إحياء سكة حديد سيناء... هل يفيد سكان غزة؟

03 اغسطس 2021
مخاوف من عرقلة الاضطرابات الأمنية و"داعش" مشاريع التنمية في سيناء (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

تستمر الأعمال الهندسية في مشروع خط سكة حديد الإسماعيلية - سيناء، مروراً بقناة السويس، بعد فشل عملها في المرة الأولى عند إنشائها في عهد الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، عام 1997، إذ توقف عند مدينة بئر العبد، آنذاك ضمن مرحلته الأولى.
وتُظهر صور جديدة حصلت عليها "العربي الجديد" حصرياً، كميات من "الفلنكات" اللازمة كأساس لتجهيز سكة الحديد، في منطقة قريبة من قناة السويس، ضمن الأعمال القائمة بشكل متسارع في المشروع الممتد من الإسماعيلية وصولاً لشمال سيناء، فيما يمنع الجيش المصري الاقتراب من منطقة العمل، أو تصوير المنطقة، ويقوم بحملات تفتيش لهواتف المارة من الطريق الرئيسي هناك.
ويسعى نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إعادة تنشيط المشروع بكافة مراحله، في هذه المرحلة. ويأتي ذلك بعد أحاديث سياسية إسرائيلية وأميركية ضمن ما كان يسمى بـ"صفقة القرن" التي تشمل تطوير البنى التحتية في شمال سيناء (شمال شرقي مصر) لتخدم الفلسطينيين في قطاع غزة، من خلال تطوير مطار العريش، وهذا تم إنجازه، وميناء العريش كذلك، بالإضافة إلى إحياء خط سكة الحديد، ومشاريع أخرى تتعلق بالطاقة والمياه.

خط سكة الحديد الذي يجري العمل عليه يعد إعادة إحياء لمشروع قديم من فترة التسعينيات، ويهدف إلى ربط غرب القناة بشرقها، من خلال سكة حديد تنطلق من محطة الإسماعيلية غرباً وصولاً لمدينة رفح شرقاً

وفي تفاصيل العمل بالمشروع، قال مصدر حكومي بمحافظة شمال سيناء، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ خط سكة الحديد الذي يجري العمل عليه حالياً، يعد إعادة إحياء لمشروع قديم من فترة التسعينيات، ويهدف إلى ربط غرب القناة بشرقها، من خلال سكة حديد تنطلق من محطة الإسماعيلية غرباً وصولاً لمدينة رفح شرقاً، بما يشمل ذلك المرور على مطار العريش الدولي والميناء ومناطق العمل الاقتصادي في وسط سيناء، ومعبر رفح البري المؤدي إلى قطاع غزة، الذي يعد المتنفس الوحيد لسكان القطاع، وممرهم نحو العالم الخارجي.

ولم يحدّد المصدر قيمة كلفة مشروع إنشاء السكة الحديد المزمع إنشاؤها في سيناء ومصادر تمويله، وما إذا كان من الموازنة العامة للدولة أو عبر الاقتراض الخارجي كما هو الحال مع مشروعات قومية أخرى، آخرها مشروع القطار السريع البالغة كلفته 32 مليار دولار وفق تصريحات رسمية.

ويعد مشروع السكة الحديد بمنطقة سيناء استراتيجياً وتقوم على تنفيذه القوات المسلحة المصرية من خلال الهيئة الهندسية، بمشاركة مئات المهندسين والعمال، ويستغرق العمل به حتى نهاية العام المقبل، لإتمام وصول الخط إلى حدود قطاع غزة وإنشاء المحطات اللازمة لتسهيل حركة المسافرين والبضائع من سيناء إلى باقي المحافظات المصرية وبالعكس.
يشار إلى أنّ محافظة شمال سيناء تعاني من ضعف في البنى التحتية، لا سيما خطوط النقل والحركة، نظراً إلى تأثرها بالحرب القائمة بين تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" وقوات الجيش المصري منذ 8 سنوات تقريباً، وفي ظلّ إهمال الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عقود لمحافظة شمال سيناء، وإبداء الاهتمام بمحافظة جنوب سيناء نظراً إلى وجود المناطق السياحية فيها.

سكة حديد سيناء (العربي الجديد)

وتتهدّد المشروع الجديد المتعلق بخط سكة الحديد خطورة تعرضه للضرر والإعاقة على يد التنظيم الإرهابي الذي اعتاد استهداف مشاريع الجيش المصري في شمال ووسط سيناء على مدار السنوات الماضية.
وبحسب مراقبين، فإنّه عند الحديث عن مشروع بهذا الحجم والكلفة، ويتعلق بسيناء التي هجّر الجيش المصري آلاف السكان منها، لا بد من العودة إلى ما جاء في تقرير مركز أبحاث إسرائيلي يميني يتحدث عن معالجة "التحديات" التي يمثلها قطاع غزة لإسرائيل، من خلال تنفيذ خطة لتطوير شمال سيناء، عبر التوسع في بناء مشاريع بنى تحتية يمكن أن توظف في تحسين الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
وفي ورقة صادرة عنه، لفت "المركز الأورشليمي لشؤون المجتمع والدولة"، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد، وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، إلى أنّ تدشين بناء مشاريع بنى تحتية وسياحية في شمال سيناء، سيوفر فرص عمل للغزيين، إلى جانب مساهمته في معالجة مظاهر الحصار المفروض حالياً على القطاع.

وتقترح الخطة، التي أعدها العميد المتقاعد شمعون شابيرا، الباحث في المركز، والذي سبق أن عمل سكرتيراً عسكرياً لرئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو، أن تتولى كلّ من الولايات المتحدة والدول الخليجية مهمة التمويل.

وتشمل الخطة تدشين ميناء بحري داخل ميناء العريش الحالي، ليُسمح برسو السفن الكبيرة التي ستستخدم في عمليات الاستيراد والتصدير لصالح قطاع غزة، وهذا ما تم فعلياً.

وتتضمن الخطة أيضاً بناء مطار "دولي" في محيط العريش، يسمح بحركة البضائع والمسافرين من غزة وإليها، وهذا ما تم فعلياً بتوسيع حرم مطار العريش بقرار مباشر من السيسي، إلى جانب تدشين محطة لتوليد الكهرباء عبر استخدام الغاز الطبيعي، الذي يتم استخراجه من حقول الغاز المصرية في البحر الأبيض المتوسط، على أن يتم تزويد غزة وشمال سيناء بالكهرباء التي يتم إنتاجها في هذه المحطة، وهذا ما تم بإنشاء محطة كهرباء في مدينة الشيخ زويد.

وضمن المشاريع التي يقترحها المركز تدشين محطة لتحلية المياه في شمال سيناء، لتغطية حاجة سكان القطاع من المياه العذبة، وهذا المشروع تم الانتهاء منه بدعم من واشنطن، وافتتحه السفير الأميركي في القاهرة، إلى جانب تدشين خط سكة حديد يصل العريش بغزة، ليرتبط هذا الخط بالخط الذي يربط العريش بالقاهرة، وهذا لبّ الحديث، فيما أشارت الخطة إلى أنّ مشاريع البنى التحتية هذه يجب أن تكون تحت الإشراف المصري، ليسمح لسكان القطاع بالاستفادة من الخدمات التي تقدمها كما ينص على ذلك القانون المصري.

سيتمم تخصيص عشرات الملايين من الدولارات لعدة مشاريع، تهدف إلى توثيق الروابط بين قطاع غزة وسيناء من خلال الخدمات والبنية التحتية والتجارة

واستناداً إلى الخطة الاقتصادية التي صاغها كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فإنّهم كانوا يطمحون إلى أن يكون تقسيم رأس المال للمشاريع الجديدة بالطريقة التالية: 15 مليار دولار تأتي في شكل منح، و25 مليار دولار في شكل قروض، ونحو 11 مليار دولار من القطاع الخاص.

أما الـ179 مشروعاً، فتتوزع على النحو الآتي: 147 مشروعاً للضفة الغربية وقطاع غزة، و15 مشروعاً للأردن، و12 لمصر، و5 للبنان.
وسيتم تخصيص عشرات الملايين من الدولارات لعدة مشاريع، تهدف إلى توثيق الروابط بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء من خلال الخدمات والبنية التحتية والتجارة. كما سيتم تحديث خطوط الكهرباء من مصر إلى القطاع، وإعادة تأهيلها لزيادة قوتها. وتقترح الخطة أيضاً "دعم توسيع الموانئ وحوافز العمل للمركز التجاري المصري بالقرب من قناة السويس".

المساهمون