إعلان: مطار دمشق خارج الخدمة

19 يونيو 2022
خسائر اقتصادية مباشرة ومستقبلية لخروج مطار دمشق من الخدمة (فرانس برس)
+ الخط -
ربما بأعراف الحروب، إن لم نقل بقوانينها كما "الدولي الإنساني"، يتم تجنب قصف المرافق المدنية والاقتصادية، وفي مقدمتها المطارات، لإفساح المجال أمام الشعوب، للبقاء على قيد الحياة والهروب من جحيم نيران لا تفرق في الموت بين مقاتل ومستثمر أو عامل يسعى على رزق أهله.
بيد أن إسرائيل، وبعد قصف متكرر، خلال العامين الأخيرين، لمحيط مطار دمشق الدولي المحيّد عن الحروب منذ إنشائه قبل 52 عاماً، بدّلت من شكل صراعها أخيراً، واستهدفت بصواريخ عدة مدارج المطار وأجهزة الملاحة والإنارة، بل ولم تسلم صالة الركاب القديمة من نيران تل أبيب، التي تذرعت بوصول أسلحة إيرانية، وأن تعطيل المطار سيحبط 70 بالمائة من عمليات تهريب الأسلحة إلى سورية من إيران.
ليخرج المطار الأقدم والأكبر في سورية عن الخدمة "تعليق الرحلات الجوية القادمة والمغادرة" وإلى إشعار آخر، كما قالت وزارة النقل السورية في بيانها التنديدي.
بعيداً عن دهاليز السياسة والفتوحات القولية والوعيد التي صدرت عن دمشق وطهران، أو حتى التحليل بمدى علم موسكو وواشنطن مسبقاً، بقصف المطار وما سيؤول إليه تبدّل هذا الصراع الذي بدأ أواخر العام الماضي، وقت أن قصفت إسرائيل مرفأ اللاذقية، وأوقفته عن العمل لنحو شهر، كما يحصل للمرفأ الجوي في العاصمة اليوم، ترى ما هي الخسائر الاقتصادية المباشرة والمستقبلية، عدا تلك المتعلقة بترميم المدارج أو ترقيع الأجهزة والصالات على الطريقة السورية المعتادة.
تأتي ربما إعادة عمل أجهزة الملاحة الجوية في مقدمة التحديات، إن لم نقل أكبر الخسائر، فإن لم نبحث في الأسعار والتكاليف، فتكفي الإشارة إلى أن قطاع الطيران السوري مشمول بالعقوبات الأوروبية والأميركية، ما يعني استمرار تعليق الرحلات حتى يتم تأمين وتشغيل تلك الأجهزة، والتي أجمعت دمشق وتل أبيب على تضررها وخروجها عن الخدمة.
وتعليق الرحلات، بعد الانفتاح العربي، والخليجي خاصة، وآخره الكويت، على دمشق وإعادة تسيير رحلاتها إلى مطار العاصمة، سينعكس خسائر تتعدى أجور المسافرين وتحصيل الشركات، لتطاول الصناعة، عبر إعاقة وصول المواد الأولية وتشمل السياحة وإن المحدودة القادمة بلبوس ديني، ولن تسلم من الأضرار، التجارة ولا حتى مشاركة المستثمرين ورجال الأعمال، بالمعارض السورية، وفي مقدمتها المتعلقة بكعكة إعادة الإعمار.
ولن تقتصر الخسائر المباشرة على إيرادات قطاع الطيران السوري، بل ستطاول جميع الشركات التي تتوجه رحلاتها إلى دمشق، على صعيدي المسافرين والشحن الجوي، فبيانات وزارة النقل بدمشق تقول إن الآمال على العام الجاري كبيرة، بعد ما شهده عام 2021 من مضاعفة عدد المسافرين وعدد الطائرات الهابطة والمغادرة لمطار دمشق، فعدد القادمين والمغادرين اقترب من 600 ألف العام الماضي، بزيادة 22%، وبلغ إجمالي الطائرات 8743، بزيادة بنسبة 52% عن عام 2020. والتوقعات، قبل الضربة الإسرائيلية الأخيرة، أن تحاكي أرقام هذا العام ما وصل إليه عام 2019 قبل "كورونا" حين ناف عدد الركاب عن 1.5 مليون راكب وعدد الطائرات عن 11 ألف طائرة.
نهاية القول: ربما كل تلك الخسائر والإعاقات في كفة، وما يمكن أن تراه الملاحة الجوية العالمية من مخاطر في مطار دمشق الدولي اليوم وربما لاحقاً بمطار حلب، في كفة ثانية، فأن تبلغ المطارات السورية درجة الوجهات غير الآمنة، فذلك يعني شللا إضافيا لنظام الأسد، والذي سينعكس على الاقتصاد ومعيشة السوريين.. لأن التفكير في سقوط الأنظمة المستبدة من بوابة الموانئ أو الليرة أو الاقتصاد برمته، فذلك بحسب مجريات سني الثورة السورية السابقة، يعتبر ترفاً وجنوحاً، أمام التوافق العالمي على إبقاء نظام الأسد حتى يؤدي كامل دوره الوظيفي، حتى لو وصل جميع سكان سورية إلى جوعى ومتسولين.
المساهمون