمن شركات التجزئة التي لها سلع على متن السفينة الجانحة.
كما أكدت شركة بلوكر لبيع الأجهزة المنزلية ومقرها أمستردام أنها تواجه تأخيراً في وصول السلع الخاصة بها، لكنها لم تذكر أي تفاصيل.
وأدت زيادة الواردات إلى أوروبا والولايات المتحدة بسبب الجائحة إلى توقف الحاويات الفارغة في المناطق الخاطئة تماماً، ورفعت تكلفة الشحن وتسببت في اختناقات في الموانئ البحرية، مما يؤثر على قطاع النقل ويهدد بالتفاقم.
ولا تقتصر التداعيات على منتجات التجزئة، بل أيضاً على سوق النفط وتكاليف إيجار الناقلات العملاقة. وحسب البيانات التي نشرها سمسار السفن "فيرنليز"، والتي أوردتها وكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس، تتراوح تكلفة إيجار ناقلة النفط الضخمة المتوقفة في انتظار فتح قناة السويس بين 30 و80 ألف دولار يومياً.
كذلك ارتفعت تكلفة شحن حاوية سعة 40 قدماً مكعباً من الصين إلى أوروبا لتبلغ نحو 8000 دولار، أي ما يقرب من أربعة أضعاف التكلفة قبل عام.