إفلاس ميناء إيلات ... ماذا ينتظر دولة الاحتلال؟

16 يوليو 2024
سفين حربية قبالة ميناء إيلات - 26 ديسمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

أعلن ميناء إيلات الإسرائيلي إفلاسه رسمياً، بعد ثمانية أشهر من الشلل التام في نشاطه التجاري وتوقفه عن استقبال السفن والحاويات، خاصة القادمة من أسواق دول آسيا، حاملة معها احتياجات الاقتصاد وقطاعه الصناعي، من مواد خام وسلع وسيطة ومدخلات إنتاج، وماكينات ومعدات، ونفط خام ووقود، وقمح وأغذية، وسيارات، وغيرها من احتياجات الأسواق.

وكان السبب في ذلك الهجمات المتتالية التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وبحر العرب، وكذا استهداف سفن الدول الداعمة للاحتلال في حرب الإبادة التي يخوضها ضد أهالي غزّة، وفي مقدمتها السفن الأميركية والبريطانية.

وبحسب موقع "WorldCargo" المعني بأخبار الشحن العالمي، فإن ميناء إيلات أعلن إفلاسه رسمياً بسبب انعدام النشاط التجاري. ووفق المعطيات التي قدمها الرئيس التنفيذي للميناء، جدعون جولبرت، فإن الميناء لم يشهد أي نشاط أو إيرادات خلال الأشهر الثمانية الماضية، وتسببت هجمات القوات اليمنية في البحر الأحمر في انخفاض حركة الشحن بنسبة 85%، وأدى هذا الانخفاض الحاد إلى خسائر فادحة للميناء، ما اضطره إلى طلب مساعدات مالية من الحكومة الإسرائيلية لتغطية نفقاته وتجنب الإغلاق النهائي.

ومن المتوقع أن تعلن موانئ ومنشآت اقتصادية ومالية كبرى إفلاسها في إسرائيل خلال الفترة المقبلة، على خلفية الشلل شبه التام الذي أصاب الأنشطة الاقتصادية بما فيها قطاعات حيوية مثل التقنية وتكنولوجيا المعلومات والاستثمار المباشر والبناء والتشييد والعقارات، والصناعات والزراعة والسياحة الداخلية والطيران، بل وقد يمتد الإفلاس إلى القطاع المالي والمصرفي في ظل موجة هروب الأموال والودائع الضخمة من داخل أسواق وبنوك دولة الاحتلال، وفرار المستثمرين الأجانب، وزيادة نسب الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها لدى القطاع المصرفي، وتراجع الشيكل والاحتياطي الأجنبي والإيرادات العامة للدولة خاصة من الضرائب.

خطورة إفلاس ميناء إيلات تكمن في أن الميناء يعتبر أحد أهم الموانئ الإسرائيلية، بل وهو الميناء الإسرائيلي الوحيد المطل على البحر الأحمر، ويمثل بوابة رئيسية ورئة حيوية لتجارة دولة الاحتلال الخارجية مع آسيا وإفريقيا وبعض دول الخليج، وقد تسبب شلله في تعطيل سلاسل الإمداد وتكبيد الاقتصاد الإسرائيلي وتجارته خسائر كبيرة.

إعلان إفلاس ميناء إيلات ليس إلا نقطة في بحر الخسائر الاقتصادية والمالية الفادحة التي تعرضت لها دولة الاحتلال منذ انطلاق الحرب على غزّة، ويكشف أيضاً عن الضرر الشديد الذي ألحقته هجمات الحوثيين بالاقتصاد الإسرائيلي، خاصة تجارته مع الصين والهند وكوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرها من الدول الآسيوية والخليجية، ولولا الدعم اللوجستي والتجاري الذي تتلقاه إسرائيل من بعض دول المنطقة التي تتولى تموين وتزويد أسواق دولة الاحتلال باحتياجاتها عبر موانئ خليجية في دبي والبحرين لكان التأثير أكبر وموجعاً، ولشهد اقتصاد دولة الاحتلال وأسواقه انهيارات في أنشطة حيوية، وقفزات غير مسبوقة في الأسواق خاصة في أسعار السلع الغذائية والمعيشية.

من المؤكد أن استمرار حرب غزّة ليس في صالح الاقتصاد الإسرائيلي الذي تعطلت أنشطته وتكبد خسائر فادحة وأضراراً جسيمة، بل وأصيبت بعض قطاعاته بشلل تام، فوفق أرقام بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية فإن تكلفة الحرب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى نهاية مارس/آذار 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل (73 مليار دولار).

هذا عن تكلفة الحرب، فماذا عن تكلفة إجلاء نحو 250 ألف إسرائيلي من منازلهم في مستوطنات "غلاف غزّة"، والنقب الغربي، والحدود اللبنانية، وتكلفة سداد رواتب جنود الاحتياط البالغ عددهم نحو 360 ألفاً والذين تركوا أعمالهم المدنية للالتحاق بجيش الاحتلال، وتعطيل العمل في المدارس والجامعات، والمرافق الاقتصادية، بما في ذلك السياحة والمطاعم والمقاهي وأماكن الترفيه، وماذا عن تداعيات الحرب الأخرى على الاقتصاد الإسرائيلي، من ارتفاع التضخم المالي، وتفاقم عجز الموازنة العامة وتفاقم الديون الحكومية، وماذا عن كلفة خسائر المرافق الاقتصادية والمصالح التجارية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة في إسرائيل والتي شهدت ركوداً حاداً بسبب تحويل وتوظيف جميع الموارد والميزانيات الحكومية لأغراض الحرب؟

المساهمون