أوروبا قلقة من أسعار الغاز... قادتها يجتمعون الأسبوع المقبل لدراسة الحلول

20 أكتوبر 2021
مظاهرات في مدريد ضد مشاريع الطاقة النظيفة (Getty)
+ الخط -

بينما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي فوق 1200 دولار لكل ألف متر مكعب، وارتفعت معها فواتير الوقود والتدفئة للمستهلك الأوروبي، تتزايد مخاوف الحكومات من التذمر الشعبي وتداعياته على الاستقرار السياسي في بعض دول القارة الأوروبية، خاصة تلك التي لا تملك الموارد المالية الكافية للتعامل مع أزمة ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود وكلف التدفئة مثل اليونان وإسبانيا والبرتغال.

وسط مخاوف الاضطرابات السياسية وربما حدوث أعمال شغب في شوارع المدن الكبرى، اقترحت المفوضية الأوروبية إجراءات جديدة مشتركة للتعامل مع أزمة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والوقود والنقص الكبير الذي تعاني منه دول المجموعة.
وحسب تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن قادة المجموعة سيناقشون هذا المقترح خلال اجتماع في الأسبوع المقبل قبيل توجههم إلى قمة "التغير المناخي" في مدينة غلاسكو شمالي بريطانيا والمقرر عقدها في نوفمبر.
ويتناول المقترح تنفيذ صفقات شراء مشتركة لبناء المخزون الاستراتيجي من الغاز الطبيعي، وتقديم دعم مالي للأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة التي لا تستطيع شراء احتياجاتها من الوقود والكهرباء، وخفض الضرائب على الأفراد والشركات.
وستضاف هذه الإجراءات الجديدة إلى الإجراءات التي تعكف على تنفيذها دول القارة بجهود منفردة.

تتخوف أوروبا التي تعاني بشدة من النقص في الغاز وارتفاع أسعاره من تفاقم أزمة التدفئة والكهرباء في الشتاء، خاصة بالدول الأعضاء التي تعاني من أزمات مالية

وتتخوف أوروبا التي تعاني بشدة من النقص في الغاز الطبيعي وارتفاع أسعاره من تفاقم أزمة التدفئة والكهرباء في فترة الشتاء المقبل، خاصة بالدول الأعضاء التي تعاني من أزمات مالية.
وكانت المدن الإسبانية قد شهدت مظاهرات خلال الشهور الأولى من العام الجاري. وتتخوف الحكومة الفرنسية من عودة احتجاجات "الياقات الزرقاء" إلى شوارع باريس التي أثارت موجة من الفوضى والرعب في العاصمة الفرنسية، حيث عطلت حركة المرور وحركة التسوق في صيف العام 2018 واستمرت لشهور عدة.
وحسب مؤسسة الخدمات الإعلامية الأوروبية "يورو سي تي آي في"، وهي مؤسسة إعلامية تُعنى بشؤون المفوضية الأوروبية، فإن الدول الأوروبية قامت حتى الآن بجهود منفردة للتعامل مع أزمات الغاز والوقود لتلافي تداعياتها على المستهلك وتحول عمليات التذمر الشعبي إلى احتجاجات، ولكن يبدو أن هذه الإجراءات غير كافية.

في باريس وعد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في خطاب منتصف الشهر الجاري بتقديم دعم مالي للمستهلك الفرنسي. وقال إن الحكومة ستقف إلى جانب المواطن في دعم فواتير الطاقة، كما قدمت الحكومة الإيطالية دعماً لنحو 3 ملايين من مواطنيها ذوي الدخل المحدود تجاه فواتير الكهرباء، كلفها حتى الآن نحو 3.4 مليارات يورو.
وفي بروكسل اقترحت الحكومة البلجيكية دعم المستهلك بنحو 760 مليون يورو في مقابل الارتفاع في فواتير الكهرباء وغاز الطبخ، بينما عمدت هولندا لخفض الضرائب على الوقود بما يوفر نحو 400 يورو للمستهلك سنوياً.
وفي اليونان التي تعاني من أزمات مالية وضربت جائحة كورونا السياحة خلال العامين الجاري والماضي، تتجه الحكومة لدعم فواتير الكهرباء والوقود بنحو 500 مليون يورو.
وحسب بيانات نشرتها "يورو سي تي آي في"، فإن المستهلك اليوناني من ذوي الدخل المحدود سيحصل على دعم شهري تجاه فواتير الطاقة تصل إلى 24 يورو، كما ستقدم الحكومة دفعة واحدة كبيرة تجاه فاتورة الطاقة للمستهلك الفقير. وخصصت الشركات كذلك مبلغ 326 مليون يورو لخفض فواتير الطاقة. وستحصل الشركات على هذه المبالغ من صندوق مالي لدى الحكومة اليونانية.

اليونان التي تعاني من أزمات مالية وضربت جائحة كورونا السياحة خلال 2021 و2022، تتجه الحكومة لدعم فواتير الكهرباء والوقود بنحو 500 مليون يورو

وحول أزمة الطاقة الحالية، يرى المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة، كادري سيمسون، أن "أزمة الطاقة الجارية حالياً هي أزمة استثنائية، وأن سوق الطاقة كانت تعمل بكفاءة خلال الـ20 عاماً الماضية، وإننا بحاجة للتأكد من أن سوق الطاقة الأوروبية ستعود لتلبية الاحتياجات كما كانت في السابق".
ويرى خبراء أن أزمة الغاز الطبيعي التي تعاني منها أوروبا تعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية، وهي تبني إجراءات الحد من التلوث البيئي في وقت لم تكن بدائل الطاقة النظيفة جاهزة.
والعامل الثاني أن الشركات الأميركية التي كانت تبيع الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وجهت شحناتها إلى آسيا التي ترتفع فيها الأسعار كثيراً عن أوروبا، وكذا إلى دول أميركا الجنوبية التي عانت من الجفاف وتناقص معدل توليد الكهرباء من الأنهار والشلالات وحجزت بعض الشحنات الأميركية. أما العامل الثالث فهو زيادة استهلاك الغاز الطبيعي بسبب تخلي دول عن استخدام توليد الكهرباء من الطاقة النووية مثل ألمانيا.

وتراجعت مخزونات الغاز في أوروبا خلال العام الجاري بسبب ارتفاع الاستهلاك في العام الماضي، واستمرار تدني درجة الحرارة حتى بداية شهر مايو/أيار الماضي، وهو ما أدى إلى زيادة السحب من المخزونات، وبالتالي انخفضت مخزونات الغاز الطبيعي بأوروبا بنسبة 25% من متوسط مستوياتها في خمس سنوات، حسب بيانات شركة "وود ماكينزي" للغاز الطبيعي في تقرير الربع الأول من العام الجاري.
يذكر أن بعض الدول الأوروبية التي تعاني بشدة من ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز مثل بولندا، اقترحت تعليق إجراءات البيئة النظيفة بدول الاتحاد الأوروبي إلى حين انفراج أزمة الغاز الحالية. وربما تطرح بولندا مثل هذا المقترح في اجتماع قادة أوروبا الذي سيعقد يومي 21 و22 من الشهر الجاري في بروكسل.

المساهمون