استمع إلى الملخص
- تعول حكومة إسرائيل على المساعدات الأمريكية وأموال اللوبي الصهيوني ومليارات من دول الخليج لسد العجز المالي، رغم فشلها في حسم حرب غزة ووجهت تحديات جيوسياسية وأزمات متعددة.
- تواجه إسرائيل أزمة هوية وتدهور صورتها العالمية كدولة قوية ومستقرة، مع تزايد الانتقادات الدولية والمقاطعة الخارجية لمنتجاتها، مما يهدد مستقبلها الاقتصادي والسياسي.
لم تعد تكلفة الحرب المتزايدة على غزة، والتي تتجاوز 60 مليار دولار، هي أبرز ما يؤرق الاقتصاد الإسرائيلي المأزوم وصانع القرار في دولة الاحتلال في الوقت الحالي، وإن كان العجز المتزايد في الموازنة العامة يؤرق المواطن، ذلك لأن حكومة نتنياهو لجأت لسلاح فرض مزيد من الضرائب لمعالجة العجز، وهو ما يستفز الممول والمستثمر الذي راح يصب جام غضبه على تلك الحكومة المتطرفة التي جلبت له الغلاء والفقر والعوز، وفشلت حتى في حسم المعركة في غزة، ولم تحقق انتصارات تذكر على المقاومة الفلسطينية سوى قتل مزيد من الأطفال والنساء والعجائز وتدمير البنية التحتية.
ولم يعد هروب الأموال والاستثمارات الأجنبية والخليجية وزيادة الإنفاق الدفاعي ووقف مشروعات التطبيع أمرا يؤرق حكومة الكيان، فهذه الأموال ستعود عقب تحقيق الانتصار الساحق على المقاومة الفلسطينية ومحو حركة حماس كما يزعم نتنياهو ورفاقه، كما أن المساعدات الأميركية وأموال اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ومليارات بعض دول الخليج يمكن أن تسد هذا العجز في وقت لاحق.
أي مستقبل ينتظر إسرائيل المأزومة اقتصاديا في ظل أزمات تلاحقها من غموض المستقبل ومخاطر جيوسياسية وفشل في حسم حرب غزة وأوامر باعتقال قادتها
ولم تعد أوامر الاعتقال الأخيرة لقادة الاحتلال من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أمرا يمثل خطرا للوضع الاقتصادي المتردي أو لأعضاء حكومة الحرب، صحيح أن القرار يحبط محاولات هؤلاء غسل سمعتهم القذرة عالميا، وينسف خطط دفع العالم إلى نسيان جرائم الإبادة التي يمارسونها، لكن هناك رهان على الإدارة الأميركية في الضغط على المحكمة وتقديم العون لتجاوز هذه الأزمة.
كما أن ما تردده المؤسسات العالمية وبنوك الاستثمار من أن الحرب على غزة التي امتدت إلى رفح يمكن أن تؤدي إلى حدوث انهيار اقتصادي شامل داخل الكيان، وأن العلاقة المتدهورة بين إسرائيل وأقرب حلفائها، الولايات المتحدة، خطر قد يضعف الانتعاش الاقتصادي وثقة المستثمرين في إسرائيل، فهذه النظرة يمكن أن تتغير بعد ذلك مع الضغط على تلك المؤسسات لتعديل موقفها وتصنيفاتها الائتمانية كما جرى في حالات سابقة.
ببساطة، أزمة دولة الاحتلال ليست مع عجز الموازنة، وتوقعات تراجع معدل النمو لأقل من نصف في المائة أو بالسالب، وليست مع كلفة الحرب المتنامية وقفزات الأسعار والركود والانكماش الذي يصيب الأنشطة الاقتصادية، أو حتى مع المقاطعة الخارجية المتزايدة لأسواقها وسلعها ومنتجاتها بما فيها السلاح والتقنية.
بل تكمن في ما هو أخطر، في مستقبل الكيان نفسه والذي بات مهددا من وجهة نظر المستثمرين في ظل حالة الغموض واللايقين التي تكتنف دولة الاحتلال، وحملة العداء العالمي المتزايدة ضد الكيان الذي يمارس جرائم الإبادة الجماعية في غزة وتفوق في ممارساته على جرائم هتلر وموسوليني وغيره من الطغاة في التاريخ.
مستقبل دولة الاحتلال بات على المحك، في ظل الهزة العنيفة التي ضربت ثقة العالم ومستثمريه في إسرائيل، وأنها صاحبة الجيش الذي لا يقهر، فألف مقاتل من المقاومة قهروا هذا الجيش يوم 7 أكتوبر، وقطاع محاصر منذ سنوات طويلة نجح في الصمود ولمدة تزيد عن 8 أشهر أمام آلة عسكرية ممولة بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة والمساعدات الأميركية والأوروبية.
إسرائيل خسرت كل شيء، سمعتها وقوة الردع التي كانت تتمتع بها، وبعد أن كانت تصور للعالم أنها واحة الاستثمار الآمن، بات الجميع يتعامل على أنها دولة هشة وفاسدة
إسرائيل خسرت كل شيء، سمعتها وهيبتها وقوة الردع التي كانت تتمتع بها على مدى يزيد عن 75 عاما، وبعد أن كانت تصور نفسها للعالم على أنها دولة الرفاه والتطور التكنولوجي والتقني، وواحة الاستثمار الآمن في المنطقة، والدولة الأكثر جذبا للاستثمارات الخارجية، بات الجميع يتعامل معها على أنها دولة هشة وفاسدة ماليا وسياسيا.
دولة عنصرية ومعدومة المصداقية، والأكثر خطرا والعليا من حيث درجة المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، وأنها دولة منبوذة سيئة السمعة تعيش على المجازر والدماء وقتل الأطفال، وبمثابة حصان أجرب يجب التخلص منه بسرعة بعد أن أصبح الكيان عبئا على الجميع بما فيهم الولايات المتحدة الحليف الذي قدم له مساعدات مالية تجاوزت 300 مليار دولار منذ تأسيسه في العام 1948.