أموال الإمارات والبحرين لإسرائيل: استثمارات وتمويل مستوطنات

20 أكتوبر 2020
بدء رحلات الطيران المباشرة بين الإمارات والاحتلال (كريم صهيب/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت إسرائيل في حصد مكاسب ضخمة من التطبيع الاقتصادي مع كل من الإمارات والبحرين، وسط تسارع التطورات في ملف التعاون الاقتصادي بين الاحتلال وكل من الدولتين الخليجيتين.
وأُطلقت صباح أمس، الإثنين، أول رحلة تجارية مباشرة بين الإمارات وإسرائيل منذ التوقيع على اتفاق التطبيع بينهما قبل حوالي شهرين. كما دشّنت البحرين وإسرائيل رسميّاً في المنامة، أول من أمس، علاقاتهما الدبلوماسيّة الكاملة، ما يفتح الباب واسعاً للتعاون بين الطرفين في مجالات الاقتصاد والطيران المدني والمال والاتّصالات والزراعة.
وفي المقابل، أُطلقت تحذيرات فلسطينية، أمس، من المخاطر الكبيرة المترتبة على إقبال الإمارات على تمويل مشروع استيطاني للاحتلال، هو وادي السيلكون، والذي يتضمن إقامة فنادق ومعاهد تكنولوجيا حديثة ومرافق اقتصادية إسرائيلية.
وبرزت المخاوف الفلسطينية إثر إعلان نائبة رئيس بلدية إسرائيل في القدس، فلر حسن-ناعوم، وجود حماسة إماراتية لتمويل المشروع الذي تطلق عليه إسرائيل اسم "وادي السيلكون".
وكانت ناعوم قد زارت الإمارات الأسبوع الماضي، وأعلنت لاحقا في مقابلة مع صحيفة "ماكور ريشون" الإسرائيلية، أنها طرحت المشروع على مسؤولين ورجال أعمال إماراتيين، حيث وجدت حماسة له.
ووصفت ناعوم المشروع، الذي يتضمن إقامة فنادق ومعاهد تكنولوجيا حديثة ومرافق اقتصادية إسرائيلية، بأنه مفيد للفلسطينيين في القدس الشرقية.
لكن الجانب الفلسطيني يؤكد أن المشروع، الذي سيقام على أنقاض أكثر من 120 ورشة تصليح سيارات ومحل تجاري فلسطيني، سيغير معالم المدينة العربية.
مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، زياد الحموري، قال لوكالة الأناضول، أمس: "المشروع خطير، وهو يأتي في سياق مخطط إسرائيلي أوسع، يهدف إلى تغيير المعالم العربية لمدينة القدس وتهويدها".
وفي إطار تعزيز تطبيع العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، حطت طائرة تابعة لشركة الاتحاد الإماراتية في مطار بن غوريون، أمس، بعدما حلقت في الأجواء السعودية في طريقها إلى هناك.

وعدت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" الخطوة بأنها تمثل تدشينا لخطوط الرحلات التجارية المباشرة بين أبوظبي وتل أبيب.
ويمثل تسيير رحلة تجارية مباشرة بين الإمارات وإسرائيل، لأول مرة منذ التوقيع على اتفاق التطبيع بينهما، نقطة تحول فارقة، على اعتبار أن ذلك سيعزز السياحة المتبادلة.
وفي إطار استعدادها لتوظيف اتفاق التطبيع اقتصاديا، سبق أن أعدت إسرائيل خطة لجذب 100 ألف سائح من الإمارات سنويا. 
وما يغري وزارة السياحة الإسرائيلية باستهداف السياح الإماراتيين، أن السائح الإماراتي ينفق ما بين ألفين و20 ألف دولار في الرحلة السياحية الواحدة، حسب مراقبين.
إلى جانب أن أغلبية الإماراتيين يسافرون أكثر من مرة في العام، والكثيرون منهم ينزلون في فنادق خمسة نجوم. وقد أعدت وزارة السياحة الإسرائيلية بالفعل خطة تسويقية بهدف إغراء السياح الإماراتيين بالقدوم إلى إسرائيل.
وبعد حوالي شهرين على التوقيع على اتفاق التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، شرعت الأطراف الثلاثة في استنفاد الطاقة الكامنة في البنود الاقتصادية التي تضمنتها الاتفاقات.
فبعدما افتتح "صندوق الاستثمارات الوطني" الإماراتي مكتبا له قبل شهر في تل أبيب، وقعت كل من أبوظبي وتل أبيب، الأسبوع الماضي، على اتفاق لتشجيع الاستثمارات بينهما وتقديم ضمانات لتأمينها.
ويعد هذا الاتفاق هو أول اتفاق تتوصل إليه إسرائيل مع أي دولة من دول المنطقة منذ الإعلان عن إنشائها في العام 1948. 

وعلى الرغم من أن الاتفاق يفترض من ناحية نظرية أن يمنح المستثمرين من إسرائيل والإمارات على حد سواء بيئة استثمارية مريحة، إلا أنه في الواقع سيساعد بشكل خاص الشركات والمرافق الصناعية الإسرائيلية، التي تعمل منذ فترة طويلة في السوق الإماراتي. 

فهذا الاتفاق سيقلص من النفقات والإجراءات البيروقراطية التي كانت تفرضها عليها الاستعانة بطرف ثالث لتعمل من خلاله أو تحت واجهته في السوق الإماراتي.
ويخدم هذا الاتفاق قطاع الأعمال في إسرائيل بشكل خاص أكثر بكثير من نظيره في الإمارات، على اعتبار أن حاجة السوق الإماراتي للشركات الإسرائيلية المتخصصة في المجالات المتعددة أكبر بكثير من حاجة السوق الإسرائيلي للشركات الإماراتية، على اعتبار أن لدى شركات الاحتلال ما تعرضه في مجال التقنيات المتقدمة، المياه، التقنيات الصحية، الإنشاءات، الزراعة، والصناعات الغذائية وغيرها. 
وهذا سيدفع شركات إسرائيل للاستعانة بمزيد من القوى العاملة من الخبراء والفنيين، الأمر الذي سيساهم في تقليص مستويات البطالة التي تعاظمت في أعقاب جائحة كورونا.
وفي المقابل، فإن هذا الاتفاق يمكن رجال الأعمال والمستثمرين الإماراتيين فقط من شراء أسهم في الشركات الإسرائيلية، دون أن يكون بوسعهم التأثير على طابع هذه الشركات ونشاطاتها، من منطلق اعتبارات الأمن القومي. 
فعلى سبيل المثال، وافقت الحكومة الإسرائيلية على أن تحوز "موانئ دبي" على 30% من أسهم ميناء حيفا فقط، حتى لا يكون لها الحق في التأثير بشكل كبير على نشاطات هذا الميناء.
ناهيك عن أنه سيكون من المستحيل أن تسمح إسرائيل لرجال الأعمال الإماراتيين بأن يحوزوا على موطئ قدم في شركات التقنية والسايبر، التي تنتج تجهيزات وبرمجيات ذات استخدام أمني وعسكري أو مزدوج، على اعتبار أن هذا يمس الأمن القومي للاحتلال.
وكانت إسرائيل والإمارات قد اتفقتا، قبل أسبوعين، على تدشين منطقة تجارة حرة ثالثة، حيث وقع على الاتفاق اتحاد المكاتب التجارية الإسرائيلي، وعن الجانب الإماراتي غرفة تجارة وصناعة دبي. 

فضلا عن ذلك، فقد اتفقت وزارتا الصناعة الإماراتية والاقتصاد الإسرائيلية على تشكيل فريق موحد تمهيدا للتوقيع على اتفاق شامل حول الأنشطة المشتركة في المجالات الاقتصادية والصناعية، على أن ينجز الاتفاق في غضون 3 أسابيع، ويتوقع أن يتم توقيعه خلال الأسبوع أو الأسبوعين القادمين.
وفي ما يتعلق بالآفاق الاقتصادية للتطبيع مع البحرين، فقد تضمن اتفاق "المبادئ" الذي تم التوقيع عليه في المنامة في طياته فرصا اقتصادية كبيرة لإسرائيل.
وقد تضمن الاتفاق التوقيع على اتفاقات فرعية، تشمل: الاستثمارات، الطيران المدني، السياحة، التجارة، العلم والتكنولوجيا، البيئة، اتصالات وبريد، صحة، زراعة: طاقة وتعاون قضائي.
ويذكر أن وثيقة صدرت عن زارة الاستخبارات الإسرائيلية قبل شهرين، أشارت إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبحرين تمنح إسرائيل فرصا اقتصادية، على اعتبار أن نظام الحكم في المنامة يعكف على رؤية تقوم على تحويل البلاد إلى مركز مصرفي عالمي، وهو ما يمنح الشركات الإسرائيلية فرصة للاندماج في السوق البحريني.
ولم تستثن الوثيقة إمكانية أن تلجأ البحرين إلى استيراد التقنيات العسكرية الإسرائيلية على اعتبار أنها كثفت أخيرا من مبيعاتها من السلاح المتقدم.
إجمالا، لم يعد عقد الرهانات الكبيرة على العوائد الاقتصادية للتطبيع مع الدول الخليجية حكرا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير ماليته يسرائيل كاتس، بل وصلت الأمور إلى حد انضمام رئيس الموساد يوسي كوهين، الذي يتطلع لخلافة نتنياهو في قيادة حزب الليكود وإسرائيل، إلى الذين يبشرون بالتحولات الكبيرة التي ستطرأ على الواقع الاقتصادي، ولا سيما بعد بدء التوقيع العملي على الاتفاقات الاقتصادية.
ويكاد يكون التبشير بثمار التطبيع الهائلة السبيل لإخراج إسرائيل من أزمتها الاقتصادية جراء تفشي وباء كورونا، هو الرد التقليدي الذي يعكف عليه نتنياهو وقادة الليكود في مواجهة المتظاهرين المطالبين باستقالته جراء فشله في مواجهة الوباء وما تبعه من تداعيات اقتصادية.

المساهمون